8 سبتمبر 2024
1 فبراير 2024
يمن فريدم-خاص-إلهام الفقيه
نفايات طبية مكدسة أمام إحدى بوابات مستشفى الجمهوري بمدينة تعز

 

يعيش سكان مدينة تعز، الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، حالة من الخوف والمخاطر بفعل أضرار بيئية تهدد الأمن الصحي والنظام البيئي، نتيجة التلوث الناتج من النفايات الطبيّة الخطرة

 

يأتي ذلك مع استمرار الحوثيين بفرض حصار على مدينة تعز منذ تسعة أعوام، ممّا ساهم في تفاقم أزمة المخلفات الطبية الخطرة في المدينة، نتيجة قطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى مكب النفايات الرسمي، في ظل العشوائية التي تعمل بها المستشفيات والمرافق الصحية للتخلص من النفايات، وعدم تفعيل المحارق الخاصة بالمستشفيات.

 

 

 "شكاوي المواطنين

 

 

ومع استمرار عدم اتباع الطرق الصحيحة للتخلص من النفايات الطبية، ينتاب القلق سكان الأحياء المجاورة للمستشفيات، وبدأت الشكاوي تتزايد خشية النتائج الكارثية على حياتهم.

 

 

المواطن "أحمد غالب سعيد" من أهالي حي الجمهوري القريب من مستشفى الجمهوري التعليمي بمدينة تعز، يشكي واقع حال الأحياء السكنية المجاورة للمستشفى، وكشاهد عيان يقول:  " إن حوش مستشفى الجمهوري أصبح مقلب أولي للنفايات الناتجة من المستشفى بما في ذلك أجزاء بشرية الناتجة من عمليات الولادة أو استئصال ومختلف العمليات الجراحية". 

 

 

ويشاهد أحمد غالب وبشكل متكرر القطط والكلاب وهم يتناولون من أكياس القمامة الموجودة في حوش المستشفى، مع انتشار كثير للذباب والبعوض ومختلف الحشرات الضاره والناقلة للأمراض المعدية.

 

 

وأشار إلى أن المستشفى يمتلك محرقة خاصة لحرق المخلفات الطبية العضوية والصلبة، لكن لم يتم تفعيلها منذ سنوات،  ورغم الشكاوي المتكررة لمن لا احد.يسمع صوت المواطنين.

 

 

آسيا محمد (اسم مستعار) تعمل ضمن فريق عمال النظافة في مستشفى السويدي للأمومة والطفولة منذ سبعة أعوام، تقول إن عملها منذ سنوات بالمستشفى محفوف بالمخاطر وتعرضت لنكسات صحية مختلفه نتيجة غياب الاجراءت الآمنة للتخلص من النفايات الطبية، وعدم توفير الوسائل والأدوات اللازمة للعمل في نظافة المستشفى.

 

 

وأضافت أنه لا يوجد أية إرشادات أو توجيهات صحية يتبعها فريق عمال النظافة في المستشفى.

 

 

وأكدت أن كل صباح يتم تجميع المخلفات الطبية العضوية والصلبة في أكياس البلاستيك وتجميعها في إحدى زوايا حوش المستشفى حتى تأتي سيارة صندوق النظافة للتخلص منها.

 

تلوث ومخاطر 

 

 

تتسبب النفايات الطبيبة تلوثا بيئيا كبيرا وخطيرا جداً بحسب حديث  الباحث في المناخ والنظام البيئي الدكتور أنور الشاذلي الذي أكد "أن هناك مرافق صحية في تعز ترمي المخلفات في مجاري السيول، وهذي تعتبر كارثة بيئية، لأن مجاري السيول تسحب هذه المخلفات بما بها من ملوثات خطيرة وتلقي بها في مناطق تجميع مياه الأمطار التي تتغذى عليها المدينة وهذا الموضوع  قديم جداً، ولكن كانت نسبة التلوث منخفضة قبل الحرب، لكن الآن أصبح الموضوع شديد الخطورة وأصبح نسب التلوث فيه عالية جداً".

 

 

وأضاف الشاذلي "أن رمي القمامة في مقلب حدائق الصالح في الضباب يرفع نسبة الضرر، و التعامل معها انها نفايات منزلية أو نفايات مدنية وهذا خطير جداً، لأنه عند وصولها لهذا المكان يتم إحراق هذه المواد يعمل على بث كميات هائلة من الأبخرة في الهواء الجوي".

 

 

وتابع في حديثه "هذه الأبخرة تؤدي التلوث إلى سقوط أمطار ملوثة، وجريان سيول ملوثة و تلوث التربة وتلوث النباتات بشكل مباشر و تلوث الأراضي الزراعية، الآن أصبحت منطقة الضباب خصوصاً منطقة مقلب القمامة وماحولها من المناطق الملوثة بشكل كبير، خصوصاً ب الفلكدكسينات  بالأبخرة بالإنسان والغازات الدفيئة التي تؤثر على المناخ مثل ثاني اكسيد الكربون،  ينعكس ذلك على حياة كل سكان المدينة التي تعتمد على المياه الجوفية القادمة من المخا ومختلف الخضروات والفواكه القادمة من مزارع الضباب".

 

النفايات مصدر للأوبئة 

 

 

تعتبر النفايات الطبية مصدرا رئيسيا للأوبئة، خاصة المعدية التي تنتقل بشكل مباشر وسريع بين الناس أو الحيوانات، وهو ما يجعل وجودها في أماكن غير مخصصة لها مصدر قلق خاصة للسكان الذين يعيشون بجوار المستشفيات والمرافق الطبية، حيث إنها تفتقر لأبسط الوسائل لحفظها بعيدا عن العامة.

 

 

وطرحنا في "يمن فريدم" سؤال على دكتور الأوبئة والحميات، وائل سلطان الشرجبي حول الآثار التي تخلفها النفايات، وقال "إن آثار المخلفات الصحية لها آثار صحية كبيرة، منها تأثيرات صحية على حياة الإنسان مثل انتشار الأمراض الفيروسية ، والطفيليات والبكتيريا المعدية، وانتشار الجراثيم النتيجة من المزارع المخبرية.

 

 

وبحسب الدكتور الشرجبي فإنها " تسبب الإصابة بأمراض كثيرة وإذا وصلت إلى الجسم عن طريق الإبر والآلات الجراحية الحادة أو استنشاق أبخرتها عن طريق الهواء، أبرز تلك الأمراض، (فيروس الكبد، الحميات، الكوليرا، التيفود، الدفتيريا، بالإضافة لأمراض خطيرة كالسرطانات، أمراض الكُلى والفشل الكُلوي والأمراض التناسلية، السل الرئوي المزمن وغيرها من الأمراض). 

 

 

مناشدة المستشفيات 

 

 

تؤكد بعض المستشفيات أنها تتخذ اجراءات تقليدية للتخلص من النفايات، ويعود ذلك لضعف الامكانيات، وهو حالة مستشفى السويدي، الذي يقول مديره ، الدكتور سامي الشرعبي: "يتبع المستشفى النظام التقليدى للتخلص من النفايات نتيجة لامكانيات المستشفى المتاحة وضيق مساحة فنائها وحوشها، مع الحرص على عملية مراقبة الفصل لتلك النفايات من المنبع أي من الأقسام التخصصية نفسها لتسهيل وسلامة عملية التخلص من تلك النفايات”.

 

 

وأكد الشرعبيأن إدارة المستشفى وأدارة الجودة فيها ترتب لتفعيل غرفة أو (حفره) فى فناء المستشفى منها واحدة للنفايات العضوية الباثولوجية وكذا حفرة أخرى للنفايات الحادة لسحق تلك النفايات وتحطيمها، أما بقية النفايات الطبية الملوثة بالدم والقيح سيتم التنسيق مع منظمة أطباء بلاحدود التى وعدت للمساعدة  بالتخلص من النفايات الطبية الملوثة الخطرة المتبقية، ضمن خطتها المقبلة

 

 

 

يقول مدير مستشفى الجمهوري د.فواد الحداد، لـ "يمن فريدم" إن المستشفى يمتلك محرقه إتلاف المخلفات العضويه ،والأشياء الحادة، التي قد تسبب نقل مباشر للأمراض، لكن هناك اشكاليات توقفت المحرقه،نتيجة خلافات مع حراسة مركز القلب.

 

 

وأشار إلى أنه تم تحديد مراكز وضع المخلفات في أماكن مغلقة الإحكام حتى لا تتعرض أكياس القمامه للتمزيق من القطط في حوش الغسيل الكلوي، وتم إبلاغ مركز القلب بعمل الحل نفسه لتأمين ذلك، تاركا المسؤولية على عاتق صندوق النظافة، وتحميله مسؤولية ترحيل المخلفات لأكثر من مرة، كون مراكز المستشفى متعددة ولا يمكن أخذها مرة واحدة لعدم سعة سيارة القمامة.

 

 

إرساليات وتجاهل 

 

 

كما أن جزء من المسؤولية تقع على اعتق صندوق النظافة والتحسين في مدينة تعز الذي يعد من الجهات الأكثر أهمية في المساعدة على التخلص من النفايات الطبية والتلوث الناتج عنها.

 

 

وهنا تحدثت المدير التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين، إفتهان المشهري، عن مكمن مشكلة التلوث، وقالت  إن المدينة تعاني من تكدس كبير للقمامة مع خطر المخلفات الصحية الناتجة عن المستشفيات والمرافق الصحية".

 

 

ولم تقف إفتهان مكتوفة الأيدي وقامت بدورها منذ الأسبوع الأول من عملها في المكتب، حييث عقدت اجتماع مع مدراء المستشفيات والمرافق الصحية بحضور وكيل محافظة تعز للشؤون الصحية، واتفقت على آلية حديثة للتخلص من النفايات الطبية العضوية والصلبة في المستشفى، لكن إدارة المستشفيات لم تلتزم بأي معيار آمن أو تنفيذ إجراءات آمنة للتخلص منها، على حد قولها.

 

 

واوضحت أنها وجهت إرسالية إلى محافظة تعز والجهات المعنية والمستشفيات تلزمهم بتفعيل المحارق بالمستشفيات واتخاذ الإجراءات المناسبة والآمنة للتخلص من النفايات، وتقليل نسبة الخطورة الناتجه عنها.

 

 

حاولنا التواصل مع مكتب الصحة للرد.عن الاستفسارات المطروحة ،لكنه امتنع عن ذلك.

 

 

التوعية والتثقيف الصحي بمكتب الصحة 

 

 

تمثل دائرة التوعية والتثقيف الصحي دوراً هاما في رفع مستوى الوعي لدى العاملين في المستشفيات والمرضى الوافدين، وجميع هذه الأدوار تساعد على تقليل المخاطر التي تسببها النفايات الطبية.

 

 

وتعليقا على ذلك يقول مدير دائرة التوعية والتثقيف الصحي، تسير السامعي، إن الدائرة تعمل على توعية الكوادر الصحية بأضرار المخلفات الصحية وتوعية المواطنين بضرورة الاهتمام بوضع المخلفات الصحية في أماكنها المخصصة بحيث إن هذا ألاماكن لا تؤدي إلى أضرار، من خلال البروشورات والملصقات على جدران المرافق الصحية

 

 

و أكد على ضرورة أن يكون في كل مستشفى أو مرفق صحي محرقة خاصة يتم بها حرق المخلفات، "لأنه يوجد هناك معايير مخصصة أو معايير تحددها وزارة الصحة حول كيفية التخلص من هذه المخلفات من خلال الحرق وهناك محارق خاصة".

 

 

وأضاف "أنه يجب أن يكون هناك معايير تنطبق في إطار برنامج الجودة ومكافحة العدوى، هذا البرنامج هو برنامج موجود في المكتب وهو الذي يقوم بمراقبة المستشفيات وإلزامها بالمعايير الخاصة بنظام الجودة ومكافحة العدوى، لكن هذه الاجراءات تحتاج إلى سلطة قوية أو دولة قوية".

 

 

وأكد السامعي على أهمية قوة القانون ووجود الدولة التي تلزم المواطنين والمرافق الصحية بوضع معايير معينة للتخلص من هذه النفايات.

 

 

حلول ممكنة 

 

 

الحلول الممكنة خصوصاً على مستوى  مدينة تعز التي يمكن ان تخفف من هذه الظواهر والآثار الصحية والمخاطر على صحة الإنسان والبيئة والموارد الطبيعية الموجودة، وذلك من خلال تفعيل سلطة الدولة، وقانون حماية البيئة، إلزام الجهات المهنية والعاملة والتي تحمل الصفات المهنية الرسمية في مجال البيئة المناط بها إلزام المستشفيات بالتخلص الآمن من المخلفات الصحية في المستشفيات وكافة المرافق الصحية، والإلتزام بالمعايير الدولية في عملية التخلص، وتفعيل المحارق الخاصة.

 

 

كما يجب على صندوق النظافة والتحسين إفراز سيارات وطاقم عامل بالاتفاق مع المستشفيات حتى بمكافات شهرية لهذا الطاقم وتُخصص بنسب معينة مابين المستشفى المستفيد إذا كان مثلاً مستشفى خاصة أو مؤسسات خاصة أو حتى حكومية.

 

 

وهذه إحدى الحلول التي يمكن أن تجنب مدينة تعز تداعيات المخاطر الصحية جراء تراكم المخلفات في المستشفيات والمراكز الصحية، وهذا ما يأمله سكان المدينة خاصة أولئك الذين يعيشون جوار المرافق الصحية التي يقصدها المئات من المرضى يوميا.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI