بقليل من الشوق وكثير من العو، هكذا يستقبل اليمنيون شهر رمضان العاشر في ظل حرب مستمرة، خلفت الكثير من المآسي والمعاناة، والأزمات المركبة، أنهار فيها الاقتصاد وقلت فرص العمل وارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في مختلف المحافظات شمالا وجنوبا.
"رمضان بلا روح ولا رائحة للمطابخ"
على الرغم من استقرار أسعار الصرف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلا أن سكان المناطق الشمالية- صنعاء- ذمار- حوبان تعز- يشكون واقع الحال المعيشي المتدهور، وعجز الكثير من الأسر عن شراء المواد الغذائية الأساسية، وارتفاع حالة الفقر وعدد المعدمين.
المواطن خليل قائد إبراهيم يعمل مدرسا في إحدى مدارس مديرية السبعين في العاصمة صنعاء يشكوى واقع حال المواطنين مع اقتراب شهر رمضان بقوله " أصبح شهر رمضان ترتعب منه كل الأسر نتيجة الوضع الاقتصادي المر وانقطاع المرتبات وشحة فرص العمل،
واضاف أن ما يتم تقسيطه خلال أشهر من المرتب لم يعد كافيا لشراء كيسا من الدقيق أو تسديد ايجار للمنزل".
وأكد أن أسرته وأسر أخرى تستقبل رمضان العاشر منذ اندلاع الحرب بدون شغف أو تكلف والاكتفاء بشراء المواد الغذائية الأساسية والضرورية المعتادة في كل شهر.
كما ساهم الانقسام المصرفي من انحسار نسبة المشتريات في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، كما أوضح (إياد الشرعبي) أحد موظفي مكتب التربية في مديرية شرعب السلام يقول إن راتبه الشهري 60 ألف (عملة جديدة) تصل إلى منطقته 19 ألف ريال (عملة قديمة) أي لم تغطي احتياجاته اليومية لذا لجأ للعمل في أعمال أخرى بالأجر اليومي كغيرة من الموظفين.
ورغم استقرار أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية إلا أن السيولة المالية لدى المواطنين منعدمة.
وأشار إلى أن رمضان أضحى اسم "بلا روح ولا رائحة ولا روحانية" نتيجة ما خلفته الحرب المستمرة منذ تسعة أعوام، مؤكدا أن رائحة المطابخ تكاد تنعدم في الكثير من المنازل.
أوراق نقدية بلا قيمة
وفي مناطق الحكومة اليمنية تنهار العملة يوما بعد آخر وترتفع أسعار المواد الغذائيه والاستهلاكية، إضافة إلى معارك البحر الأحمر التي شكلت أزمة كبيرة نتج عنها ارتفاع الأسعار.
زيادة عبده خالد، عامل بالأجر اليومي وسط مدينة تعز، يقول إنه يعمل بشكل يومي ويتقاضى قرابة 15000 ريال يوميا اجره اليومي... لكنه يعود إلى المنزل وقد صرف كل ذلك المبلغ واحتياجاته اليومية.
ويتساءل "من اين نأتي بمصاريف رمضان ونحن على باب الله اذا توقف العمل يومين لم نحصل على قوت يومنا؟" خصوصا خلال شهر رمضان تنحسر أسواق العمل بكسل كبير جدا وتتوقف الكثير من الأعمال.
واضاف أن خلال الأعوام السابقة يأتي رمضان ويلجأ إلى الاعتماد على الشراء بالآجل والدين الذي يعجز عن تسديده خلال أربعة إلى خمسة أشهر بعد إنتهاء شهر رمضان.
كساد الأسواق التجارية للمواد الغذائية
لم تؤثر الحرب على المستهلكين من المواطنين فقط، بل تأثر الأسوق بشكل كبير جدا تسبب في خسارة كبيرة تعرض لها التجار ومنهم من أغلق محله.
محمد سرحان أحد تجار مدينة تعز وعضو تكتل تجار تعز يقول إن السوق التجارية وإقبال المواطنين على الشراء يتراجع عام بعد آخر نتيجة الصعود المستمر لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
واضاف أن شهر شعبان ورمضان كانا يعتبران موسم سنوي للتجار إلا أن في زمن الحرب أصبح موسم لإنقاذ موادهم المكدسة والمشارفة على الانتهاء خصوصا المواد الغذائية الأكثر استهلاكا في رمضان.
وأشار إلى أن السوق التجاري أصبح صراعا لأجل البقاء الحفاظ على رأس مال التجار، وأن الكثير من التجار الصغار والمتوسط أغلقت محلاتهم نتيجة التضارب المستمر لأسعار الصرف واضطراب أسعار المواد الغذائيه وعدم استقرار الأسعار.
يؤكد ذلك عبدالوارث الخلي (تاجر مواد غذائية سابق بمدينة إب) يقول إن تجارته انحسرت منذ مطلع العام 2017، وتراجعت بشكل كبير نتيجة كساد المنتجات وفرض الجبايات التى تمارسها جماعة الحوثي وعزوف المواطنين عن الشراء الكماليات والاكتفاء بشراء المواد الغذائية الأساسية والضرورية.
دور مكتب الصناعة والتجارة ضعيف
نتيجة اضطراب أسعار الصرف والارتفاع المتفاوتة للأسعار يحدد ذلك من قدرة المكاتب الصناعية في المحافظات في تحديد وضبط أسعار السلع ويؤثر على المستهلك بشكل مباشر.
على ضوء ذلك قال مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة تعز، مصطفى الأديمي لـ "يمن فريدم" " إن وضع المواطن بشكل عام صعب اقتصاديا متأثر بإنهيار العملة المحلية والتي تشكل انعكاس على اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، مقارنة بالدخل الشهري للمواطن الذي اصبح ضئيل جد، فلا يكاد يغطي أساسيات الحياة الضرورية، فعدم استقرار سعر صرف العملة الوطنية أمام العملة الاجنبية ينعكس ذلك على ارتفاع السلع، فاليمن بلد مستهلك أكثر مما هو منتج ومعظم الاستهلاك والاحتياج يتم استيراده من الخارج وبالعملات الأجنبية".
وأشار إلى أن أسعار السلع الأساسية منها الدقيق والقمح تشهد ارتفاع في السعر من المصنع في صوامع عدن بالتوازي مع ارتفاع سعر الصرف، بالإضافة لفارق النقل لتعز وهامش الربح... ونتيجة لعدم استقرار سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية والذي يؤثر على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والأساسية ارتفاعا يحد من قدرة المكتب على تحديد سعر موحد للسلع والخدمات، يأتي ذلك مع أحداث البحر الأحمر التي شكلت ارتفاعا لتكاليف النقل البحري بسبب ما تتعرض له السفن التجارية فقد ارتفعت مبالغ التأمين البحري 400% على السفن التجارية العابرة والواصلة للمنافذ البحرية في اليمن".
وتابع في حديثه "هناك بعض التجار الجشعين بدلا من مراعاة الوضع الاقتصادي للمواطن وخاصة في شهر رمضان المبارك يغتنمون الفرصه باستغلال المواطن سواء بالمغالاة والاحتكار والمواد المنتهية و التالفة وإحالتها للنيابة المختصة لإتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك بموجب قانون التجارة الداخليه ويتم النزول بشكل يومي للأسواق لمعرفة مدى انسياب السلع وتوفرها وخاصة السلع الأساسية".
ووجه مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة تعز دعوة للتجار المستوردين على فتح أسواق جديدة (شرق وغرب آسيا والدول العربية) لاستيراد المواد الغذائية مع وجود تسهيل الاجراءات لهم، وهذا سيساعد على كسر عملية الاحتكار ويخلق منافسة بين التجار والمستوردين بتوفير المواد وبأسعار أقل، على حد قوله.
وعن دور الحكومة أكد الأديمي أنه يجب على الحكومة الشرعية في الوضع الراهن الحد من استيراد المواد الكمالية وغير الضرورية للمساهمة في الحفاظ على النقد الأجنبي وتخصيصه للأساسيات والضروريات، إلى
جانب دعم وتشجيع القطاع الزراعي وتشجيع المزارعين.
وفي عام عام خاصو في شهر شعبان يشهد البلد إنهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار تتفاقم حدتها يوما بعد آخر ويعيش المواطن على أمل تراجع الأسعار أو الاستقرار عند سعر محدد.