2 يوليو 2024
8 فبراير 2024
يمن فريدم-توفيق الشنواح


في ظل ظروف تعددت اتجاهات تعقيداتها وتشعبت خيوط أجنداتها، جاء تعيين وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك في رئاسة الحكومة لمواصلة قيادة حروب "الشرعية" الشتى في غير جبهة وميدان خلفاً لمعين عبدالملك الذي قضى في المنصب نحو سبعة أعوام.

ويقف أستاذ إدارة الأعمال على رأس الحكومة التي خاض معها نزالات عدة داخل وخارج البلاد كان أحدها اعتقاله في العاصمة صنعاء على يد الحوثيين مطلع عام 2015 وهو في منصب مدير مكتب الرئاسة، عندما كان يسارع مع لجان مؤتمر الحوار الوطني إلى إكمال مسودة الدستور الجديد للبلاد بعيد أيام من وصول عربات الدفع الرباعي للميليشيات القادمة من شعاب مران ورازح وضحيان بمحافظة صعدة، معقل تنظيم الحركة المدعومة من إيران.

لماذا ابن مبارك؟

وعلى رغم تخفف الدبلوماسي من الخلفيات الأيديولوجية والأحمال الحزبية واقتصار عهده السياسي بفترة الحرب وما قبلها بقليل، إلا أن نجم الأكاديمي اليمني لمع واتسع بالتزامن مع صعود الرئيس التوافقي السابق عبدربه منصور هادي عام 2012 الذي كلفه بهندسة الحوار المنعقد في أعقاب الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عام 2011، في مسعى حثيث إلى إخراج البلاد من أوضاعها الصعبة وتحدياتها المتعددة وصياغة عقد جديد للمستقبل قبل أن يهيل عليه الحوثي التراب وينقلب على الدولة في سبتمبر (أيلول) 2014.

وقبلها لفت الأنظار إليه منذ أول منصب تقلده كأمين عام لمؤتمر الحوار ثم مديراً لمكتب الرئاسة وسفيراً لبلاده لدى الولايات المتحدة، قبل أن يصعد وزيراً للخارجية لدوره المناهض للمشروع الحوثي في البلاد.

ويعود اختيار ابن مبارك المنتمي لمحافظة شبوة الجنوبية في مسعى من مجلس القيادة الرئاسي إلى إيجاد حل توافقي في توزيع سلطات الدولة العليا بتمثيل يشمل جميع المناطق اليمنية.

توافق الهرم

وأثار انتماء شاغلي المناصب العليا من الشمال الجدل في أوساط اليمنيين الذي كان يتمثل في رئاسة مجلس القيادة ورئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النواب وغيرها من القطاعات المدنية والعسكرية والدبلوماسية، ولإيجاد حال من التوافق كان ثمة ضرورة لتغيير رئيس الحكومة بشخصية جنوبية تتمتع بخبرة وتوافق وكفاءة.

إلا أن مراقبين يذهبون إلى أبعد من ذلك في شأن حال التباين السياسي داخل تركيبة مجلس القيادة الرئاسي الذي تشكل في أبريل (نيسان) 2022 من ثمانية أعضاء يمثلون طيف القوى اليمنية التي تسيطر على المناطق غير الخاضعة لسلطة الحوثيين، ويترأسه رشاد العليمي.

وخلال الأسبوع الماضي رفع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعد رئيسه عيدروس الزبيدي عضواً في مجلس القيادة نبرة احتجاجه ضد الحكومة إلى حد التلويح بمنع عودة الحكومة لمدينة عدن، العاصمة الموقتة للبلاد، والتي يسيطر على مفاصلها الأمنية والعسكرية.

مهمات جلال

وعلاوة على أثقال الأحمال السياسية ومهمات إصلاح التباين والارتباك داخل الحكومة والتعاطي مع جهود دعوات السلام مع ميليشيات الحوثي، تنتظر ابن مبارك جملة من المهمات الإدارية ومنها عملية إصلاح الأوضاع الاقتصادية المتردية وإيقاف انهيار العملة المحلية الذي يعد من أعقد الملفات التي تنتظر حلولاً في القريب العاجل، وانتظام صرف الرواتب إضافة إلى مهمات توحيد القرار العسكري والأمني للقوى المنضوية تحت لواء الشرعية اليمنية في مواجهة المشروع الحوثي.

في وجه الإفلاس

كما تنتظره مهمة تتعلق بتعزيز إيرادات الدولة المهددة بالإفلاس وإعادة تصدير النفط والغاز اللذين يشكلان نحو 67% من إجمال إيرادات موازنة الحكومة، إذ توقف تصدير النفط والغاز عقب هجمات شنتها ميليشيات الحوثي استهدفت نهاية عام 2022 موانئ التصدير بالصواريخ والطائرات المفخخة، والسبب كما يقول الحوثيون هو تقاسم إيرادات البلاد، تبعها تهديد صريح من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بقصف الموانئ النفطية في حال عاودت عمليات التصدير.

ويأتي هذا العجز في الإيرادات بالتزامن مع تفاقم الأوضاع الإنسانية الأسوأ على مستوى العالم، إذ يواجه نحو 18 مليون نسمة من إجمال السكان البالغ نحو 30 مليون نسمة انعدام الأمن الغذائي، في حين فاقمت تأثيرات تغير المناخ مثل الجفاف والفيضانات وانعدام المياه الأزمة الإنسانية.

أما على الصعيد السياسي فابن مبارك ابن الدبلوماسية، وسلكها الساخن مما يمنحه معرفة وحضوراً سلساً في جانب حشد الجهود الدولية لدعم الحكومة الشرعية، وخصوصاً مع تصاعد العمليات الحوثية في البحر الأحمر، وسعي الشرعية إلى كسب موقف دولي يدعم مساعيها باستعادة السيطرة على محافظة الحديدة المطلة على الممر الدولي المهم، وخصوصاً ورئيس الحكومة الجديد كان سفيراً لدى الولايات المتحدة التي تدفع بمواقف أكثر تشدداً من ذي قبل تجاه الحوثيين واحتمال منح التنسيق بين الجانبين بعداً أوسع وأقوى من ذي قبل قد يسهم في إحداث تغييرات عسكرية ضد الحوثيين ستبدأ من السواحل الغربية للبلاد.

وفي تعليق على التعيين يقول سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ‏"يونيسكو" كي ينجح أي تغيير فإنه يجب ألا يركز على تغيير الأشخاص وحسب، ولكن لا بد من تغيير المنظومة المتمثلة في السياسات والرؤى.

ويضيف في تغريدته على موقع "إكس" أنه "لو أتينا بأنبغ الأشخاص إلى منظومة مختلة فإنها ستعيد إنتاجه ليتجانس معها، إلا إذا كان من ذوي العزم الذين يجترحون تغيير المنظومات".

(اندبندنت عربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI