رغم التحذيرات الدولية، رئيس الوزراء الإسرائيلي يصر على شنّ هجوم عسكري في رفح، فيما تحدث الوسيط القطري عن مفاوضات "غير واعدة".
ومشروع قرار جزائري يقدم لمناقشته في مجلس الأمن الثلاثاء، تهدد الولايات المتحدة بوأده.
ورغم كل الضغوط والنداءات الدولية من التداعيات الإنسانية الكارثية لأي هجوم عسكري على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدد يوم السبت (17 فبراير/ شباط 2024) عزمه شنّ هجوم عسكري على رفح متحدثا إلى الصحفيين في القدس أنّ "كل من يريد أن يمنعنا من تنفيذ عمليات في رفح يقول لنا في النهاية: اخسروا الحرب".
وأضاف "أنه لن يسمح بحدوث هذا الأمر، ولن تدعن الحكومة الإسرائيلية للضغوط الدولية في هذا الشأن". وأردف القول "لكن بعد أن نتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال والانتقال إلى مناطق آمنة".
وردّاً على تقارير إعلامية أفادت بأن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين قد يعترفون بالدولة الفلسطينية دون موافقة إسرائيل، قال نتنياهو إن إسرائيل تحت قيادته ستعارض بشدة مثل هذا "الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية". وحذر من منح الفلسطينيين دولة بعد ما وصفه بـ"هذا الإرهاب غير المسبوق".
وقال إن الأطراف الدولية لن تملي شروط أي تسوية سلمية مستقبلية مع الفلسطينيين، كما "لا يمكن التوصل إلى تسوية إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين دون شروط مسبقة".
تأتى تصريحات نتانياهو ردّاَ على سيل من الدعوات الدولية، بما في ذلك من الولايات المتحدة حليفة إسرائيل الأساسية، لعدم المضي قدما في عملية عسكرية بمدينة رفح حيث يتجمع 1.4 مليون شخص، معظمهم نازحون، على الحدود المغلقة مع مصر، وفق أرقام الأمم المتحدة.
وفي ختام مؤتمر ميونخ للأمن في نسخته الستين اليوم الأحد، تحتل الحرب في قطاع غزة صدارة المناقشات فيما سيشارك رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في حلقة نقاشية، صباح الأحد، حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية بحضور وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.
هدنة متعثرة
إلى ذلك أعلن الوسيط القطري أنّ المفاوضات "لم تكن واعدة" في الأيّام الأخيرة لإرساء هدنة بين إسرائيل وحماس، خاصة مع تواصل القصف المدمّر في خان يونس ورفح، ما أدى السبت إلى مقتل نحو مئة شخص، حسب وزارة الصحّة التابعة لحماس.
وتجري محادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر سعيا إلى وقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس. ولم يستبعد رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر ميونيخ للأمن إلى "إمكانية التوصل إلى اتفاق قريباً جداً" إلا أنه أردف أن "النسق الذي ساد في الأيام القليلة الماضية لم يكن واعداً جداً حقاً". وأضاف "سنظل دائما متفائلين وسنواصل الضغط دائما".
وقال المسؤول القطري: "هذه هي المعضلة التي وقعنا فيها وللأسف أساءت دول كثيرة استخدامها، ومفادها أنّه من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار، فإن من الضروري التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن. ينبغي ألا يكون ذلك مشروطا".
يذكر أن حماس هددت بتعليق مشاركتها في المفاوضات إذا لم يتم تسليم المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في شمال القطاع. وهو الأمر الذي جدد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية على تأكيده السبت متمسكا بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
بيد أن إسرائيل رفضت المطلبين مرارا، مع مواصلة جيشها قصف القطاع الصغير فدمر أحياء بكاملها، وتسبّب بنزوح 1.7 من أصل 2.4 مليون نسمة، وأثار أزمة إنسانية كارثية حسب الأمم المتّحدة.
وتأتي العملية العسكرية الإسرائيلية ردّا على هجوم غير مسبوق لحماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، خلّف 1160 قتيلا، معظمهم مدنيون، وفقا لإحصاء أجرته وكالة فرانس برس مستندا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وردّاً على هجوم حماس، تعهّدت إسرائيل بـ"القضاء" على الحركة، وأطلقت حملة عسكرية مدمّرة دخلت شهرها الخامس، قتل فيها 28858 شخصا حتى الآن إلى جانب آلاف المفقودين، غالبيتهم العظمى نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وتقول إسرائيل إنّ 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصا خطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وتقول حماس إن القتلى بين الرهائن سببه القصف الإسرائيلي.
تدهور الأوضاع في مستشفى ناصر
ومنذ أسابيع، يركّز الجيش الإسرائيلي عملياته في خان يونس، مسقط رأس زعيم حماس في غزة يحيى السنوار الذي تعتبره إسرائيل العقل المدبر لهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر. ويعتبر القتال بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلي حماس الأعنف في هذه المدينة التي تحولت إلى ساحة خراب.
وفي مستشفى ناصر، انقطع التيّار الكهربائي وتوقّفت المولّدات بعد مداهمته، ما أدّى إلى وفاة ستة مرضى بينهم طفل، حسب حصيلة جديدة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحماس السبت.
ووفقا الجيش، دخلت القوات المستشفى الخميس بناء على "معلومات استخبارية موثوقة" تفيد بأنّ رهائن ممّن خُطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر محتجزون في المنشأة الطبية وأنّ جثث بعضهم قد تكون هناك أيضا.
وأعلن الجيش السبت أنّه اعتقال 100 شخص في المستشفى بشبهة قيامهم بـ"أنشطة إرهابية"، وأنّه عثر على قذائف وقنابل يدوية وأسلحة أخرى تابعة لحماس.
وهذا المستشفى واحد من 11 مستشفى لا يزال في الخدمة من أصل 36 منشأة طبية في قطاع غزة قبل الحرب.
اجتماع بمجلس الأمن
وفقاً لتقارير إعلامية، من المرجح أن يصوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء القادم على مشروع قرار جزائري يحث المجلس المؤلف من 15 عضوا على المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، في خطوة لوحت الولايات المتحدة بأنها ستستخدم ضدها حق النقض (الفيتو).
وطرحت الجزائر مشروع قرار أولي قبل أكثر من أسبوعين. لكن سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد سارعت إلى القول إن النص قد يعرض للخطر "المفاوضات الحساسة" التي تهدف إلى التوصل إلى وقف مؤقت للحرب.
ونقل دبلوماسيون أن الجزائر طلبت أمس السبت من المجلس التصويت يوم الثلاثاء. ويحتاج قرار مجلس الأمن الدولي لإقراره إلى موافقة تسعة أصوات على الأقل وعدم استخدام الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا أو الصين أو روسيا حق النقض (الفيتو).
وقالت توماس غرينفيلد في بيان أمس السبت إن بلادها "لا تؤيد اتخاذ إجراء بشأن مشروع القرار هذا. وإذا طرح للتصويت بصيغته الحالية فلن يتم تبنيه".
وتحمي واشنطن تقليديا حليفتها إسرائيل من أي تحرك في الأمم المتحدة، واستخدمت حق النقض مرتين بالفعل ضد قرار المجلس منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
لكنها امتنعت أيضا عن التصويت مرتين، مما سمح للمجلس بتبني قرارات تهدف إلى تعزيز المساعدات الإنسانية لغزة ودعت إلى فترات هدنة إنسانية عاجلة وممتدة في القتال.