كشفت مصادر مطلعة عن أن ممثلي مجموعة الدول العربية الست سلموا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقاء في العاصمة المصرية الخميس الماضي، ورقة سياسية تشكل أساساً لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتقوم على إنشاء مسار موثوق لإقامة دولة فلسطينية خلال فترة لا تزيد على ثلاثة أعوام.
وقالت المصادر لموقع "الشرق" إن المجموعة التي ضمت وزراء خارجية كل من (مصر، السعودية، الإمارات، قطر، الأردن، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، طلبت من بلينكن دراسة الورقة وتقديم رد أمريكي بصورة عاجلة.
ونصت الورقة على وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع وإقامة مسار لإنشاء دولة فلسطينية على حدود عام 1967، تبدأ بتطبيق كل البنود والأجزاء المعطلة من اتفاق أوسلو، مثل الانسحاب الإسرائيلي من مناطق الإدارة الأمنية والمدنية للسلطة الفلسطينية التي تسمى (أ) و (ب) التي تشكل 40% من مساحة الضفة الغربية وتشمل المدن الرئيسة.
وتشمل كذلك التوقف عن اقتحام هذه المناطق وعودة الأمن الفلسطيني للمعابر وإنشاء المطار والميناء وتطبيق المرحلة الثالثة من الانسحاب الإسرائيلي من مناطق "ج" التي تشمل 13% منها، والتوقف عن الاقتطاعات المالية وغيرها.
ونصت أيضاً على إجراء مفاوضات فلسطينية - إسرائيلية في شأن إنشاء الدولة على مراحل خلال ثلاثة أعوام.
وقالت المصادر إن الورقة الجديدة قامت على أساس المبادرة العربية للسلام التي أعلنها الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عام 2002.
غارات ومعارك وقتلى
ويشهد قطاع غزة اليوم الخميس غارات جوية ومعارك شرسة بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين فلسطينيين أسفرت عن سقوط 66 قتيلاً خلال الليل بحسب حركة "حماس"، في وقت أعادت حكومة بنيامين نتنياهو فتح الباب أمام محادثات مع الحليف الأمريكي في شأن هجوم بري محتمل على رفح.
وأعلنت وزارة الصحة في "حماس" فجر الخميس سقوط ما لا يقل عن 66 قتيلاً في قطاع غزة خلال الليل بضربات إسرائيلية خصوصاً، في حين تحدث مسؤول محلي كبير عن معارك قرب مدينة غزة في الشمال وخان يونس في الجنوب.
وبموازاة ذلك، تحدثت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن مواجهات في بلدات عدة في الضفة الغربية المحتلة.
ويواصل الجيش الإسرائيلي الذي يتهم مقاتلين من "حماس" بالاختباء في مستشفيات هجوماً باشره في 18 مارس/ آذار على مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة.
وفي خان يونس، يشن الجنود عمليات في منطقة مستشفيي ناصر والأمل اللذين تفصل بينهما مسافة كيلومتر واحد.
وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني في وقت سابق من هذا الأسبوع بخروج مستشفى الأمل التابع للجمعية في خان يونس عن الخدمة "بعد إجبار قوات الاحتلال طواقم المستشفى والجرحى على إخلائه وإغلاق مداخله بالسواتر الترابية".
ورداً على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار في مجلس الأمن الدولي دعا الإثنين إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في قطاع غزة، ألغت حكومة بنيامين نتنياهو إرسال وفد إلى واشنطن للبحث في نية إسرائيل شن هجوم بري على رفح في أقصى جنوب قطاع غزة.
لكن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى أعلن الأربعاء أن "مكتب رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) قال إنه يرغب في تحديد موعد جديد للاجتماع المخصص لرفح. نحن ننسق معه الآن لتحديد موعد مناسب".
بعد مدينة غزة وخان يونس، تريد إسرائيل مواصلة هجومها البري حتى مدينة رفح الواقعة عند الحدود المغلقة مع مصر حيث يحتشد 1.5 مليون فلسطيني غالبيتهم من النازحين من القتال في مناطق أخرى.
وتخشى الولايات المتحدة حليفة إسرائيل الرئيسة من الحصيلة البشرية لهجوم مماثل وتفضل خيارات أخرى.
بموازاة ذلك، أكدت قطر الوسيط مع مصر والولايات المتحدة، استمرار المفاوضات للتوصل إلى هدنة تمتد على أسابيع عدة في القتال تترافق مع الإفراج عن رهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وقالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي إنها تلقت "تهديدات" بعد أن أكدت في تقرير أن "ثمة أسباباً منطقية" تدفع إلى القول إن إسرائيل ارتكبت كثيراً من "أعمال الإبادة".
وأبدى عدد كبير من الدول غالبيتها عربية ومسلمة فضلاً عن أمريكية لاتينية، دعمها هذا الأسبوع للمقررة الخاصة التي تثير جدلاً، إذ يرى مراقبون أنها تدلي أحياناً بتصريحات قوية جداً.
وخلفت الحرب أزمة إنسانية كارثية. وتقول الأمم المتحدة إن المجاعة بات يصعب تلافيها في القطاع البالغ عدد سكانه 2.4 مليون نسمة معظمهم نازحون ويعيشون منذ نحو ستة أشهر أهوال الحرب والحصار اللذين أسفرا عن تدمير البنية التحتية وحرمانهم من الغذاء والماء والوقود والكهرباء.
ومنذ اندلاع الحرب لا تسمح إسرائيل التي تسيطر على المعابر سوى بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدة وتخضعها لعمليات تفتيش مطولة.
وبهدف تخفيف المعاناة لا سيما عن سكان الشمال الأكثر حرماناً، لجأت بعض الدول إلى إلقاء الأغذية من الجو.
وقال الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) جيمس إلدر "المساعدات الغذائية تنزل عادة بالمظلات عندما يكون الناس معزولين، على مسافة مئات الكيلومترات، ولكن هنا، المساعدة التي نحتاج إليها لا تكاد تبعد بضعة كيلومترات، لذلك علينا استخدام الطرق البرية!".
ودعت "حماس" إلى وقف عمليات الإنزال بعد مقتل 12 شخصاً غرقاً وستة جراء التدافع لدى جمعها.
وقال عدي نصار (27 سنة) عن الذين غرقوا على شاطئ السودانية شمال مدينة غزة لوكالة الصحافة الفرنسية "دخل شباب وأولاد في البحر حتى يحصلوا على الأكل من المظلات والصناديق التي فيها. ماتوا. فهم لا يعرفون السباحة. راحوا وما رجعوا".
ودارت اشتباكات بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حركة "حماس" بالقرب من ثلاثة مستشفيات، فيما قتل عشرات الفلسطينيين في قصف إسرائيلي مكثف على قطاع غزة المحاصر والمهدد بالمجاعة.
زيادة القصف "بعد قرار" وقف إطلاق النار
وقال موسى ضهير (31 سنة) من سكان رفح وتعرض منزله لغارة دمرته فجر الأربعاء وقتل فيها 7 من أفراد عائلته ونازحون لجأوا إليه "كنت في البيت عندما ضربوه، حضنت ابنتي الصغيرة وتركتها تنام ورأيت المكان كله رماد، خرجت وجدت أن البيت كله وقع، كما ترون. لا علاقة لنا بالفصائل. إنه ضرب عشوائي".
وأضاف، "بعد قرار مجلس الأمن زاد القصف. أرجو ألا يصدروا قرارات لوقف النار، كلما أصدروا قرارات ضربونا أكثر".
من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي أن طائراته قصفت "عشرات الأهداف" التي وصفها بأنها "أنفاق ومجمعات عسكرية وبنية تحتية إرهابية". وقال إنه يواصل عملياته في خان يونس لا سيما منطقة مستشفى الأمل الذي أغلقه بعد إخلائه من الموظفين والمرضى.
وقالت وزارة الصحة إن الجيش اقتحم مجمع ناصر الطبي الذي تحاصره الدبابات في خان يونس وطلب عبر مكبرات الصوت من مئات النازحين والكوادر الطبية مغادرة المستشفى باتجاه رفح، "وسط إطلاق النار والغارات الجوية".
وقال متحدث باسم الجيش "لم ندخل مستشفى ناصر. ننفذ عمليات في المنطقة".
وفي شمال غزة، يواصل الجيش لليوم العاشر محاصرة مجمع الشفاء الطبي ويخوض اشتباكات في محيطه. ومنذ اقتحام المجمع في 18 مارس/ آذار يؤكد الجيش أنه ينفذ "عمليات دقيقة"، مؤكدا "منع إلحاق الضرر بالمدنيين والمرضى والفرق والمعدات الطبية".
ولا يعرف بعد عدد ضحايا العملية ولا مصير النازحين والجرحى والكادر الطبي داخل المجمع وفي الأحياء المحيطة حيث تحدث سكان عن مشاهدة الكثير من الجثث في الشوارع وعن قصف وهدم العديد من المنازل.
وقال الجيش إنه اعتقل حتى الآن المئات وقتل العشرات ممن وصفهم بأنهم "إرهابيون".
وقال الإعلام الحكومي إن الجيش "قصف بالمدفعية مبنيي الجراحات والطوارئ والاستقبال في المجمع ما أسفر عن إحراقهما، واعتقل عشرات المدنيين".
ونقل عن شهود عيان أن الجيش نسف مباني في شارع فلسطين في حي الرمال المجاور وأن اشتباكات تدور حول المجمع الطبي في حيي الرمال وتل الهوى ومخيم الشاطئ القريب منه.
مجاعة داهمة
تقول الأمم المتحدة إن المجاعة بات يصعب تلافيها في القطاع البالغ عدد سكانه 2.4 مليون نسمة معظمهم نازحون ويعيشون منذ نحو ستة أشهر أهوال الحرب والحصار اللذين أسفرا عن تدمير البنية التحتية وحرمانهم من الغذاء والماء والوقود والكهرباء.
ومنذ اندلاع الحرب لا تسمح إسرائيل التي تسيطر على المعابر سوى بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدة وتخضعها لعمليات تفتيش مطولة.
وبهدف تخفيف المعاناة لا سيما عن سكان الشمال الأكثر حرماناً، لجأت بعض الدول إلى إلقاء الأغذية جوا. لكن "حماس" دعت إلى وقف عمليات الإنزال بعد مقتل 12 شخصا غرقا وستة جراء التدافع لدى جمعها.
ونفذت الأربعاء خمس عمليات إلقاء مساعدات شمال القطاع بمشاركة الأردن ومصر والإمارات وألمانيا وإسبانيا.
اندلعت الحرب إثر هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول وأوقع وفق الأرقام الإسرائيلية أكثر من 1160 قتيلاً معظمهم مدنيون. كذلك خُطف حينها نحو 250 شخصاً ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم.
ورداً على هذا الهجوم غير المسبوق، تعهدت إسرائيل "القضاء" على "حماس" وباشرت عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة أسفرت وفق وزارة الصحة التابعة للحركة عن مقتل 32490 شخصا وإصابة 74889 بجروح معظمهم من الأطفال والنساء.