21 نوفمبر 2024
4 مايو 2024
يمن فريدم-اندبندنت عربية


فاز عمدة لندن صادق خان بولاية ثالثة رسخت فوز حزبه في الانتخابات المحلية البريطانية. حيث ضم "العمال" لرصيده أكثر من 180 مقعدا بلديا جديدا مقارنة بعام 2019. فيما سجل "المحافظون" أسوأ خسارة منذ 40 سنة. بينما تمكنت الأحزاب الصغيرة من تعزيز مواقعها البلدية، وارتفع رصيد المستقلون بنحو 100 عضو على امتداد إنجلترا.

عندما لجأ رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك إلى سلفه الأسبق ديفيد كاميرون، منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ليدير الشؤون الخارجية للمملكة المتحدة. كان يريد التفرغ للشارع الساخط على حزب "المحافظين"، ويعالج مشكلات جعلت الناس ينفرون منه. ولكن نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة تقول إن سوناك لم يربح معاركه الداخلية، بل أصبح أقرب بكثير إلى خسارة السلطة، ومغادرة المنزل رقم 1 في الاستحقاق البرلماني المقبل.

من بين 11 بلدية شملتها الانتخابات على امتداد إنجلترا تركزت الأنظار على 3 بشكل رئيس، أولها بلدية لندن التي ظفر فيها العمالي صادق خان بولاية ثالثة، منتصرا على مرشحة الحزب الحاكم سوزان هيل. أقر خان بأن المنافسة كانت صعبة وبقيت معلقة حتى اللحظات الأخيرة، ولكن يبدو أن اللندنيين قرروا منح رئيس البلدية المسلم خمس سنوات أخرى ليكمل ما بدأه من مشاريع بيئية وخدمية في العاصمة.

خسارة هي الأكبر منذ 40 عاماً، كبدت "المحافظين" أكثر من نصف المقاعد البلدية التي كانت بحوزتهم في عام 2019، أججت النقمة على رئيس الوزراء داخل حزبه كما الشارع. وكان يمكن أن يترجم التمرد الداخلي المستمر ضد سوناك منذ أشهر إلى خطوات لإطاحته. ولكن يبدو أن العاصفة لم تتحول إلى تسونامي، بل تبدلت لمجرد زوبعة في فنجان، أو أنها تلاشت كما يتوقع تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية.

صحيح أن في عالم السياسة باب المفاجآت يبقى موارباً، والهامش الزمني أمام "المحافظين" لإجراء الانتخابات العامة يمتد حتى نهاية شهر يناير/ كانون الثاني 2025. ولكن "اللحظة المناسبة" لخطوة مثل استبدال رئيس وزراء لا تتكرر كثيراً. وتحتاج إلى مبرر يقنع المؤيد قبل المعارض، في بلاد يكمن القول الفصل فيها لصناديق الاقتراع.

يقول كبير محرري "التايمز" مايكل بنيون، إن كلفة تغيير سوناك على "المحافظين" أكبر بكثير من مكاسبها. فحتى المتمردون عليه بين "النواب الزرق" يعرفون أن مشكلة الحزب الحاكم اليوم لم تعد في القائد، وإنما في تضعضع ثقة البريطانيين بهذه السلطة التي تدير شؤون الدولة منذ عام 2010. وقد شهدت المملكة المتحدة في ظلها كثيراً من الأزمات، ناهيك بمشكلات وفضائح رئيسي الحكومة السابقين بوريس جونسون وليز تراس.

يلفت بنيون في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن هزيمة الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية المقبلة قادمة، سواء كان بزعامة سوناك أو غيره. يحتاج الأمر إلى معجزة من نوع لتغير مسار الأحداث، برأيه. ولكن ما يجب أن يحرص عليه المحافظون اليوم هو ماذا يمكن أن يفعلوا كي يتجنبوا الخسارة الساحقة في ذلك الاستحقاق.

"معاقبة" العمال

بعيداً من الهزيمة المؤلمة لـ"المحافظين" هناك ما يستحق التأمل والتمعن في الانتخابات المحلية. فالنصر المؤزر الذي حققه "العمال" مثلاً لم يخل من "الصدمات". وقد عوقب زعيم الحزب كير ستارمر لتأييده الحرب الإسرائيلية على غزة، كما كان يتوقع كثر. ووفق الأرقام تراجعت نسبة التصويت للعمال بنسبة 11% ضمن مناطق إنجليزية يشكل المسلمون فيها نسبة 10% أو أكثر، من إجمالي السكان.

"لعنة" حرب غزة على "العمال" ظلت محدودة لأنها وقعت في مناطق يتمتع فيها بنفوذ كبير. ولكن حزب "workers" الجديد المؤيد لفلسطين، ويتزعمه النائب جورج غالوي، فاز بأربعة مقاعد بلدية، اثنان منهما في روتشديل وواحد في كالديرديل والأخير في مانشستر حيث أطاح نائب رئيس البلدية عن حزب "العمال" لوثفور الرحمن.

سارع ستارمر بالدعوة إلى الانتخابات البرلمانية حتى قبل إعلان الفائزين بمنصب العمدة في ثماني دوائر في الأقل. وتفسير ذلك وفق تقرير لصحيفة "ذا تايمز"، هو أن "الاستياء الشعبي" من حزب "المحافظين" في الانتخابات المحلية بدا واضحاً جداً، وربما وجد زعيم "العمال" أنه من المناسب توظيفه فوراً في دعم فرضيته "بأن البريطانيين باتوا في حاجة إلى التغيير، وحزبه وحده هو القادر على تجسيد تطلعاتهم في هذا المنحى".

"الاستياء الشعبي"

الاستياء الشعبي الذي حاول ستارمر استغلاله ظل محدوداً في مناطق مثل "تيس فالي" التي حافظ المحافظون على بلديتها وعمدتها. ونصر الحزب الأزرق في تلك الدائرة يشير بحسب رئيس الوزراء إلى أن "العمال" لم يفوزوا في الأماكن التي قالوا إنهم سيفوزون فيها، مشدداً على أن حزبه وحده "لديه خطة لمستقبل أفضل للبلاد".

المتخصص في أبحاث الرأي جون كيرتس، قال في تحليل لصحيفة "آي" إن "العمال" استفاد من رغبة الناخبين في إلحاق الهزيمة بـ"المحافظين" أكثر من إظهارهم "الحماسة" تجاهه. ولكن الباحثة في الشأن البريطاني جاسمين كلير تعتقد أن النقمة على الحزب الحاكم وزعت على جميع الأحزاب المتنافسة، ونال المستقلون نصيباً جيداً منها.

وتلفت كلير في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن النتائج التي حققتها الأحزاب الصغيرة، وعلى رأسها "الليبراليون الديمقراطيون" تدلل بوضوح على أن الناخبين لا يثقون بصورة كاملة في طرح "العمال" وبرنامجهم الذي لا يزال ينطوي على كثير من إشارات الاستفهام. فجاءت النتائج التي تشير إلى أن البريطانيين يمكن أن يغامروا بدعم أحزاب صغيرة أو مستقلين إذا لم يتلقوا من الأحزاب الرئيسة في الدولة ما يطمئنهم واقعياً.

أضاف "الليبراليون الديمقراطيون" أكثر من 100 مقعد بلدي إلى رصيده. وحصل "الخضر" على زيادة تفوق 70 مقعداً، فيما حصد المستقلون نحو 100 مقعد إضافي. لكن هذه الأرقام لم تطغ على ضوضاء انتخابات عمد البلديات في عموم إنجلترا. وبقيت المعارك على هذه المناصب محصورة بين الحزبين الكبيرين في المملكة المتحدة.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI