وصل عدد الجامعات اليمنية حتى نهاية العام الماضي إلى 95 جامعة وكلّية، منها 21 جامعة حكومية، و74 جامعة وكلية أهلية، يتخرج فيها حوالى 40 ألف طالب وطالبة سنوياً.
وأصبح لدى اليمن جامعات أكثر ممّا لدى جمهورية مصر التي تملك حالياً 92 جامعة وكلية يدرس فيها أكثر من مليونين ونصف مليون طالب وطالبة، ويتخرج فيها سنوياً حوالى 350 ألف طالب وطالبة.
وانتشار الجامعات الأهلية مرده إلى مبدأ الاستثمار في قطاع التعليم العالي، بعد تبيان الربحية العالية التي يمكن تحقيقها من خلال استقطاب الطلاب، باعتبار أن الرسوم المطلوبة تتراوح ما بين 3 آلاف و10 آلاف دولار أميركي سنوياً تبعاً للتخصص وسمعة الجامعة.
ومبالغ بهذا الحجم تقود إلى مضاعفة التفاوت الاجتماعي، كون الجامعات الخاصة تفرض رسوماً عالية لا يتحملها سوى المقتدرين.
هذه الطفرة التي وسعت نطاق التعليم العالي كانت بمثابة استجابة لمتطلبات سوق الطلب الداخلي. ومع أنه يفترض أن تتحسن جودة التعليم، إلا أن هذا الأمر لم يتحقق لأسباب عدة، من بينها الحرب المندلعة، وما تشهده البلاد من صراعات تجاوزت البنية المحلية إلى المحيط الإقليمي.
فالحرب بما يرافقها من تفكك وضعف في بنية الإدارة العامة، بما فيها الجانب الأكاديمي، تقود إلى إضعاف القدرة على مراقبة الجودة ومعايير الاعتماد، وبالتالي تحدث أفدح الأضرار التي تنال من جودة التعليم وقيمة الشهادات.
ثم إن المسارعة في الحصول على الترخيص دون تأمين المتطلبات اللوجستية من شأنه أن يقود إلى فقدان مقومات المرافق التعليمية كالمكتبات الخاصة والملاعب والمنشورات العلمية والمطابع. ويقود هذا الاستسهال إلى هجرة العقول الرصينة، والإخلال بالتوازن الأكاديمي بسبب هجرة الطلاب من المناطق المحرومة إلى مناطق وجود الجامعات.
ويصف عدد من الأكاديميين الجامعات الأهلية بأنها باتت دكاكين وليست جامعات، وانتشارها على هذا النحو تعبير عن فوضى تجارية. فقبل الحرب كان في اليمن بعض الجامعات التي لديها الحد الأدنى من مقومات التعليم العالي، ثم جاءت الحرب وتبعاتها وما تفعله سلطات الأمر الواقع، لتقضي على ذلك الحد الأدنى، فأضحت ما تسمى جامعات لا قيمة تعليمية لها. مع ذلك، هناك أكاديميون جادون يبذلون قصارى جهدهم في العمل على الأبحاث ومساعدة طلابهم في ظروف شديدة البؤس والإجحاف.
وانعكس ضعف التعليم في المدارس الثانوية والأساسية على مستوى الطلاب الذين يلتحقون بالجامعات اليمنية المختلفة.
ويواجه أساتذة الجامعات والعاملون في القطاع التربوي مشاكل عدة مع الطلاب خلال السنوات الماضية بسبب المستوى الضعيف، إلى درجة يتساءلون فيها عن كيفية تخطي هؤلاء مراحل التعليم الأساسية والثانوية.
وبات مستوى الطلاب المتدني محل تندر على وسائل التواصل الاجتماعي وبين الأساتذة. فالنصوص التي يكتبها الطلاب الجامعيون غير مقروءة، ومليئة بأخطاء القواعد والإملاء.
وتبدو المفارقة أن العديد من الجامعات تتقبل مستوى طلابها من دون أن تحاول دفعهم إلى الأمام. المهم فقط هو دفع الأقساط وتسليم الشهادات لمن يدفع المطلوب.
والملفت أن الطلاب لم يعد لديهم ثقة بالجامعات المذكورة، فبحسب وزارتَي التربية والتعليم في كلٍّ من عدن وصنعاء، فإنّ عدد خريجي الثانوية العامة في العام الدراسي 2022-2023 بلغ 245 ألف طالب وطالبة، لكن من يصل منهم إلى التعليم العالي هو السدس تقريباً، ما يشير إلى مشاكل كثيرة وكبيرة تحول دون متابعتهم الدراسة، وأبرزها انسداد آفاق التوظيف أمام خريجي الجامعات وعجز الأسر عن الإنفاق على أبنائها، والمبالغة في الرسوم المطلوبة سنوياً من الطلاب بالنسبة للجامعات الخاصة، وكذلك ما تتطلبه تلك الحكومية من مخصصات النفقات الخاصة.
(العربي الجديد)