زعيم الحوثيين يعتبرها "دعماً للكيان الإسرائيلي"
اليمن.. قرارات حكومية "تصعيدية" للضغط على بنوك صنعاء
فيما اتخذ البنك المركزي في عدن التابع للحكومة اليمنية المعترف بها، أمس الخميس، قرارين تصعيديين قضى الأول بإيقاف التعامل مع ستة بنوك في صنعاء، وقضى الثاني بسحب العملة الورقية القديمة المتداولة في مناطق جماعة"أنصار الله" (الحوثيون)، قال زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، إن "الضغط على البنوك في صنعاء يأتي ضمن الخطوات الأمريكية دعمًا للكيان الإسرائيلي".
وذكر زعيم جماعة "أنصار الله"، أمس الخميس، أن عمليات قواتهم استهدفت "منذ بداية عمليات الإسناد" 129 سفينة، موضحًا أن عملياتهم خلال هذا الأسبوع بلغت 12 عملية في البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي وباتجاه البحر الأبيض المتوسط، ونُفّذت بـ27 صاروخًا بالستيًا ومجنحًا وطائرة مسيّرة.
وأوضح في خطابه الأسبوعي المتلفز أن 10 من عملياتهم استهدفت 10 سفن إسرائيلية وأمريكية وبريطانية، بالإضافة إلى سفن تابعة لشركات كسرت قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة.
وأكد استمرار عملياتهم وعدم وجود ما يمكن أن يؤثر عليها، قائلًا: "ليس هناك عوامل سياسية ولا عوامل اقتصادية ولا أي عوامل أخرى يمكن أن تؤثر على عملياتنا".
واتهم زعيم جماعة "أنصار الله" ما اعتبرها ثلاث دول عربية (لم يسمها) بالاشتراك مع الأمريكيين ودول أوروبية في “محاولة اعتراض صواريخنا وطائراتنا المسيرة باتجاه الكيان الإسرائيلي".
وأضاف أن "العدوان الأمريكي البريطاني فشل فشلًا ذريعًا في تحقيق هدفه بإيقاف العمليات العسكرية اليمنية المناصرة لغزة".
وقال: "أي خطوات عدائية على بلدنا لن تثنينا عن موقفنا المساند لغزة، حتى لو اتجهت بعض الأنظمة العربية للقتال خدمة للعدو الإسرائيلي".
التصعيد الاقتصادي
وحول الإجراءات المتخذة من الحكومة المعترف بها تجاه البنوك في صنعاء، قال: "الأمريكي يحاول أن يورط السعودي في الضغط على البنوك في صنعاء، وهي خطوة عدوانية ولعبة خطيرة".
في 2 إبريل/ نيسان الماضي، أصدر البنك المركزي اليمني، الذي تُديره الحكومة اليمنية المعترف بها، قرارًا قضى بإمهال البنوك والمصارف التجارية في صنعاء 60 يومًا لنقل مراكزها الرئيسية إلى مدينة عدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد.
وقبيل انتهاء المهلة مع بقاء البنوك محتفظة بمقراتها الرئيسية في صنعاء، أقرّ البنك المركزي في عدن، أمس الخميس، إيقاف تعامل البنوك وشركات ومنشآت الصرافة مع ستة بنوك في صنعاء: (بنك التضامن، بنك اليمن والكويت، بنك اليمن والبحرين الشامل، بنك اليمن الدولي، بنك الأمل للتمويل الأصغر، بنك الكريمي للتمويل الأصغر).
وأرجع ذلك إلى "فشل البنوك المُشار إليها في الالتزام بأحكام القانون وتعليمات البنك المركزي وعدم الامتثال لمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
كما اتخذ البنك المركزي في عدن قرارًا ثانيًا، في سياق الحرب الاقتصادية المتصاعدة بين البنكين في عدن وصنعاء، قضى بسحب العملة القديمة من الأوراق النقدية المطبوعة قبل عام 2016، وهي التي يتم التعامل بها في مناطق سيطرة جماعة "أنصار الله".
ودعا البنك المركزي اليمني في عدن "كافة الأفراد والمحلات التجارية والشركات والجهات الأخرى والمؤسسات المالية والمصرفية ممن يحتفظون بنقود ورقية من الطبعة القديمة ما قبل العام 2016 ومن مختلف الفئات سرعة إيداعها في البنك المركزي أو البنوك التجارية والإسلامية في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها خلال مدة أقصاها ستون يوماً".
وتأتي هذه الخطوة في سياق الضغط الحكومي على الحوثيين باتجاه الموافقة على التعامل مع الطبعات الجديدة من العملة الورقية النقدية التي توالى طباعتها من قبل الحكومة المعترف بها خلال الحرب الراهنة، وما زال يقتصر التعامل بها في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها لرفض الحوثيين تداولها في مناطق سيطرتهم باعتبارها طُبعت من دون غطاء نقدي من العملة الأجنبية على حد قولهم.
واعتبر مراقبون أن القرارات الصادرة، الخميس، عن البنك المركزي في عدن تمثل استباقاً لانتهاء المهلة التي منحها البنك المركزي للبنوك التجارية والمصارف الإسلامية ومصارف التمويل الأصغر في صنعاء لنقل مقراتها الرئيسية إلى عدن وهي المهلة التي تنتهي، اليوم الجمعة.
وقال ّأحدهم: "مدخرات السكان في مناطق الحوثيين هي بالعملة القديمة، وهي المسموح التعامل بها في مناطقهم، الأمر الذي لن يدفعهم لإيداعها في البنوك في مناطق الحكومة واستبدالها بالعملة الجديدة، لأن ذلك من شأنه أن يعرضهم لمخاطر اقتصادية، لأن استبدالها بالعملة الجديدة لن يفيدهم في شيء إلا في حال انتقلوا للعيش في مناطق نفوذ الحكومة، وهذا أمر مستبعد على صعيد تجاوب المواطنين مع القرار".
واستدرك: "لكن مثل هذا الوضع لن يستمر ولا يجب أن يستمر، لأن العملة القديمة باتت في حكم التالفة، ولن يتم استخدامها طويلًا ما يتطلب معالجات حقيقية يلتزم بها الطرفان لحل مجمل الإشكالات ذات العلاقة بالقطاع المصرفي، بما ينعكس على حياة الناس واستقرار سعر العملة وإلغاء ازدواج الرسوم الجمركية، وكل مما من شأنه تسهيل انسيابية نقل البضائع في كافة أرجاء البلاد، وهذا يقتضي إلغاء كل القرارات السابقة في سياق عملية سلام تلغي كل القرارات التي اقتضتها الحرب، والتي من شأنها تكريس الانفصال الاقتصادي في البلد المنقسم سياسيًا واقتصاديًا".
الصحافي الاقتصادي، رشيد الحداد، قال في تصريح لـ"القدس العربي" إن هذه القرارات “انفعالية وغير مدروسة وسيكون لها تداعيات على القطاع المصرفي وعلى الحركة التجارية".
وقال: "كانت هذه القرارات متوقعة، وخاصة فيما يتعلق بالتصعيد ضد القطاع المصرفي، وكذلك قرار وقف التعامل بالعملة القديمة التي تُعد قانونية كونها طُبعت بغطاء نقدي".
وتابع أن "البنوك (في صنعاء) انحازت إلى مصالحها ومصالح ومودعيها، وبقت إلى جانب أصولها، ونأت عن نفسها الدخول في حلبة الصراع السياسي، ولكن استفزاز البنك المركزي في عدن بقرار التصنيف الأمريكي ضد حركة أنصار الله ليس منطقيًا، وهو بمثابة ابتزاز لتلك البنوك التي لعبت دورًا كبيرًا في الاستقرار الاقتصادي، وتمكنت خلال السنوات الماضية من القيام بدور الدولة في تمويل واردات البلاد وإنهاء الكثير من الأزمات".
فيما يتعلق بقرار وقف التعامل بالعملة المحلية القديمة التي طًبعت قبل الحرب، أضاف الحداد: "هذا القرار كان متوقعًا منذ سنوات، ولكن إصداره اليوم سيضاعف من الانقسام النقدي، وستكون له تداعيات سلبية على الحركة التجارية بين المحافظات الجنوبية والشمالية. يُضاف إلى ذلك أنه سيدفع المواطنين لشراء العملات الصعبة في تلك المحافظات، كونها ستحل محل الحوالات المحلية التي كانت تتم قبل القرار بالعملات المحلية، ولذلك الحوالات المحلية بعد القرار ستتم بالدولار والريال السعودي، يضاف إلى أن مثل هذا القرار لن يكون له أي آثار تضخمية على الوضع في صنعاء، كون سلطة "أنصار الله" في صنعاء غير معترفة بالبنك المركزي في عدن وتتعامل بالعملة القديمة بسعر صرف 530 ريالًا بقدر ما سيعمق، في الوقت نفسه، الأزمة بين صنعاء وعدن".
فيما اعتبر رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد"، فتحي بن لزرق، أن ما يحصل هي حرب اقتصادية بين الغرب وجماعة أنصار الله. وقال في "تدوينة": "الحرب الاقتصادية الدائرة حاليًا هي حرب في الأساس بين بعض القوى الغربية والخبرة (الجماعة) في صنعاء”.
وأضاف: "اختارت هذه القوى أن تضرب الجماعة من بوابة البنك المركزي اليمني في عدن. صحيح أن هذه القرارات ستحدث ضررًا كبيرًا بالجماعة، لكنها ستحدث في المقابل ضررًا كبيرًا في المحافظات المحررة، وهو ضرر للأسف الشديد سينعكس على وضع الناس ومعيشتها وسعر الصرف، ولن تهب هذه القوى لمعالجته".
(القدس العربي)