7 يوليو 2024
10 يونيو 2024
يمن فريدم-اندبندنت عربية-كفاية أولير


هناك عدد لا يحصى من الأسباب المعقدة لارتفاع أسعار الشحن ولكن أحدها بسيط بصورة صادمة، وهو انخفاض عدد السفن ذات الحاويات الفارغة في الصين لنقل البضائع.

ولسوء الحظ من المستحيل سد النقص على الفور فيما يثير هذا النقص الدهشة، لأنه حتى وقت قريب كانت السفن تحوي عدداً كبيراً جداً من الحاويات مقارنة بالطلب السائد، وكان ذلك بعد أن أنفقت شركات الشحن والمؤجرون مبالغ كبيرة على المعدات الجديدة أثناء الوباء لتخفيف الازدحام.

واليوم تتدافع السفن مرة أخرى للعثور على حاويات وهذه المرة بسبب تغيير مسار السفن، في أعقاب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وتقول "بلومبيرغ" في تقرير مطول رصد التحديات التي يواجهها الشحن البحري إنه ليس بالإمكان التنبؤ بطبيعة الجغرافيا السياسية، لكن الصناعة البحرية الموثوقة في نقل نحو 90% من سلع العالم، والتي كسبت مئات المليارات من الدولارات خلال الوباء لا تزال تفتقر إلى القدر الكافي من المرونة، وتشير إلى أن الزيادة الأولية في أسعار الشحن، التي نتجت من اتخاذ السفن طريقاً أطول بكثير حول رأس الرجاء الصالح، في مارس/ آذار الماضي، بفعل هجمات الحوثيين كانت قد تلاشت قبل أن ترتفع الأسعار الآن بصورة أكبر، وسط علامات على تكثيف ازدحام الموانئ في آسيا والشرق الأوسط، إذ رفعت "أي بي مولير" و"ميرسيك أي أس"، هذا الأسبوع توقعات أرباح العام بأكمله للمرة الثانية خلال شهر واحد.

وحدد المسؤولون التنفيذيون ومراقبو الصناعة السبب وراء ذلك، إذ قال الرئيس التنفيذي لشركة "غلوبال شيب ليس إنك" جورج يوروكوس للمحللين الشهر الماضي، "في الوقت الحالي بدأنا نرى علامات واضحة على نقص الحاويات التي إلى جانب ازدحام الموانئ، تذكرنا بأعوام كوفيد".

ومن جانبه توقع الرئيس التنفيذي لشركة "أم بي سي كونتينر شيبس أيه أس أيه النرويجية" كونستانتين باك الأسبوع الماضي، أن هذا النقص "قد يصبح أكثر وضوحاً في الأسابيع والأشهر المقبلة إذ لا تتوافر الحاويات الفارغة في المكان الذي ينبغي أن تكون فيه".

تدفق الحاويات عملية أكثر تعقيداً

ويشكل الحفاظ على تدفق حاويات الشحن الفارغة تحدياً دائماً لأن التجارة العالمية غير متوازنة، فالصين مصدر صاف كبير للبضائع في حين تعد الولايات المتحدة مستورداً صافياً، وفي المتوسط ينقل ما يقارب ثلث الحاويات فارغة حتى يمكن إعادة وضعها، واليوم أصبحت إدارة هذه العملية أكثر تعقيداً.

وكان الطلب أقوى من المتوقع، ربما بسبب إعادة التخزين والبداية المبكرة لموسم الذروة، في حين تقضي السفن وقتاً أطول في البحر، وتمتص سعة السفن والحاويات. وقال الرئيس التنفيذي لشركة "هاباغ لويد أي جي" رولف هابن يانسن للمستثمرين الشهر الماضي "أنت ببساطة في حاجة إلى مزيد من الحاويات لنقل الكمية نفسها من البضائع"، مضيفاً أن شركته كانت مستعدة جيداً.

وتقول "بلومبيرغ" إنه لم يعد من السهل الوصول إلى موانئ شرق البحر الأبيض المتوسط ​​عبر قناة السويس، بالتالي تفرغ شركات النقل البضائع في الموانئ الغربية مثل برشلونة، مما يعني أن البضائع تواجه تأخيرات إضافية قبل الوصول إلى وجهتها النهائية.

وتشير إلى أن هناك آخرين عالقون في بلدان تتمتع بفوائض هيكلية مثل روسيا، إذ ارتفعت واردات الحاويات من الصين منذ الحرب في أوكرانيا خلال عام 2022، ومن ثم فإن المعدات لا تعود إلى الصين بالسرعة التي توقعتها شركات النقل البحري، مما يمنع الخطوط الملاحية المنتظمة من الاستفادة من طاقتها الكاملة ويمنحها مزيداً من القدرة على المساومة مع العملاء، فعلى سبيل المثال تفتقر جميع شركات النقل التي تخدم شنغهاي إلى الأماكن الفارغة، وفقاً لشركة "ليجينتيا" وهي شركة لإدارة سلسلة التوريد.

رسوم المستودعات الباهظة

وعندما انخفضت أسعار الشحن في 2022-2023، بدأت خطوط الحاويات في التخلص من الصناديق الفائضة لتتناسب مع انخفاض الطلب ولتجنب رسوم المستودعات الباهظة على المعدات غير المستخدمة. وفي الوقت نفسه انخفض إنتاج الحاويات العام الماضي إلى أدنى مستوياته منذ عام 2016، وفقاً لشركة الأبحاث البحرية والاستشارات "دريويري".

وتصنع جميع حاويات الشحن في العالم تقريباً في الصين والخبر السار هو أن المنتجين هناك يعملون الآن على زيادة الإنتاج بسرعة مرة أخرى، وأنتجت المصانع ما يقارب العدد نفسه في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، كما فعلت خلال الفترة نفسها من عام 2021.

وعلى رغم أن المهلة الزمنية لا تتجاوز عموماً بضعة أشهر فحسب فإن "معظم المصانع ممتلئة بالطلبات الكبيرة حتى أواخر الصيف"، بحسب إفادة رئيس قسم معدات الحاويات وأبحاث التأجير في شركة "دروي"، جون فوسي.

وفي الوقت نفسه ارتفعت أسعار الحاويات "المكعبة العالية" التي يبلغ ارتفاعها 40 قدماً (12 متراً) في الصين في الأيام الأخيرة إلى ما يصل إلى 3350 دولاراً، وفقاً لشركة "كونتينر أكس تشينغ" ومقرها هامبورغ وهي منصة لوجيستية عبر الإنترنت، ولا يزال هذا أقل بكثير من الذروة خلال عام 2021 ولكنه تقريباً ضعف متوسط ​​السعر في سبتمبر/ أيلول الماضي.

ووصف متحدث باسم "كونتينر أكس تشينغ" الوضع بأنه "أشبه بفقاعة أسعار" مع تمسك بعض المشاركين في السوق بمخزونهم، في انتظار ارتفاع الأسعار بصورة أكبر.

وفي حين أن نحو نصف حاويات الشحن في العالم مملوكة مباشرة لخطوط الشحن، فإن الباقي مملوك في الغالب للمؤجرين وأصبحت هذه الأخيرة أهدافاً للاستحواذ، إذ استحوذت شركة "بروكفيلد إنستركتشر كورب" على أكبر شركة وهي شركة "تريتون إنترناشيونال ليمتد" في العام الماضي، مقابل 12.8 مليار دولار بما في ذلك الديون، في حين جرى تحويل شركة "تيكستينر غروب هولدينغ إنك" إلى شركة خاصة في مارس الماضي، من قبل شركة "ستونبيك بارتنرز أل بي" في صفقة استحواذ بقيمة سبعة مليارات دولار.

وأبرمت هذه المجموعات عقود إيجار عديد الأعوام بأسعار مرتفعة خلال عام 2021، لكن الاستخدام العالي للسعة يحد من قدرتها على الاستفادة من النقص الحالي، وكان لدى "تيكستينر" واحد في المئة فقط من طاقة الاحتياط في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023، بينما كان هذا الرقم في "تريتون" نحو 3% اعتباراً من يوليو/ تموز الماضي.

وتوقعت "بلومبيرغ" أن تتلاشى أسعار الشحن وأسعار صناديق الشحن في وقت لاحق من هذا العام، إذ تتسلم سفن المحيطات سفناً جديدة وتعاد الحاويات إلى حيث تكون هناك حاجة إليها.

وفي الوقت نفسه يمكن التعاطف مع العملاء الذين شعروا بالحزن من فشل الشحن عبر المحيطات مرة أخرى، مما يؤكد أن هذه الصناعة لا تزال تفتقر إلى شبكة الأمان المناسبة.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI