22 نوفمبر 2024
25 يوليو 2024
يمن فريدم-كاثرين شير - صفية مهدي


يرى خبراء أن من شأن الغارات الإسرائيلية في اليمن تعزيز النفوذ الشعبي للمتمردين الحوثيين. لكن ما تأثير ذلك على عملية السلام الرامية إلى إنهاء نزاع دامٍ منذ عام 2014 بين الحكومة اليمنية المعتَرف بها دولياً والحوثيين؟

جاءت ردود الفعل الصادرة عن خبراء وصحافيين يمنيين سريعا على شن إسرائيل غارات قالت إنها أصابت "أهدفا للحوثيين" في غرب البلاد وذلك غداة تبني المتمردين اليمنيين هجوما بمسيرة مفخخة أوقع قتيلا في تل أبيب.

ففي تغريدة على منصة "إكس" كتب الصحفي اليمني بسيم الجناني "ما حدث اليوم بالحديدة كارثة سيتضرر منها المواطن لا غير...الواقع هو تدمير للبنى التحتية والخدمية".

وكانت الغارات الإسرائيلية قد أصابت يوم السبت (20 يوليو / تموز 2024) محطة لتوليد الكهرباء ومنشآت لتخزين الوقود في ميناء الحُدَيْدة ، الرصيف البحري الرئيسي الخاضع لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران في غرب اليمن، بحسب فرانس برس.

وفي مقابلة مع DW قالت نهلة القدسي -وهي صحافية تعيش في الحديدة- إن الكهرباء وكافة الاتصالات "انقطعت عقب الغارات فيما كان الجو مظلما وحارا"، مضيفة: "هذا الأمر جعلنا في حالة خوف شديدة".

وأدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة ما يصل إلى 80 آخرين في الحديدة.

وقالت فاطمة الأسرار -الخبيرة في الشأن اليمني في "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن- إن الغارات الإسرائيلية "على الحديدة تسببت في أضرار جسيمة بسبب استهدافها بُنى تحتية أساسية مثل مرافق تخزين الوقود ومحطات الطاقة".

وفي مقابلة مع DW أضافت: "أدى ذلك إلى نقص حاد في الإمدادات مما جعل سكان الحديدة يعيشون في كنف خوف وقلق وسط عدم يقين حيال ما سيحدث في مقبل الأيام".

وأشارت الباحثة اليمنية التي تعيش في المملكة المتحدة، أروى مقداد، إلى وجود "طوابير طويلة أمام محطات الوقود في جميع أنحاء البلاد حيث يصطف الناس لساعات طويلة لأنهم يتوقعون حدوث نقص. وبسبب أن الحديدة الميناء الرئيسي في اليمن، فإن هذا سيزيد من صعوبة دخول المساعدات إلى البلاد".

ومازال اليمن يئن تحت وطأة حرب منذ إطاحة الحوثيين بالحكومة المعترف بها دوليا والسيطرة على صنعاء عام 2014. وقد أدى ذلك إلى انقسام اليمن وتدمير بنيته التحتية فيما أضحى الصراع هناك بمثابة حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، وهو ما تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم حيث بات أكثر من نصف سكان اليمن -أي ما يقدر بنحو 21 مليون شخص- يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

"الغارات الإسرائيلية في صالح الحوثيين"

وإلى جانب تأثير الغارات الجوية الإسرائيلية على سكان الحديدة من المدنيين فإن خبراء يقولون إن الضربات تصب في صالح الأهداف السياسية للحوثيين الذين أقدموا على شن هجمات استهدفت الملاحة البحرية في عرض البحر الأحمر تحت زعم معارضتهم العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وحول ذلك قالت فاطمة الأسرار إن الحوثيين "يشعرون الآن أن سردية العداء تجاه إسرائيل تجد ما يبررها. يبدو أن تعاملهم مع إسرائيل هو خطوة استراتيجية لتعزيز خطابهم وحشد الدعم الداخلي، لكن الأمر لا يحمل في طياته بذل أي جهد حقيقي لدعم الفلسطينيين".

وتظهر استطلاعات الرأي دعم كافة أطياف الشعب اليمني للمساعي الفلسطينية لإقامة دولة ونيل حقوق متساوية، لكن لا يتفق الجميع مع سياسة الحوثيين في هذا الصدد.

وأضافت الباحثة اليمنية أن الكثير من سكان اليمن غير راضين حيال طريقة تعامل الحوثيين مع الصراع في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الحوثيين أطلقوا حملة تجنيد واسعة النطاق شملت الأطفال وهو ما "أثار الخوف والقلق بين السكان".

غير أن الباحثة اليمنية، أروى مقداد، ترى أن القصف الأخير زاد من شعبية الحوثيين داخل البلاد، قائلةً: "عند مواجهة التهديد الخارجي فإن الناس يتجهون نحو شعوبهم. أدت التفجيرات إلى زيادة شعبية الحوثيين بشكل كبير ما سيسمح لهم بالمضي قدما في أعمالهم السياسية الأكثر تطرفا".

يشار إلى أن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد أفادت يوم الإثنين (22 يوليو/ تموز 2024) بأن الجيش الإسرائيلي "يستعد لاحتمال لشن هجوم آخر على أهداف للحوثيين".

وفي تعليقه أشار فارع المسلمي -الزميل الباحث في "معهد تشاتام هاوس" البحثي ومقره المملكة المتحدة- إلى احتمالية تنفيذ عمليات اغتيالات لقادة الحوثيين خارج اليمن.

اليمن "في طريق مسدود"

ويقول خبراء إن الأمر قد يتسبب في تداعيات سياسية تفاقم من حالة عدم الاستقرار التي تعصف باليمن.

وبعد تسع سنوات في الاقتتال أصبحت الكثير من مناطق باليمن تحت سيطرة الحوثيين الذين يمتلكون دبابات ومدرعات وعربات وصواريخ موجهة وصواريخ كروز بالإضافة إلى المسيرات وغيرها من الأسلحة الثقيلة والخفيفة. ورغم هذه السيطرة فإن الحوثيين يجدون معارضة سواء من الحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية أو من جماعات انفصالية في جنوب البلاد تدعمها الإمارات.

وشهدت الآونة الأخيرة تراجعا في حدة القتال بين الحوثيين والتحالف العسكري الذي قادته السعودية وتدخل في حرب اليمن منذ عام 2015 وحتى الآن، فيما تزامن هذا مع إحراز بعض التقدم في الشق السياسي. وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء (23 يوليو/ تموز 2024) أن الحكومة اليمنية والحوثيين توصلا إلى اتفاق لخفض التصعيد. وقالت الأمم المتحدة إن الاتفاق الأخير يتضمن "إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة".

وفي تعليقها قالت أروى مقداد إن الحوثيين "يرون أنهم قد انتصروا في الحرب، لذا لا يرون أي جدوى من تقديم تنازلات للحكومة المعترف بها دوليا التي تتخذ من الرياض مقرا لها منذ سنوات. في المقابل لا تريد الحكومة هي الأخرى تقديم تنازلات عن السلطة. ورغم أنها غير قادرة على تحقيق النصر فإنها لا ترغب في أن تتكبد المزيد من الخسائر". وأضافت: "هذا الوضع يوصلنا إلى طريق مسدود".

"تغير قواعد اللعبة"

بدورها، يخشى فارع المسلمي من شبح تعطل عملية السلام في حال قيام جماعة الحوثي بضرب أهداف أخرى قريبة من إسرائيل أو عمدوا إلى استئناف شن هجمات داخل السعودية أو البحرين أو الإمارات.

وترى أروى المقداد أنه كلما زادت شعبية الحوثيين طالبوا بالمزيد من التنازلات خلال جولات التفاوض.

وتعتقد فاطمة الأسرار أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة يمكن أن تؤدي إلى "تغير قواعد اللعبة" لأنها ستجذب المزيد من الاهتمام الدولي للجهود الرامية إلى قطع خطوط التمويل عن الحوثيين بما ذلك عرقلة وصولهم إلى البُنى التحتية مثل الموانئ.

بيد أن الخبراء الذين تحدثوا إلى DW يتفقون على أن شن المزيد من الضربات لن يسفر عن أي تأثير إيجابي ولن تجبر الحوثيين على التراجع. وكان الحوثيون قد صرحوا بأن هجماتهم ضد الملاحة البحرية في البحر الأحمر وضد إسرائيل سوف تتوقف في حال توقف الصراع في غزة. وأشار الخبراء إلى أنه لا يوجد سبب لعدم تصديق الحوثيين.

وفي هذا السياق نُقل عن تيموثي ليندركينغ -المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن- قوله في مارس/آذار الماضي 2024 إن "الخطوة الأولى التي ستساعدنا في التوصل إلى [تسوية في اليمن] تتمثل في الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة".

وقالت أروى مقداد إن "خيار السلام في اليمن مازال مطروحا على الطاولة، لكنه سيتطلب من كافة الأطراف الخارجية التوقف عن التصعيد السياسي المتوتر بالفعل. لقد حان الوقت للجلوس إلى طاولة المفاوضات حتى بين الأطراف التي نختلف معها لأن الحرب تسببت في أزماتنا، لكن الدبلوماسية يمكن أن تنهي هذه الأزمات".

(DWعربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI