21 نوفمبر 2024
20 أكتوبر 2022

 

 

ماتزال الجهود مستمرة في التوصل لاتفاق يقضي بتمديد وتوسيع الهدنة الإنسانية في اليمن عل النحو الذي طرحته الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ورغم المواقف الدولية التي اشارت بأصابع الاتهام لمليشيا الحوثي برفض الهدنة ووضع شروط تعجيزية لا يمكن الاستجابة كما قال المبعوث الأممي في احاطته الأخيرة في مجلس الأمن الدولي الخميس المنصرم.

 

موقف الحوثيين نفسه لم يتغير، متصلب ويتعاطى مع كل الجهود على أساس هو الطرف الأكثر وجودا على كافة المستويات (جغرافيا-عسكريا-سياسيا) وهو ما يجعل مناوراته تعقد من الوضع أكثر رغم التحذيرات الدولية من أن الذهاب لجولة حرب جديدة مع الحكومة اليمنية التي يعترف بها العالم لن يكون كالسابق بل أشد.

 

المفاوضات التي تجري حاليا مرتبطة بعوامل إقليمية ودولية وهو ما يجعلها تواجه جملة من الصعوبات والعوائق وحتى الاملاءات خاصة الي تضعها إيران في طريق التوصل لهدنة إنسانية قد يستفيد منها اليمنيين بشكل أكبر كرفع الحصار الخانق على تعز، وفتح الطرق المؤدية اليها، والطرق الأخرى بين المحافظات، إلى جانب زيادة تسيير الرحلات الجوية من وإلى مطار صنعاء، وتسليم رواتب الموظفين من إيرادات موانئ الحديدة وباقي الإيرادات التي يسيطر عليها الحوثيين، وهي نقاط متفق عليها مسبقا، وكثيرا ما ترددها البيانات الدولية حين يجرى الحديث عن تعقيدات التوصل لاتفاق بشأن الهدنة.

 

لكن السؤال البسيط الذي قد يطرحه المواطن العادي ما هي خيارات المجتمع الدولي تجاه الحوثيين في حال استمروا على موفقهم هذا الذي يعد بنظر الجميع تحديا للمجتمع الدولي؟ وفي حقيقة الأمر تتعامل الدول وإلى جانبها الأمم المتحدة بطريقة الطفل المدلل مع مليشيات الحوثي في جولة مفاوضات لا يُذكر موقف حقيقي وصارم تجاه الحوثيين منذ بدء الحرب، سوى المزيد من العقوبات على قيادات حوثية، وهي في كل الأحوال لم تأتي بنتيجة عكسية بل يتحدى الحوثيون هذه القرارات.

 

لغة الدلال عادة ما ينتهجها المجتمع الدولي في كل الصراعات بالمنطقة والعالم، وهدف ذلك استثمار للأزمات واطالتها وفق المصالح والتحالفات، وما يجرى في اليمن إلا جزءا من هذه الاستراتيجية الدولية للتعامل مع الأزمة التي صنفتها الأمم المتحدة كأسوأ أزمة إنسانية تعصف به خلال سنوات الحرب التي أشعلها الحوثيون وحلفاءهم في المنطقة، ورغم تلك الأوصاف لحالة الخطر الذي يمر به اليمن، لا توجد تلك المواقف التي يأملها الناس من المجتمع الدولي أن يتخذها لوقف حالة نزيف الدعم، وموجة التدهور الحاصل في كل النواحي من حياة المواطن اليمني .

 

سيبقى المجتمع الدولي على هذا المنوال، وبنفس هذا التماهي مع جماعة منفلتة لا تؤمن بالحوار والسلام، بل جماعة تتخاطب بلغة السلاح، والتي أصبحت اللغة الوحيدة التي تمارس بها التهديد والابتزاز الإقليمي والدولي، وبدى ذلك من خلال جولة المفاوضات الأخيرة، حين اشتدت وتيرتها أواخر سبتمبر/أيلول قبيل انتهاء موعد انتهاء الهدنة الإنسانية في 2 أكتوبر.

 

لكننا وجدنا موقف أكثر تطرفا وتصريحات في مضمونها العودة للحرب بأي طريقة تعتقد مليشيا الحوثي هي المناسبة حتى يخضع الجميع ويلبي شروطها التي أصلا غير قابلة للتنفيذ، وهذا كان الرد الواضح من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، السويدي هانس غروندبرغ في بيان إعلان فشل الهدنة، والذي قال إنها مطالب غير منطقية وهو موقف متطابق مع موقف المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليندركينغ.

 

ولذا الرد المبسط للمواقف الدولية والخيارات المطروحة للرد على تعجرف جماعة الحوثي هو أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل لن يفعلا شيء سوى إعادة الكَرَة من جديد، ويعودوا إلى المربع الأول الذي بدأت منه جولات المفاوضات السابقة، وهذه الآلية تُميت آمال اليمنيين الذين ينشدون السلام ويأملون أن تنتهي الحرب بأي شكل وصيغة، وتنتهي معاناتهم التي تجرعوها من أن طلق الحوثيون رصاصة الحرب الأولى.

 

فبعد انتهاء الهدنة وجدنا سيلا كبيرا من البيانات الدولية تدين فشل المفاوضات لتمديد الهدنة، لكن اللافت للأمر أن كل البيانات خرجت بصيغة واحدة ولهجة رخوة لا يمكن أن تصنع مواقف صارمة ضد الحوثيين، وكأنهم يبذلون جهودا لمصالحة وطنية شاملة في حالة السلم لا في حالة الحرب، ومع كل هذه البيانات التي أغرقت وسائل الإعلام لم تحدد الطرف المعرقل بشكل واضح وصريح، أو على الأقل تقدير تكون هناك إجراءات فعلية وعملية ضد هذه الجماعة.

 

التعويل على المجتمع الدولي في رد الحوثي واجباره على السلام، أصبح من العبث الاعتقاد بذلك، فلو كان المجتمع الدولي صادقا في انهاء الحرب في اليمن لفعل ذلك، لكن جذور الازمة اليمنية لها عوامل إقليمية ودولية كالسعودية وإيران المنشغلة حاليا بوضعها الداخلي، والولايات المتحدة المنشغلة بالحرب الروسية الأوكرانية والطاقة والتضخم، كلها لا تصب في صالح حل بصيغة تضمن وقف الحرب وعدم تكرارها بل وإزالة أسبابها.

 

التحركات الأخيرة للمبعوثين الأممي والأمريكي والدعوات الدولية الأخيرة التي شددت على ضرورة العودة إلى اتفاق تمديد الهدنة لم تحرك المياه الراكدة، في ظل حالة الترقب من عودة القتال بين الحكومة اليمنية التي تحظى يدعم خليجي ودولي، والحوثيين المدعومين من إيران، وعودة الحرب يعني موجه عنف أشد من السابق، خاصة أن الطرفين اعادا ترتيب صفوفهما على غير العادة.

 

حتى اللحظات لم تلق تلك الدعوة آذان صاغية من قبل الحوثيين، وهذا بحد ذاته تحديا من نوع آخر للمجتمع الدولي، فمع مرور الوقت تزيد فرص عودة الحرب، وهو ما يثير هواجس الناس من احتمالية عودة القتال وحرمانهم مما تبقى من الخدمات والمزايا التي حصلوا عليها خلال الستة الأشهر الماضية، وأصبح المجتمع الدولي يثني عليها ويشيد بها.

 

إعادة تقييم الوضع الخطير في اليمن جراء التحدي الذي يظهره الحوثيين واتخاذ ما يجب اتخاذه قد يخفف من الكلفة الإنسانية وتبعاتها وخطرها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، قبل أن يتحول اليمن إلى قنبلة من نوع آخر وتتطاير شظاياها إلى المنطقة والعالم، وهذا هو السيناريو المتوقع إذا استمر الحال على هذا النحو.

 

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI