29 سبتمبر 2024
25 سبتمبر 2022

 

لم تكن عبارة عن حدث عابر في التاريخ اليمني، ولم تكن ايضا مجرد مسار خاض فيه ثوارها معركة اعتيادية لمجابهة حكم ثيوقراطي أثني واستعلائي ظل جاثم على اليمنيين لسنوات طويلة، بل مثلت جسر العبور التاريخي من عهد العرقية واشكال التمييز وإهانة الشعب إلى عهد الدولة والاقبال على العلم والعالم ومعرفة شكل الحياة التي يعيشها البشر خارج حدود الجغرافيا التي كانت تسيطر عليها أسرة واحدة آنذاك.

إنها ثورة سبتمبر التي شكلت أهم محطات التاريخ اليمني ومثلت خطا نظريا اسس على معالمه مشروع سياسي واجتماعي متكامل عمل على شرح الواقع، وحدد الشكل المستقبلي للدولة في صورة أول نظام حكم جمهوري بداخل شبة الجزيرة العربية وكذلك الكثير من الأسس التي قامت عليها أول ملامح الدولة الديموقراطية في اليمن.

انطلقت شرارة ثورة سبتمبر بلا نزعة فئوية ولم تكن حكرا على منطقة معينة بل كانت ثورة شعبية قادها الضباط الأحرار بمختلف اتجاهاتهم بدعم وتأييد من مصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لترسم بعد ذلك أهم شكل للتحرر الذي امتد كنتيجة لنضالات عديدة للشعب منذ الثورة الدستورية في 48 إلى حركة 55 وحركة مارس في 61 وتوقفا عند سبتمبر 62 الثورة التي أطاحت بحكم أسرة حميد الدين، وأزالت كل الكيانات العرقية والارستقراطية آنذاك.

بعد نجاح الضباط الأحرار ومعهم الشعب في إنجاز ثورتهم ذهبت الثورة في طريق بناء الدولة وتحقيق الاهداف الستة التي اقرت في اهم نصوصها ازالة الفوارق بين الطبقات ورفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وتحقيق قيمة العدالة الاجتماعية من خلال إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل وغيرها من الأهداف.

صحيح أن اليمن يعيش حاليا خيبة أمل بعد اعادة ذات الحكم الفئوية العرقي في صنعاء وعدد من المحافظات على يد جماعة الحوثي المسلحة، لكن خيبة الأمل هذه كانت كفيلة ايضا بخلق مجابهة مجتمعية جديدة لمشروع استحضار التاريخ الأسود على يد من يتم وصفهم بالإماميين الجدد الذين حولوا البلاد منذ ثمان سنوات إلى مساحة للعنف العقائدي والتعبئة الطائفية والحرب التي طالت كل أرجاء الجغرافيا اليمنية.

إن ما انتجته ثورة سبتمبر من وعي مجتمعي يناهض تزييف التاريخ أو كل ما يمس بحضارة البلاد وحرية الناس هو أمر جدير بالاحتفاء اليوم، فواقع الحرب الحالية ومحاولة سلب الناس حياتهم ووجودهم التاريخي، وكذلك مصادر دخلهم ومعيشتهم  مثلت عامل لتمسك الناس بقيمة ثورة سبتمبر، فالحروب التي تشعلها رغبات انتقامية هي ذاتها التي تعيد للشعوب بقوة حاجتها إلى دولة، وحينما  يقول الناس دولة فإنهم يعنون بذلك دولة القانون و المواطنة المتساوية التي توفر الخدمات وتلبي الاحتياجات المجتمعية وترسخ قيم الحرية والسلم والأمن الاجتماعي.

لقد صار المجتمع اليوم على إدراك تام بأن العقلية الإمامية التي يصعب عليها التعايش مع ملامح الحاضر عقلية لا يمكن أن تعيش إلا خارج إطار المستقبل، وهو ما يبدو الحال عليه اليوم لدى جماعة الحوثي التي صارت أمام الناس مجرد جماعة غاصبة للسلطة تستقوي كل يوم بالسلاح على كل من يعارضها وتعيش عزلة اجتماعية في مجموعة من السلالات الماضوية التي لا تعرف غير ترديد اقاويل زعماءها العقائديين، وتخلق تناسلها البيولوجي داخل دائرة التعصب والاحقاد المترامية ضد المجتمع ككل.

 

الهاشتاج
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI