21 سبتمبر 2024
21 سبتمبر 2024
يمن فريدم-توفيق الشنواح


شنت ميليشيا الحوثي سلسلة مداهمات واعتقالات واسعة طاولت على مدى الأيام الماضية عشرات الصحافيين والشخصيات الاجتماعية والمستقلة، بينهم إعلاميون.

وعقب أيام من خطف الإعلامية سحر الخولاني من منزلها بصنعاء دهم مسلحون حوثيون أمس الجمعة منزل الصحافي والناشط السياسي محمد المياحي في العاصمة واقتادوه إلى جهة مجهولة، وذلك غداة قيام الحوثيين مساء الخميس باعتقال قيادات في حزب المؤتمر (حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، إضافة إلى عشرات حملات الاعتقال التي طاولت نشطاء ومواطنين مستقلين.

وقال المدير التنفيذي للمركز الأميركي للعدالة عبدالرحمن برمان إن جماعة الحوثي خطفت الكاتب محمد المياحي. وأوضح في منشور على حسابه عبر منصة "إكس" أن حملة اعتقالات واسعة النطاق شنتها الجماعة في عدد من المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتها، خصوصاً تعز والعاصمة صنعاء قبيل احتفالات اليمنيين بعيد الثورة.

رداً على الرفض

وجاءت الحملة الحوثية بُعيد أيام من إقامة احتفالات بمناسبة "المولد النبوي"، التي تمثل للجماعة فرصة سياسية ودعائية سنوية برداء ديني للترويج لمشروعها المدعوم من إيران، والتي قوبلت بانتقادات واسعة عبر عنها قطاع واسع من اليمنيين عبر مختلف المنصات الإعلامية.

وكان الكاتب المياحي ضمن منتقدي مظاهر الاحتفالات التي أقامها الحوثيون في صنعاء وباقي المناطق التي يسيطرون عليها بمقال شديد اللهجة تسبب كما يبدو باعتقاله، في تأكيد على ضيقهم من الانتقادات التي تكشف تكريسهم لمبالغ مالية ضخمة للاحتفاء بالمولد النبوي وبث دعايتهم السياسية من خلاله، في حين يعاني ملايين اليمنيين الجوع والفقر جراء الرفض الحوثي القاطع لصرف الرواتب منذ أكثر من ثمانية أعوام.

العيب الأسود

وقبل ذلك ظهرت الإعلامية سحر الخولاني في مقاطع تنتقد سلوك الحوثيين ورفضهم صرف الرواتب وانعكاسات الفاقة التي تعانيها وأطفالها وباقي اليمنيين، فدهمتها قوة مسلحة واعتقلتها من منزلها واقتادتها إلى سجون الجماعة، في سلوك غير مسبوق في دورات الصراع اليمني الذي ينأى بالنساء عن الصراع.

وعلى رغم تجريم المجتمع اليمني على مدى تاريخه التعدي على النساء باعتباره "عيباً أسود" فإن الجماعة الحوثية تعتقل بين حين وآخر عدداً من الناشطات والحقوقيات والفنانات من بيوتهن ومقار أعمالهن، في مسعى إلى قمع أنشطتهن المدنية أو أفكارهن في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وفقاً لحقوقيين.

طلب الإنصاف

وعقب اعتقال الخولاني تداول نشطاء مقطع فيديو لها تتحدث فيها عن اكتشافها لعمليات ترصد ومتابعة في حقها من قبل الحوثيين، مؤكدة أنها ستبعث الفيديو لشخص تثق به طالبته بنشره في حال تعرضها للاعتقال. وطالبت من قبائلها وأبناء اليمن عامة بالانتقام لها ولو بعد حين.

وقالت شقيقتها فاطمة الخولاني في تدوينة نشرتها على "إكس" إن شقيقتها تعرضت للاعتقال بعد نشرها مقطع فيديو ينتقد سياسات الحوثيين المتعلقة بالرسوم الدراسية.

وظهرت الإعلامية اليمنية في المقطع تتحدث عن فرض ميليشيا الحوثي رسوماً وجبايات باهظة على طلاب الدراسات العليا، على رغم عدم دفع رواتب الموظفين الحكوميين.

وتطرقت سحر في مقاطعها السابقة إلى مشكلة أخرى تتعلق بابنتها التي تم فصلها من إحدى المدارس الأهلية بعد أسبوعين فقط من الدراسة. ورفض مشرفو الحوثي إعادة الرسوم الدراسية لها على رغم قصر فترة التحاق الطفلة بالمدرسة.

مهلة وترقب

وفي المقابل، أمهلت قبائل خولان السبت الماضي جماعة الحوثي يوماً واحداً للإفراج عن الإعلامية سحر الخولاني. وأوضحت أنها بعد نفاد وقت المهلة المحددة ستقدم على اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وفي تفسير لهذا السلوك، قال المستشار السياسي في مكتب الرئاسة اليمنية ثابت الأحمدي إن "الحوثي يعيش رعباً في هذه الأيام مع احتفالات اليمنيين بأعيادهم الوطنية، إذ بدأت الاحتفالات منذ بداية الشهر بصورة لافتة".

وأوضح الأحمدي أن "ردة الفعل الحوثية تعبر عن رعب اللص وفوبيا المدين الذي ينتظر طرق بابه من قبل دائنه، والحوثي مدين لكل يمني بما اجترحه بحق الوطن، وسيأتي اليوم الذي يدفع فيه الثمن مهما طال الزمن". وأضاف أن "الحوثي يستوحش من المقال الصحافي والقصيدة وحتى من الكاريكاتير ولهذا يعتقل ويسجن ويقتل ويشرد ويبطش، مستغلاً تحكمه بأدوات الدولة التي سطا عليها بانقلابه في سبتمبر (أيلول) 2014".

خوف من الغضب

وتأتي هذه الغضبة قبيل أيام من ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر (أيلول) 1962 التي قضت على حكم الأئمة الزيدية، الذي يعد النهج الحوثي امتداداً لذات المنشأ الفكري والأيديولوجي الطائفي المتشدد، في ظل مخاوف الجماعة من استغلال تلك الذكرى لاستعادة الروح الثورية وإشعال احتجاجات شعبية ضدها.

وكما هي الحال في نهجها المبدئي من المظاهر الوطنية كافة التي تقف على النقيض من مشروعها الطائفي، يُفهم من الحملة الحوثية أنها تأتي في إطار إجراءاتها الاستباقية القمعية للدعوات اليمنية الواسعة للاحتفاء بذكرى ثورة سبتمبر، تجنباً لانكشاف مماثل للضيق والغضب الشعبي الكبير الذي عبرت عنه احتفالات العام الماضي، التي كادت تتحول لثورة ضد الجماعة، فسعت إلى إسكات كل الأصوات المنتقدة أو الداعية للاحتفاء بالذكرى لبث الخوف من الخروج للاحتفال عقب أيام.

وشهدت غالبية المحافظات اليمنية العام الماضي احتفالات جماهيرية واسعة باليوم الوطني تضمنت شعارات رافضة للنهج الحوثي قابلته الجماعة بحملة اعتقالات واسعة.

وفي موقف لافت حذر القيادي الحوثي محمد المقالح جماعته من مغبة قمع احتفالات ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر، محذراً من أن أي عمل عدواني سيؤدي إلى نتائج عكسية.

وفي تغريدة له عبر منصة "إكس"، أكد المقالح أن الهلع الذي تشعر به جماعة الحوثي من الاحتفالات الشعبية سيدفعها لاتخاذ قرارات متهورة، مشيراً إلى أن أية سلطة تخشى من احتفال شعبها بذكرى ثورته هي سلطة آيلة للسقوط. وقال "سلطة تخاف من احتفال شعبها بذكرى أهم ثوراته الشعبية ضد الاستبداد اقرأ عليها السلام".

مزيد من الاعتقالات

والأربعاء الماضي، قالت مصادر في صنعاء إن جماعة الحوثي اعتقلت عضو الأمانة العامة في حزب "المؤتمر الشعبي العام" أمين راجح من منزله داخل العاصمة.

وذكرت المصادر أن مسلحين في الجماعة اقتادوا القيادي راجح من منزله مغرب ذلك اليوم إلى جانب سائقه الشخصي وآخرين كانوا في المنزل، وذهبوا بهم إلى جهة مجهولة.

وشنت حملة اعتقالات واسعة على عدد من الشباب في محافظة إب (وسط اليمن) دعوا للاحتفاء بثورة سبتمبر. إذ اقتادت الميليشيات الشاب صلاح عبده البعوم من مديرية النادرة إلى جهة مجهولة بسبب منشور له على حسابه بموقع "فيسبوك" دعا فيه شباب مديرية النادرة إلى الاحتفاء بذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر.

وكان البعوم شارك العام الماضي في التنسيق والتنظيم لتلك الفعالية وإيقاد شعلة الثورة وسط مديرية النادرة بحضور جماهيري غفير من الرجال والنساء، مما أغضب الجماعة فاعتقلته وألحقته بعشرات آخرين ما زالوا في معتقلاتها السرية.

(اندبندنت عربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI