يحاول سكان مدينة الفاشر السودانية بصعوبة التحرك بين أنقاض منازلهم الأحد بعد أن بدأت قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة منذ شهور، ما وصفته الأمم المتحدة ب “هجوم شامل” عليها.
ومن المقرر أن تناقش الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الايام المقبلة النزاع المستمر منذ 17 شهرا في السودان والذي أوقع عشرات الآلاف من الضحايا وتسبب في أكبر أزمة نزوح في العالم.
ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء طرفي النزاع في السودان إلى استئناف المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة بينهما منذ نيسان/أبريل 2023.
ولكن على الأرض تجدد القصف في الفاشر وطاول منازل المدنيين.
وقال التيجاني عثمان الذي يقطن في جنوب المدينة “غالبية منازل حينا دمرت تماما”.
وأضاف “بات الحي شبه خال من السكان”، بعد شهور من الحصار والاشتباكات ونقص الغذاء.
وأدت الاشتباكات العنيفة التي دارت السبت بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني الى سقوط 14 قتيلا مدنيا و40 جريحا، بحسب ما قال مصدر طبي لفرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته خشية تعرضه للأذى.
وتدارك “غير أن هذه الحصيلة أبعد ما تكون من الرقم الفعلي”، موضحا أن “الناس عادة يدفنون موتاهم حيث هم موجودون بدلا من المخاطرة بعبور منطقة اشتباكات في الطريق الى المستشفى”.
وقال الناطق باسم الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش السبت إنه “يشعر بقلق بالغ من التقارير عن هجوم شامل” لقوات الدعم السريع، وحض قائدها محمد حمدان دقلو على “التحلي بالمسؤولية وإصدار أوامر فورية بوقف هجوم قوات الدعم السريع”.
منذ أيار/مايو، تفرض قوات الدعم السريع حصارا على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، المدينة الكبيرة الوحيدة في هذا الاقليم الشاسع غرب البلاد التي لا تخضع لسيطرتها.
وأوقعت المعارك مئات القتلى داخل المدينة وفق منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية. كما أدت الى نزوح مئات الآلاف في الأسابيع الأخيرة والى مجاعة في مخيم زمزم للنازحين القريب من الفاشر.
"تطيح كل شيء”
تحوط بالفاشر العديد من مخيمات النازحين، من بينها زمزم وأبوشوك اللذان ضاقا بمئات الآلاف من هؤلاء منذ بدء الحرب بسبب حصار قوات الدعم السريع وقصفها.
واستنادا بشكل خاص إلى صور للأقمار الاصطناعية، أفاد مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل في الولايات المتحدة بأن المدنيين كانوا يهربون “سيرا على الطريق من الفاشر الى زمزم”.
واستغل سكان بقوا في المدينة، مثل محمد صفي الدين، فرصة الهدوء الحذر صباح الأحد لجلب طعام لأسرهم.
وقال صفي الدين “الوضع الغذائي صعب، نعتمد على مراكز الطبخ” التي يديرها متطوعون وانتشرت في مختلف أنحاء البلاد وتعد خط الدفاع الأخير في مواجهة المجاعة في مناطق مثل الفاشر.
ويواجه طرفا النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، اتهامات بارتكاب جرائم حرب بينها استهداف المدنيين والقصف العشوائي للمناطق السكنية.
وتواجه قوات الدعم السريع خصوصا اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي. واسفر هجومها على الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور العام الماضي، عن سقوط 15 الف قتيل معظمهم من قبيلة المساليت غير العربية، وفق خبراء الأمم المتحدة.
وسبق أن سقط 300 الف قتيل، وفق الأمم المتحدة، في حرب اندلعت عام 2003 في إقليم دارفور وارتكبت خلالها ميليشيا الجنجويد، التي انبثقت منها قوات الدعم السريع، جرائم تطهير عرقي وإبادة جماعية.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزب بوريل الأحد “لا يمكننا أن نكون شهودا على إبادة جماعية جديدة” في هذا الاقليم.
الجمعة، حذرت مستشارة الأمم المتحدة لمنع الابادة الجماعية أليس ويريمو نديويتو من أن “هجوم قوات الدعم السريع الذي شنته على أربعة محاور على الاقل أطلق دوامة من العنف يمكن أن تطيح كل شيء في طريقها”.
وأدت الحرب في السودان الى سقوط 20 الف قتيل وفق منظمة الصحة العالمية، ولكن بعض التقديرات تقول إن الحصيلة الفعلية تناهز 150 الف قتيل، بحسب موفد الولايات المتحدة الى السودان توم بيريللو.
كما أدت الحرب الى نزوح ولجوء أكثر من عشرة ملايين شخص، أي خمس سكان السودان.