شهد العام الحالي 2022 مشاركة واسعة ومتعددة لمنتخباتنا الوطنية بفئاتها الثلاث - الناشئين والشباب والأول - وقدمت مستوى مشرف وجيد خصوصاً فئة الناشئين والشباب ولكن المُلاحظ في مشاركات منتخباتنا وجود مشكلتين بارزتين وهي ضعف اللياقة البدنية وغياب التركيز الذهني للاعبين والسبب الأول يعود إلى عدم وجود معد بدني وأخصائي نفسي في قائمة الأجهزة الفنية للمنتخبات
في كرة القدم الحديثة أصبح وجود المعد البدني والنفسي لأي فريق أو منتخب أمر أساسي وبديهي، ولا يقل أهمية عن وجود المدرب ، والمفارقة أن منتخباتنا الوطنية تفتقر لوجودهم، فيتكون الجهاز الفني لكل منتخباتنا إلى مدرب، ومساعد مدرب ، ومدرب حراس فقط ،وظهر جلياً تأثير غياب المعد البدني والنفسي خلال المباريات السابقة ومنها كمثال مباراة منتخب الشباب أمام السعودية في ربع نهائي كأس العرب والتي خسرها المنتخب الوطني بركلات الترجيح حيث أضاع لاعبونا ثلاث ركلات ترجيح متتالية وظهر عليهم الارتباك والتوتر النفسي أثناء التسديد مما كلفهم الخروج من البطولة ، الأمر ذاته مع منتخب الناشئين حيث تلقى هدفين في العشر الدقائق الأخيرة من مباراته أمام المغرب في نصف نهائي كأس العرب، الشرود وغياب التركيز الذهني وضعف اللياقة البدنية كانت أهم ما عاناه ويُعانيه لاعبي منتخباتنا ففي التصفيات الآسيوية التي أقيمت مؤخراً في لاوس ، سجل لاعب منتخب الشباب جميل الدبعي هدفاً في مرماه في آخر لحظات المباراة مع اليابان.
تناولت الصحف الإسبانية أن أحد الأسباب الرئيسية وصاحب الدور الكبير في تتويج نادي ريال مدريد ببطولة دوري أبطال أوروبا 2022 هو المعد البدني للفريق " بينتوس " والذي ظهر تأثيره في مباريات ريال مدريد الموسم الماضي حيث تميز الفريق باللياقة البدنية العالية والذي مكنه من تسجيل الأهداف في الدقائق الأخيرة.
عامل بدني ونفسي
يقول محمد عقلان مدرب نادي أهلي تعز في حديثه لـ " يمن فريدم" : قليل من يعرف أهمية وتأثير المعدين البدني والنفسي ، وأغلب الأندية والمنتخبات العالمية قد تفطنت وأدركت أهمية هذا الشيء وذهبت إلى أبعد من ذلك ، وأدرجت عدد كبير من الأشخاص في الأجهزة الفنية ، ويضيف عقلان " أولاً وأخيراً فاللاعب بشر يتأثر بالأشياء المحيطة به والعوامل الفسيولوجية والتغيرات الجسمانية ، فاللاعب يحتاج إلى تهيئته قبل المباراة والاستعداد لها، وأيضاً محو آثار الهزيمة ونسيانها والتركيز على قادم المباريات ، وعدم تشتيت ذهن اللاعب، وقد رأينا منتخبات وفرق تخسر في أول البطولة ولكنها في الأخير تحرز البطولة وهذا يعود للعمل على الجوانب النفسية وتحفيزها، أما المعد البدني فقد يكون دوره موازي لدور المدير الفني ويعمل على رفع المستوى اللياقي والجهد البدني واللعب بنفس الرتم إلى آخر دقيقة".
ودعا عقلان القائمين على الرياضة اليمنية بضرورة الاقتناع بأهمية هذه الجوانب وادراكها في القريب العاجل من أجل تطوير المنتخبات الوطنية.
غياب المتخصصين
يقول لاعب المنتخبات الوطنية السابق عبدالعظيم القدسي لـ " يمن فريدم " إن وجود متخصصين بدنيين ونفسيين في علم كرة القدم الحديث مهم جداً جداً، وهذا يأتي للاستراتيجية والتخطيط المسبق من الاتحادات بحيث يكون هناك برنامج على مدى العام للاستحقاقات الدولية أو مباريات ودية تحت إطار أجندة الفيفا".
ويُضيف القدسي " للأسف الشديد منتخباتنا الوطنية لا يصلح لها معد بدني أو أخصائي نفسي وذلك لأسباب عدة أهمها قصر الإعداد وعدم وجود تخطيط مسبق ومدروس واستراتيجية للمدى البعيد لمشاركة المنتخبات وقلة عدد المباريات التي يلعبها لاعبو منتخباتنا".
اللياقة والمنافسة
ويُعرف عن لاعبي المنتخبات اليمنية ضعف وهزالة البنية الجسمانية لهم عند مقارنتها بأجسام لاعبي المنتخبات المنافسة وهذا يعود لعدم وجود متخصصين في المجال البدني وفي مجال التغذية الرياضية الصحية مما يعيق نموهم في امتلاك جسم رياضي كالمعتاد
يقول لـ " يمن فريدم " الصحفي الرياضي ورئيس المركز اليمني للدراسات والإعلام الرياضي عبدالعزيز الفتح " وجود المعد البدني في المنتخب مهم جداً فهو من يصنع لك لاعب يمتلك لياقة بدنية عالية تمكنه من المنافسة على أعلى المستويات وهو من يستطيع تقييم مستوى اللاعبين في المباراة، أما المعد النفسي فيعتبر حلقة وصل بين اللاعبين والجهاز الفني ويهيئ لاعب في أحلك الظروف ويتحمل الضغوطات النفسية، فصناعة لاعب قوي ومهاري تأتي من المعد البدني والنفسي
وحمّل الفتح قيادات الاتحاد العام لكرة القدم في عدم وجود المعدين البدني والنفسي في الأجهزة الفنية للمنتخبات اليمنية كونهم لم يعملوا على تأهيل وتطوير متخصصين بدنيين ونفسيين من اجل الاستفادة منهم في قائمة المنتخبات
مردود ايجابي
رئيس لجنة المنتخبات في الاتحاد العام لكرة القدم عبدالوهاب الزرقة يقول لـ " يمن فريدم " وجود المعد البدني مهم جداً ونحن في فترة من الفترات جلبنا للمنتخب الأول والأولمبي 2019 معد بوسني وكان المردود ايجابي جداً بحيث كان يعمل على تمارين استشفائية للاعبين وكان يقلل من نسبة الإصابات، وعن سبب خلو المنتخبات الوطنية من وجود المعد البدني والنفسي قال الزرقة أن السبب يعود لعدم وجود معد بدني وطني متخصص وصاحب خبرة للأسف، والأجنبي يطلب مبالغ طائلة لا يستطيع الاتحاد دفعها.
وأضاف الزرقة " لا يوجد اهتمام بهذا من قبل الأندية والأشخاص فأوجد ندرة بالتخصص ويفترض على كل نادي أن يلتزم بوجود معد بدني ونفسي له ولكن للأسف الثقافة الكروية الموجودة عندنا لا تشجع هذه الأمور وهي أمور نعاني منها كثيراً".
ويظل العامل البدني والنفسي في المنتخبات اليمنية العائق الأكبر أمام الأجيال المتعاقبة على الكرة اليمنية، الأمر الذي لم يؤخذ في الحسبان من قبل اتحاد الكرة والمسؤولين فيه، وهو ما يستدعي التعامل مع الأمر بجدية أكبر حتى تصبح كل المنتخبات جاهزة وتحقق نتائج إيجابية في كل المشاركات الخارجية لتحسن الصورة النمطية السلبية عن الكرة اليمنية.