تتقدَّم الفصائل السورية المسلحة، اليوم الجمعة، باتجاه مدينة حمص، ثالث أكبر المدن السورية، غداة سيطرتها على مدينة حماة الواقعة شمالها، وفق ما أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، في إطار هجوم مباغت ضد القوات الحكومية مكّنها من السيطرة على مساحات واسعة في البلاد في غضون أيام.
ورغم القصف العنيف من قبل الجيش السوري لجسر الرستن، الذي يصل مدينتي حماة وحمص، تمكنت الفصائل المسلحة من التقدم إلى ريف حمص.
وقال مدير "المرصد" رامي عبد الرحمن لـ"وكالة الصحافة الفرنسية": "باتت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على بعد خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص بعد سيطرتها على الرستن وتلبيسة" الواقعتين على الطريق الواصل بين المدينتين. وأوضح أن "من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري"، معقل الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الرئيس بشار الأسد.
وأورد "المرصد" أن "هيئة تحرير الشام" والفصائل المسلحة المتحالفة معها "دخلت في الساعات الأخيرة إلى مدينتَي الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي، وسط غياب تام لقوات الجيش السوري"، التي قال إنها "قصفت ليلاً جسراً في الرستن لمحاولة صد تقدُّم الفصائل إلى مدينة حمص".
كذلك سيطرت أيضا على بلدة بتير معلة التي تبعد حوالي 7 كلم عن وسط حمص، فضلا عن الغنطو والدار الكبيرة في أرياف حمص الشمالية.
وأفاد "المرصد" في وقت متأخر أمس الخميس بأن الجيش السوري عزل مدينة حمص عن الريف الشمالي. وأكد وجود حشود كبيرة للقوات السورية في محيط مدينة حمص.
وكتب القيادي العسكري في الفصائل المعارضة حسن عبد الغني، في منشور عبر تطبيق "تلغرام" الجمعة: "يستمر زحف قواتنا نحو مدينة حمص بخطى ثابتة بفضل الله، بعد وصول أرتال حاملة المئات من مهجري حمص لردع عدوان الأسد عن مدينتهم".
وتقع حمص على بعد حوالى 40 كيلومترا جنوب مدينة حماة. ويلقبها ناشطون معارضون بـ"عاصمة الثورة"، بعدما شهدت كبرى المظاهرات الشعبية المناوئة لنظام الأسد في عام 2011.
وشهدت المدينة خلال سنوات النزاع الأولى معارك ضارية بين الفصائل المعارضة والجيش السوري الذي تمكن عام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب مقاتلي المعارضة من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف.
وانكفأ المقاتلون الباقون آنذاك إلى حي الوعر مع آلاف المدنيين، قبل أن ينسحبوا منها عام 2017 بموجب اتفاق تسوية مع الحكومة.
وتضمّ المدينة أحياء تقطنها غالبية علوية يثير تقدم الفصائل المعارضة مخاوفها.
وأحصى "المرصد" نزوح عشرات الآلاف من سكانها منذ الخميس باتجاه الساحل السوري. وشهد بعض تلك الأحياء خلال سنوات النزاع الأولى تفجيرات دامية.
وفي 29 أبريل/ نيسان 2014، قتل مائة شخص على الأقل غالبيتهم مدنيون، وفق حصيلة لـ"المرصد" حينها، في تفجير مزدوج تبنته "جبهة النصرة" آنذاك (قبل فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة" واندماجها مع فصائل أخرى تحت اسم هيئة تحرير الشام) في حي ذي غالبية علوية.