19 مارس 2025
27 يناير 2025
يمن فريدم- IOM- مؤيد زغداني


على أطراف مخيم "الجفينة" بمحافظة مأرب، أكبر موقع للنازحين في اليمن، حيث تعيش أكثر من 15.000 عائلة حياة قاسية بعيداً عن منازلها، يبدأ محمد ذو الاثني عشر عاماً كل يوم بحماس شديد، حاملاً حقيبته المدرسية المُغبرة على كتفيه، حالماً بأن يصبح جراحاً.

وعلى الرغم من الرحلة الخطرة عبر طريق سريع مزدحم للوصول إلى مدرسة الجيل الجديد، فإن التزامه بالتعلم ودافعه للتغلب على تحديات أسرته يدفعانه للاستمرار.

لم تكن حياة محمد دائماً بهذه الصعوبة. قبل بضع سنوات، عاش مع أسرته في حي متواضع في صنعاء. كان والده، أحمد، يعمل سائق حافلة بينما كان يدرس للحصول على درجة البكالوريوس في التعليم. يقول أحمد: "عشنا ببساطة، لكن منزلنا كان مليئاً بالدفء. ورغم التحديات، كنا مستقرين".

لكن كل شيء تغير في عام 2015. مع تصاعد النزاع في صنعاء، أصبحت المدينة خطرة للغاية ولا يمكن الاستمرار فيها. يقول أحمد: "توقفت المدارس والجامعات وحتى العمل اليومي. لم يكن لدينا خيار سوى المغادرة بحثاً عن الأمان"

كانت رحلة الأسرة مع النزوح مليئة بالصعوبات. في البداية، استأجروا منزلاً في منطقة الجدعان لأكثر من عام. وخلال هذا الوقت، وازن أحمد وزوجته بين دراستهما الجامعية والتنقل اليومي الشاق لمسافة 30 كيلومتراً لضمان حضور محمد إلى المدرسة.

لكن الضغوط أجبرتهم على الانتقال مجدداً، مرة لمدة أربع سنوات، ثم مرة أخرى مع تصاعد النزاع.

مع ارتفاع تكاليف الإيجار في أماكن أخرى، اختارت الأسرة الاستقرار في مخيم "الجفينة". عند وصولهم، واجهوا تحديات كبيرة، من الطقس القاسي إلى محدودية الخيارات التعليمية. ومع ذلك، مع مرور الوقت، تم إنشاء مدارس داخل المخيم، مما أتاح للأطفال فرصة لمواصلة تعليمهم.

على الرغم من هذه التحسينات، لا يزال الازدحام والحرارة الشديدة في فصول المخيم الدراسية تشكل تحديات كبيرة. وعلى الرغم من الرحلة الطويلة من منزله إلى الفصل، كان محمد مصمماً على الاستمرار في حضور مدرسة الجيل الجديد.

ويوضح أحمد: "حاولنا إقناعه بالذهاب إلى إحدى مدارس المخيم، لكن الظروف كانت صعبة. كل يوم، يمشي إلى المدرسة، عابراً الطريق الأسفلتي المزدحم، مصمماً على التعلم هناك".

شهدت مأرب زيادة سريعة في أعداد الطلاب، مما شكل ضغطاً غير مسبوق على نظام التعليم. يوضح محمد قائد، مدير مكتب التربية والتعليم في مأرب: "مع استمرار ارتفاع أعداد النازحين، تكافح المدارس لتلبية الطلب المتزايد على الفصول الدراسية والمعلمين، مما يحرم العديد من الأطفال من فرص الحصول على تعليم بجودة عالية".

استجابة لذلك، بدأت المنظمة الدولية للهجرة في بناء مدرسة الجيل الجديد في عام 2021 ضمن مشروع التعليم في حالات الطوارئ. يقول جمال الزريقي، مساعد ميداني في برنامج السلام والتعافي التابع للمنظمة الدولية للهجرة: "لقد خففت المدرسة بشكل كبير من الضغط على المدارس الأخرى. وتستوعب الآن أكثر من 3.500 طالب في فترات صباحية ومسائية، مما يقلل العبء عن المدارس في مخيم الجفينة".

يبرز مدير المدرسة، جواد الغولي، تأثير المدرسة الجديدة قائلاً: "قبل بناء هذه المدرسة، كان الطلاب يضطرون إلى المشي لمسافات طويلة أو الدراسة في الخيام. الآن، غادر العديد من الطلاب مدارس المخيمات لينضموا إلى مدرسة الجيل لأنها توفر بيئة تعليمية مناسبة ومرافق أفضل".

بالنسبة لعائلة محمد، تمثل هذه المدرسة أكثر من مجرد مكان للتعلم؛ بل إنها تمثل الأمل المتجدد. يقول أحمد: "عندما بدأ في حضور المدرسة، لاحظنا تغييراً كبيراً فيه. أصبح أكثر حماساً لدراسته".

ويضيف أحمد أن هذه التجارب شكلت شخصية محمد بشكل إيجابي. على الرغم من صغر سنه، فهو منضبط وشغوف بالتعلم. وينجز واجباته المنزلية بجد بعد المدرسة. يقول أحمد: "تفانيه يجعلنا نشعر أن كل جهودنا تؤتي ثمارها".

رغم التحسينات التي جلبتها المدرسة، ما تزال التحديات قائمة. يوضح محمد قائد: "نحتاج إلى إضافة طابق ثالث لهذه المدرسة وتوظيف المزيد من المعلمين. التعليم هو المفتاح لضمان عدم ضياع جيل بأكمله".

بالنسبة لمحمد، تمثل المدرسة مكاناً للتعلم ورمزاً للصمود والإمكانيات. يقول بابتسامة مشرقة: "يوماً ما، سأصبح جراحاً وأرد الجميل لكل من دعموني".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI