تفاؤل حذر باستئناف النشاط في البحر الأحمر وسط تقديرات بنمو أسرع لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ
توقعات بنمو سوق الشحن البحري إلى 395 مليار دولار عام 2025
شهدت سوق شحن البضائع نمواً قوياً في الأعوام الأخيرة، ومن المتوقع أن تنمو من 371.98 مليار دولار عام 2024 إلى 395.17 مليار دولار عام 2025 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.2%.
وبحسب تقرير سوق النقل البحري العالمي 2025، الصادر عن "بيزنس ريسيرتش كومباني"، من المتوقع أن يشهد حجم السوق نمواً قوياً في الأعوام القليلة المقبلة، إذ يرجح أن ينمو إلى 496.43 مليار دولار عام 2029 بمعدل نمو سنوي مركب 5.9%، ويمكن أن يعزى النمو في فترة التوقعات إلى نمو قطاع النفط والغاز، وزيادة المنافسة بين خطوط الشحن، وارتفاع الطلب على نقل البضائع المتخصصة، وارتفاع التطورات الجيوسياسية الاستراتيجية، وارتفاع الطلب على سلسلة التوريد، وتشمل الاتجاهات الرئيسة في فترة التوقعات التقدم التكنولوجي، وتبني حلول الطاقة النظيفة، والتقدم في مجال الخدمات اللوجيستية، والتقدم في الشحن المستقل، والتقدم في أنظمة الملاحة البحرية.
وفقاً لـ"بيزنس ريسيرتش كومباني" يعزى النمو أيضاً إلى الزيادة الهائلة في الإنتاج الصناعي، والحاجة المتزايدة إلى المواد الخام، والعولمة في أواخر القرن الـ20، وصعود الاقتصادات الآسيوية، إضافة إلى إزالة القيود التنظيمية، والاستثمارات في مرافق الموانئ، والتركيز المتزايد على الاستدامة، وتقلبات أسعار الوقود، وتشمل الاتجاهات الرئيسة في فترة التنبؤ تنفيذ حلول برمجية متقدمة، وتطوير تقنيات الموانئ الذكية، وتتبع الحاويات المتقدمة، والابتكارات في لوجيستيات سلسلة التبريد، وتعزيز لوائح السلامة.
تشكيل سلاسل الإمدادات
اليوم يعتقد المحللون، أن التوترات الجيوسياسية واتفاقات التجارة الإقليمية أسهمت في إعادة تنظيم التجارة وتشكيل سلاسل الإمدادات وخطوط التجارة وطرقها من جديد، بالنظر إلى ما شهده البحر الأحمر من اضطرابات منذ نهاية عام 2023، ووسط تفاؤل حذر باستئناف النشاط من دون عراقيل على النحو الذي كان معهوداً من قبل على المدى القريب.
يقول الرئيس التنفيذي لشركة بناء السفن "فنيكانتييري"، بييرروبيرتو فولغيرو، إلى "اندبندنت عربية"، إن سوق الشحن البحري العالمية تمر بمرحلة تحول جذري نحو خفض الانبعاثات الكربونية باستخدام أنواع من الوقود النظيف لخفض الانبعاثات الكربونية، مع الاستعانة بالتكنولوجيا المعززة لكفاءة استخدام الطاقة واتباع طرق تشغيل اقتصادية، مشيراً إلى أن مرونة وقوة سلاسل الإمداد في غاية الأهمية من ناحية التأثير، إذ إن تنويع طرق الملاحة ونقل سلاسل الإمداد قرب أسواقها يغير باستمرار من الطلب على الشحن البحري للمسافات الطويلة.
ويرى الرئيس التنفيذي، أن النمو في سوق الشحن البحري العالمية يعتمد على الأسواق الصاعدة في آسيا وأفريقيا نتيجة زيادة حجم الشحن والاستثمار في البنية التحتية للنقل البحري.
تعاون بين "فينكانتييري" و"سوفون للصناعات"
بخبرة تمتد لأكثر من 230 عاماً في بناء السفن، عاصرت شركة "فينكانتييري" تطور صناعات بناء السفن والملاحة البحرية عالمياً، فيما هي تتابع اليوم من كثب التحولات الأخيرة التي تعيد تشكيل سوق بناء السفن العالمي، والتي تحركها التغيرات الجيوسياسية، والابتكار التكنولوجي، والتنظيمات البيئية، والتعديلات الاقتصادية.
ويقول الرئيس التنفيذي للشركة إن التوترات الجيوسياسية والاتفاقات التجارية الإقليمية تعززان الاتجاه نحو إضفاء الطابع الإقليمي على التجارة، مما يؤدي إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد ومسارات التجارة، وخلال الوقت ذاته، من المتوقع أن تعمل الرقمنة والأتمتة على تحسين عمليات بناء السفن، إذ تسهم السفن ذاتية التشغيل والذكاء الاصطناعي في تعزيز الكفاءة والسلامة، ونظراً إلى وجود تنظيمات بيئية تضع الاستدامة في صدارة أولويات القطاع، تشهد سوق بناء السفن العالمية تحولاً جذرياً نحو إزالة الكربون، من خلال اعتماد الوقود منخفض الكربون، والتقنيات الموفرة للطاقة، وممارسات الاقتصاد الدائري.
ويلفت إلى أن مرونة سلاسل التوريد باتت ضرورية بالقدر نفسه، إذ يؤثر تنويع المسارات والتوجه نحو التصنيع القريب على الطلب على بناء السفن والبنية التحتية البحرية، علاوة على ذلك، تدفع الأسواق الناشئة مثل آسيا وأفريقيا عجلة نمو سوق بناء السفن العالمي من خلال زيادة حجم التجارة والاستثمارات في البنية التحتية.
وعلى رغم استمرار التحديات مثل الضغوط الاقتصادية والتنظيمية، يقول الرئيس التنفيذي إن شركته مستعدة للتكيف مع هذه التغيرات من خلال التركيز على الاستدامة والابتكار والمرونة.
وينظر المسؤول إلى سوق الشرق الأوسط باهتمام واسع في ظل ازدهار اقتصادات المنطقة، وزيادة الاستثمارات في القطاعات البحرية والدفاعية، فبفضل موقعه الجغرافي على مفترق طرق التجارة العالمية، يعد الشرق الأوسط محوراً رئيساً لصناعات بناء السفن والخدمات اللوجيستية، علاوة على ذلك تنتهج حكومات المنطقة مبادرات طموحة مثل "رؤية السعودية 2030"، التي تهدف إلى تنويع الاقتصادات وتحديث البنية التحتية، ومع الدور الحيوي الذي يلعبه قطاع بناء السفن والملاحة البحرية في تحقيق هذا التنويع.
وتحدث رئيس الشركة التنفيذي عن التزامها بالتوطين توافقاً مع الطموحات الإقليمية، موضحاً أن السفن الحربية المتطورة والسفن التجارية الصديقة للبيئة التي تقدمها الشركة تلبي متطلبات الشرق الأوسط في تحديث الدفاع والنمو المستدام، وتعكس شراكاتها مع كيانات مثل الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) الالتزام بتعزيز التعاون المحلي ونقل التكنولوجيا، وخلق فرص العمل.
ويضيف قائلاً "من خلال ترسيخ حضورها في المنطقة، تسهم "فينكانتييري" في التنمية طويلة الأجل، مع التركيز على حماية الممرات البحرية الاستراتيجية ودعم صادرات الطاقة. وتمكننا هذه الفرص في الشرق الأوسط من تعزيز حضورنا الإقليمي وتعظيم تأثيرنا العالمي، مما يرسخ مكانتنا كشركة رائدة في قطاعي الملاحة البحرية والدفاع".
ويتحدث عن تعاون "فينكانتييري" مع شركة "سوفون للصناعات" لدعم أجندة "رؤية 2030" من خلال تعزيز القدرات البحرية والدفاعية للسعودية، موضحاً أن هذا التعاون يركز على توطين الصناعات الرئيسة مثل بناء السفن والصيانة، مما يسهم في تنويع الاقتصاد الإقليمي وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، ومن خلال هذه الشراكة تقدم "فينكانتييري" خبرتها في بناء السفن الحربية عبر نقل التكنولوجيا، بينما تسهل "سوفون" عمليات التوطين وتدمج الشركات السعودية في سلسلة التوريد البحرية العالمية، وهو ما يمكن معه التعاون في استكشاف حلول بحرية مستدامة، بما في ذلك تصاميم السفن الخضراء وأنظمة الوقود الصديقة للبيئة، والإسهام في تعزيز القدرات البحرية السعودية وتحسين أمن ممراتها المائية الاستراتيجية، ودعم تطوير البنية التحتية مثل أحواض بناء السفن وسلاسل التوريد المحلية.
ويردف أن هذا التعاون يهدف إلى تحقيق قيمة استراتيجية طويلة الأجل من خلال خلق فرص عمل وتعزيز التقدم التكنولوجي وتعزيز النفوذ الجيوسياسي، مما سيؤدي إلى دعم النمو الاقتصادي والدفاعي للرياض، مع ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية في مجال بناء السفن والابتكار البحري.
ويختتم بقوله "في عام 2024، ارتفع سعر سهمنا بأكثر من 60%، مما أدى إلى زيادة قيمتنا السوقية من 800 مليون يورو (834 مليون دولار) خلال مارس/ آذار 2024 إلى 2.24 مليار يورو (2.23 مليار دولار) بحلول نهاية 2024، ثم إلى 2.38 مليار يورو (2.48 مليار دولار) خلال الـ21 من يناير/ كانون الثاني الجاري، ويعكس هذا الأداء التزامنا بتحقيق القيمة وتوليد التدفقات النقدية لمساهمينا. كما نجحنا خلال يوليو/ تموز في إتمام زيادة رأس المال بقيمة 400 مليون يورو (417 مليون دولار)، وبحلول نهاية العام أضفنا 890 مليون يورو (927 مليون دولار) إلى قيمة المساهمين، في حين ارتفعت نسبة الملكية المؤسسية ضمن الأسهم المتاحة للتداول من 34 إلى 38%".
وبعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، طرح التساؤلات حول ما إذا كانت قناة السويس، وهي طريق تاريخي بالغ الأهمية لطرق التجارة العالمية الرئيسة بما في ذلك التجارة بين أوروبا وآسيا، ستستأنف دورها في نقل سلع بمليارات الدولارات.
المنطقة الأسرع نمواً
وألقى نائب رئيس الشحن العالمي في شركة "سي أتش روبنسون"، الضوء على حال عدم اليقين السائدة، وقال إنه "من غير المرجح أن تشهد الصناعة تحولاً كبيراً إلى قناة السويس في الأمد القريب، والتي كانت تمثل في السابق 30% من التجارة العالمية بالحاويات قبل اندلاع الصراع، ويرجع هذا في المقام الأول إلى التحديات المتعلقة بتأمين التأمين على البضائع نظراً إلى الأخطار العالية المتصورة والقيود الزمنية نظراً إلى أن الأمر يستغرق أسابيع أو أشهراً لتنفيذ خطة شحن جديدة عبر المحيطات.