اتسمت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالغموض بشأن ما إذا كان هناك مهلة نهائية أمريكية لاتفاق محتمل للسلام في أوكرانيا بعد إنذار مستتر أصدره وزير الخارجية ماركو روبيو.
وردا على سؤال في البيت الأبيض الجمعة (18 أبريل/ نيسان 2025)، قال ترامب إنه يريد أن يرى اتفاقا "في وقت قريب جدا". ومع ذلك، لم يحدد عدد الأيام التي يعنيها ذلك. وأكد ترامب قائلا: "لا يوجد عدد محدد من الأيام، ولكن بسرعة، نريد إنجاز هذا الاتفاق".
في الوقت نفسه أوضح ترامب أنه ليس لديه مصلحة في مواصلة جهود الوساطة الأمريكية إذا كان الطرفان غير مستعدين للتوصل لحل وسط. وأضاف الرئيس الأمريكي: "إذا جعل أحد الطرفين الأمور صعبة للغاية، لأي سبب من الأسباب فسنقول لهم أنتم حمقى، وأنتم بلهاء، وسنتجاهل الموضوع ببساطة".
وأوضح الرئيس الأمريكي قائلا: "لكن نأمل ألا نضطر إلى فعل ذلك"، وردا على سؤال بشأن ما إذا كان سيوقف الدعم لأوكرانيا، تجنب ترامب إعطاء إجابة واضحة. وقال إنه لا يزال يؤمن بحل تفاوضي.
وأكد أن أولويته هي إنهاء الحرب. واستطرد قائلا إنه يتوقع "حماسا" للمحادثات من كلا الطرفين: روسيا وأوكرانيا.
ورفض ترامب التقييم القائل بأن روسيا ربما تقوم بالتلاعب به، قائلا: 'لا، لا أحد يتلاعب بي".
وكان روبيو قد صرح، في وقت سابق، بأنه إذا لم يتم إحراز تقدم في الأيام المقبلة فإن الولايات المتحدة قد تعلق جهودها في الوساطة لتأمين سلام بين روسيا وأوكرانيا إذا لم يحدث أي تقدم في الأيام المقبلة، بعد فشل الجهود على مدار شهور في إنهاء القتال.
وأضاف ترامب: "نريد تحقيق ذلك سريعا.. والآن، إذا كان أحد الطرفين لسبب ما يجعل الأمر صعبا جدا، فسنقول: أنتم أغبياء وحمقى وأناس فظيعون. وسننسحب فحسب. لكن نأمل ألا نضطر لذلك".
"فرص بعيدة المنال"
وعلى مدار الأسابيع القليلة الماضية أقر مسؤولون من إدارة ترامب في جلسات خاصة بأن فرص التوصل إلى اتفاق سلام سريعا في أوكرانيا أصبحت بعيدة المنال. وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين إن تعليقات روبيو تعكس الإحباط المتزايد في البيت الأبيض بسبب التعنت الروسي لإنهاء الحرب.
بدوره قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن بعض التقدم نحو التوصل إلى تسوية سلمية تحقق بالفعل، لكن الاتصالات مع واشنطن صعبة. وأضاف أن روسيا تسعى جاهدة لحل النزاع مع ضمان مصالحها الخاصة. وأفاد بأن موسكو ما زالت منفتحة على الحوار مع الولايات المتحدة.
وكانت المحادثات التي جرت في باريس أمس الخميس بخصوص مسعى ترامب للسلام هي أول محادثات مباشرة رفيعة المستوى تشارك فيها القوى الأوروبية.
وقال روبيو إن إطار عمل طرحته الولايات المتحدة لإحلال السلام لاقى "استقبالا مشجعا". ووصف مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمر زيلينسكي المحادثات بأنها بناءة وإيجابية.
وقال جيه.دي فانس، نائب الرئيس الأمريكي، في أثناء اجتماعه مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني في روما إنه متفائل بأن الولايات المتحدة قد تساعد في إنهاء هذه "الحرب الوحشية جدا".
فيما قال مسؤول أمريكي إن الجانبين سيعاودان الحوار في لندن الأسبوع المقبل، مما يمنح أوكرانيا الوقت للموافقة الكاملة على "ورقة الشروط" التي قدمتها واشنطن. وقال المسؤول إن كييف مستعدة لوقف شامل لإطلاق النار في البحر والبر والجو لمدة 30 يوما على الأقل أو أكثر.
تزايد الإحباط
كان ترامب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا في أول 24 ساعة من عودته للبيت الأبيض. وعدل ذلك عندما تولى المنصب، مشيرا إلى إمكان إبرام اتفاق بحلول أبريل/ نيسان أو مايو/ أيار مع تنامي العقبات أمام هذا الهدف.
ومارس ترامب ضغوطا على الجانبين للجلوس لطاولة المفاوضات، مهددا بتشديد العقوبات على روسيا أو بوقف الدعم العسكري الأمريكي لكييف الذي يقدر بمليارات الدولارات.
وأجرت أوكرانيا وروسيا محادثات بوساطة أمريكية في السعودية، تمخضت عن وقف جزئي لإطلاق النار لا أكثر. لكن الحرب استمرت فعليا، ومنها هجوم صاروخي روسي في الآونة الأخيرة استهدف سومي في شمال شرق أوكرانيا، وأودى بحياة 35 شخصا، وهو هجوم وصفه ترامب بأنه "خطأ".
وقال مصدر مطلع على المداولات الداخلية إن ترامب أوضح لفريقه أنه يتساءل عن مدى جدوى التمسك بالمحادثات لكسر الجمود. وقال المسؤول الأمريكي الأول إن تعليقات روبيو تعكس إحباط ترامب من هذه القضية وقلقه من أن تكون هذه "حرب ترامب" قريبا.
وإذا انسحبت واشنطن فمن المرجح أن تفشل جهود التوسط في السلام، لأنه لا توجد دولة أخرى قادرة على ممارسة ضغط مماثل على كل من موسكو وكييف.
والتداعيات الأخرى غير واضحة، إذ يمكن للولايات المتحدة أن تبقي على سياستها الحالية بشأن الصراع دون تغيير مع إبقاء العقوبات على روسيا والحفاظ على تدفق المساعدات الأمريكية إلى كييف. لكن قد يقرر ترامب بدلا من ذلك وقف المدفوعات لأوكرانيا.
وقال ترامب أمس الخميس إنه يتوقع توقيع اتفاق بشأن المعادن مع كييف الأسبوع المقبل بعد أن فشلت محاولة في فبراير/ شباط في أعقاب الاجتماع الكارثي بين ترامب ونائبه فانس وزيلينسكي في المكتب البيضاوي.
وذكر روبيو أنه تحدث إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد محادثات باريس وأطلعه أيضا على "بعض عناصر" إطار العمل الذي تقترحه الولايات المتحدة لإحلال السلام.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه يريد من أوكرانيا التخلي عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي واستمرار سيطرة روسيا على كامل المناطق الأوكرانية الأربع التي تقول إنها جزء منها وتقليص عدد أفراد الجيش الأوكراني، وهي مطالب رفضتها كييف. وتقول كييف إن هذه المطالب تعادل المطالبة باستسلامها.
وأضاف روبيو أن للأوروبيين دورا محوريا في أي اتفاق سلام، خاصة وأن العقوبات التي فرضوها على روسيا ستحتاج على الأرجح إلى رفعها للتوصل إلى اتفاق. وقال إن الضمانات الأمنية الأمريكية طُرحت في محادثات باريس، مضيفا أنها مسألة "يمكننا حلها بطريقة مقبولة للجميع" لكن "لدينا تحديات أكبر علينا حلها".