وسط تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة غذائية حادة ومستفحلة بسبب الحصار المفروض على الفاشر عاصمة شمال دارفور منذ أكثر من عامين، لا يزال القتال العنيف محتدماً بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حول المدينة.
وتبادل الطرفان القصف المدفعي العنيف، إذ قصفت "الدعم السريع" محيط السوق المركزية، وحلقت مسيراتها في سماء المدينة، فيما مدفعية الفرقة السادسة للجيش بقصف مواقع هذه القوات شرق المدينة.
مليون نازح
وكشفت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة عن ارتفاع أعداد النازحين من الفاشر، إلى أكثر من مليون شخص، وقدر بيان للمنظمة أن 1.014.748 شخصاً تم تهجيرهم من محلية الفاشر، ما يمثل أكثر من 10 في المئة من إجمالي النازحين داخلياً في السودان، بينما بلغ عدد الذين فروا من مدينة الفاشر ومعسكر زمزم نحو 718.998 شخصاً.
وأوضحت المنظمة أن 99% من السكان غادروا معسكر زمزم للنازحين، 12 كيلومتراً جنوب غربي الفاشر، انتقل نحو 75% منهم إلى منطقة طويلة الخاضعة لسيطرة "حركة تحرير السودان" بقيادة عبدالواحد نور، كما فر 10% إلى داخل الفاشر، ولجأ آخرون إلى تشاد.
ومنذ مايو/ أيار 2024، تشن "الدعم السريع" هجمات متكررة على المدينة في إطار محاولاتها للسيطرة عليها، كما اجتاحت في 11 أبريل/ نيسان الماضي معسكر زمزم.
مدينة بارا
وفي شمال كردفان شنت مقاتلات الجيش الحربية غارات على تجمعات "الدعم السريع" جنوب مدينة بارا.
وبث جنود يتبعون للجيش والقوات المشتركة مقاطع فيديو يؤكدون فيها اقترابهم من محيط المدينة التي تعد نقطة التجمع الأكبر والرئيسة لـ"الدعم السريع" حيث تجمعت قواتها المنسحبة من الخرطوم، خصوصاً من جنوب أم درمان في مايو الماضي، كما تعد محطة مهمة في منتصف المسافة الصحراوية بين العاصمة وولايات كردفان.
وفي سعيها لمنع تقدم الجيش غرباً وتضييق الخناق على مدينة الأبيض، عملت "الدعم السريع" على تعزيز وجودها في منطقة بارا وطريق الصادرات الغربي من الناحية الغربية لمدينة الأبيض.
هجمات وتشريد
وذكر سكان محليون أن "الدعم السريع" تواصل هجماتها على قرى المنطقة وأرياف بارا وهجرت، بصورة قسرية، سكان قرية أم زين بالكامل، ويكابد الفارون ظروفاً إنسانية صعبة في ظل انعدام المساعدات الإنسانية، وتوقف المبادرات الخيرية التي كانت تغطي حاجة عدد من مراكز الإيواء.
في جنوب كردفان سيرت اللجنة العليا للاستنفار والمقاومة الشعبية قافلة طبية وغذائية لمحطة الدشول العسكرية في الطريق القومي، كادوقلي – الدلنج، التي استردتها الفرقة الـ14، مشاة للجيش بكاودقلي من أيدي الحركة الشعبية، شمال جناح الحلو نهاية الشهر الماضي.
وأكد المقدم إسماعيل جمعة قائد محطة الدشول العسكرية أن "الجيش ممسك بزمام المبادرة، وعازم على تأمين الطريق القومي كادوقلي – الدلنج، وعدم التفريط فيه، مرة أخرى"، ولفت إلى قدرة الجيش على التصدي لكل من تسول له نفسه محاولة قطع الطريق، مرة أخرى، والمساس بأمن الوطن والمواطنين، مطالباً الحركة الشعبية - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، و"الدعم السريع"، وتجمع "تأسيس" بالابتعاد عن محيط الولاية وعدم الزج بالمواطنين الأبرياء في أتون المعارك.
طوارئ بالشمالية
على خلفية الأحداث الدامية ذات الطابع القبلي التي شهدتها محلية الدبة بالولاية الشمالية مطلع الأسبوع الجاري، أصدر الفريق عبدالرحمن عبدالحميد والي الولاية أمر طوارئ بتعديل ساعات حظر تجوال الأشخاص والمركبات بالمحلية من السادسة مساء وحتى الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي. وشهدت محلية الدبة، قبل أيام عدة، اشتباكات قبلية دامية أدت إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح آخرين، وتدخلت القوات النظامية للفصل بين المتقاتلين.
وتواصل الاستنفار والتعبئة بالولاية الشمالية تحسباً لأي هجوم محتمل من "الدعم السريع" على الولاية انطلاقاً من مواقعها التي سيطرت عليها في الآونة الأخيرة في منطقتي المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر وكرب التوم الواقعتين داخل الحدود الإدارية للولاية.
انفلات أمني
في مواجهة الانفلات الأمني الذي تشهده مناطق عدة في العاصمة السودانية الخرطوم عقب تحريرها، وجه وزير الداخلية الفريق بابكر سمرة بنشر قوات الشرطة الخاصة لإسناد شرطة الولاية والمساعدة في تأمين العاصمة. وكان وزير الداخلية تفقد مقر القوات الخاصة للشرطة بالخرطوم بحري برفقة نائب المدير العام المفتش العام الفريق محمد إبراهيم عوض الله.
أزمة المقابر
على صعيد آخر حذرت لجنة حكومية بالخرطوم من نفاد المساحات المخصصة للدفن في معظم مقابر الولاية، مما أدى إلى تمدد المقابر الرسمية بانتشار ظاهرة الدفن خارج أسوارها في عدد من المناطق. وأشارت اللجنة إلى تفاقم أزمة المقابر نتيجة الضغط المتزايد في عدد الوفيات خلال فترة الحرب وامتلاء معظمها وسط غياب حلول عاجلة ومستدامة. ولفت تقرير للجنة، إلى أن كثيراً من المواطنين اضطروا لدفن ذويهم وأقربائهم في ساحات عامة، أو في أراض زراعية مجاورة لمنازلهم مما يثير مخاوف صحية وبيئية جادة.
اشتعال حدودي
في تطور ميداني جديد على الحدود الشرقية شهد الشريط الحدودي بين السودان وإثيوبيا تصعيداً جديداً بتكرار توغل ميليشيات إثيوبية داخل الحدود السودانية والتعدي على الأراضي الزراعية. وقالت تنسيقية شرق السودان، "إن ميليشيات إثيوبية مسنودة من الجيش الإثيوبي توغلت داخل الأراضي السودانية على حدود ولاية القضارف، مما أدى إلى منع عشرات المزارعين السودانيين من زراعة أراضيهم الخصبة في منطقة الفشقة".
وأوضح نائب رئيس تنسيقية شرق السودان البرلماني السابق عن منطقة الفشقة مبارك النور أن "الميليشيات عاودت نشاطها في الأراضي السودانية التي سبق أن استردها الجيش السوداني عام 2020، وبدأ مزارعون إثيوبيون بتجهيز الأراضي تمهيداً لزراعتها تحت حماية القوات الحكومية الإثيوبية، بينما مُنع السودانيون من دخول أراضيهم".
استغلال الحرب
واتهم النور الميليشيات المدعومة من الجيش النظامي الإثيوبي باستغلال انشغال الجيش السوداني بالحرب الدائرة لتعيد انتشارها في المناطق الحدودية، مستفيدة من انسحاب القوات السودانية التي تحركت لدعم جبهات القتال الداخلية.
وحذر البرلماني السابق من أن هذه التحركات الإثيوبية تمثل تهديداً مباشراً للموسم الزراعي، بخاصة مع بداية هطول الأمطار، مما ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة، مطالباً مجلس السيادة الانتقالي باتخاذ إجراءات عاجلة لاستعادة السيطرة على الشريط الحدودي وطرد الميليشيات الإثيوبية من الأراضي السودانية.
إغلاق حدودي
في تطور آخر على حدود السودان ودولة جنوب السودان، أغلقت سلطات الأخيرة، أمس الأحد، معبر الرقيبات الحدودي الرابط بينهما في ولاية شرق دارفور جراء عملية نهب مسلح استهدف فيها مسلحون مجهولون قافلة تجارية سودانية كانت في طريقها إلى أسواق جنوب السودان داخل الأراضي الجنوبية.
وسبق أن شهد معبر الرقيبات بين الدولتين خلال الأشهر الماضية توترات مشابهة، كان آخرها إغلاقه في يناير/ كانون الثاني الماضي، إثر مقتل عدد من المواطنين السودانيين داخل جنوب السودان، قبل أن تتدخل السلطات المحلية والأهلية، ويعاد فتح المعبر لاحقاً.
الأزمة الوزارية
سياسياً أوشكت أزمة تشكيل الحكومة الجديدة على تجاوز عقبة الخلاف حول نسب مشاركة حركات مسار دارفور الموقعة على اتفاق سلام جوبا في الحكومة بالإبقاء على الوزارات المخصصة لها كما هي، بعد تدخل مباشر من الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للجيش. وشمل التوافق، بحسب مصادر سياسية، أن تظل حقيبتا المالية والمعادن في التشكيل الجديد من نصيب حركتي "العدل والمساواة" (جبريل إبراهيم) و"تحرير السودان" (مني أركو مناوي) على أن تقدم الترشيحات لهما بالتنسيق مع مجلس السيادة ورئيس الوزراء.
وباء السحايا
صحياً حذرت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، من انتشار وباء التهاب السحايا في عدد من ولايات البلاد، مشددة على ضرورة اتباع سبل الوقاية من الوباء بتجنب حرارة الطقس وعدم الخروج من المنازل، مطالبة السلطات الصحية، أيضاً، بسرعة التصدي للوباء ومنع اتساع رقعته في البلاد. وبحسب عضو اللجنة أديبة إبراهيم، سجلت مناطق شرق السودان 184 حالة بالتهاب السحايا، بينها 12 حالة وفاة، منها 56 حالة بالولاية الشمالية مع تسع وفيات، في وقت سجلت مدينة أم درمان 14 حالة وخمس وفيات، و39 إصابة بولاية الجزيرة بينها خمس وفيات.
ويشهد السودان ارتفاعاً قياسياً في درجات حرارة الطقس خلال فصل الصيف في الفترة من مارس/ آذار حتى نوفمبر/ تشرين الثاني سنوياً.
تفشي الكوليرا
وشهدت ولاية سنار وسط البلاد تفاقماً في الأوضاع الصحية بارتفاع ملحوظ في حالات الإصابة بالكوليرا، على رغم جهود ومحاولات احتواء تفشي الوباء، وارتفع العدد التراكمي للحالات إلى 309 إصابات، بينها 12 حالة وفاة، وفق وزارة الصحة بالولاية.
ورفعت السلطات الصحية الولائية من درجة التأهب داخل المرافق الطبية، مع تكثيف حملات الاستجابة والتوعية، بخاصة في المناطق التي ظهر فيها المرض للمرة الأولى.
وأكد وزير الصحة بالولاية إبراهيم العوض، في تصريحات صحافية، متابعة الوزارة الأوضاع لحظة بلحظة، مشيراً إلى أن الخطر لا يزال ماثلاً ما لم يتم التعامل معه بجدية على المستويات كافة.
وكانت ولاية سنار قد شهدت موجات سابقة من وباء الكوليرا وأمراض المياه الملوثة في ظل ضعف البنية التحتية وندرة الخدمات الأساسية.