توعّد المتمردون الحوثيون في اليمن السبت إسرائيل بـ"الثأر" بعد إعلان مقتل رئيس حكومتهم وعدد من وزرائهم في ضربة إسرائيلية على صنعاء قبل يومين.
وقال رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط في كلمة مصوّرة، "نعاهد الله والشعب اليمني العزيز وأسر الضحايا والجرحى أننا سنأخذ بالثأر"، وتوجه إلى إسرائيل بالقول "تنتظركم أياماً سوداوية".
ودعا "جميع المواطنين حول العالم الى الابتعاد وعدم التعامل مع أي أصول تابعة للكيان الصهيوني"، و"جميع الشركات" في إسرائيل "للمغادرة قبل فوات الأوان".
وأعلن الحوثيون في وقت سابق السبت مقتل رئيس حكومتهم وعدد من أعضائها في الضربة الإسرائيلية على صنعاء أول من أمس الخميس، وهو أكبر مسؤول سياسي يُقتل في تداعيات المواجهة اليمنية - الإسرائيلية على خلفية الحرب في قطاع غزة.
وأوردت قناة "المسيرة" التابعة للمتمردين اليمنيين على حسابها على تطبيق "تيليغرام" بياناً قالت إنه صادر عن "رئاسة الجمهورية اليمنية" في مناطق الحوثيين غير المعترف بها، أكد مقتل "أحمد غالب الرهوي رئيس الوزراء في حكومة التغيير والبناء مع عدد من رفاقه الوزراء الخميس الماضي".
وتابع البيان "جُرح عدد من الوزراء بإصابات متوسطة وخطرة نتيجة العدوان الإسرائيلي، وهم تحت العناية الصحية"، مشيراً إلى أن الاستهداف جاء خلال "ورشة عمل اعتيادية للحكومة".
وجاء في بيان منفصل أن رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط أصدر قراراً بتكليف محمد أحمد مفتاح الذي كان النائب الأول للرهوي، القيام بأعمال رئيس مجلس الوزراء.
وكان الحوثيون عيّنوا أحمد غالب الرهوي رئيساً للحكومة التي تعمل في مناطق سيطرتهم، في أغسطس/ آب 2024، خلفاً لعبدالعزيز بن حبتور.
وكان الرهوي الذي يتحدّر من جنوب اليمن ينتمي إلى حزب "المؤتمر الشعبي العام" الذي أسسه الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح والذي تحالف مع الحوثيين.
وأصدرت حركة "حماس" بياناً عزّت فيه الحوثيين، معتبرةً العملية الإسرائيلية "غادرة وجبانة"، و"انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة عربية، وجريمة نكراء وغطرسة صهيونية ضد كل الأعراف والقوانين الدولية".
ويرى المتخصص في الشؤون اليمنية محمد الباشا المقيم في الولايات المتحدة، في العملية الإسرائيلية تحولاً في الإستراتيجية التي استهدفت في السابق بنى تحتية في اليمن.
ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية، "تشير الضربات إلى تحول في التركيز العملياتي الإسرائيلي، من استهداف البنية التحتية للنقل والطاقة إلى استهداف شخصيات بارزة"، مضيفاً أنه "تصعيد من المرجح أن يهزّ أركان قيادة الحوثيين". ورأى الباشا أن هذه العملية "تحمل بصمات ضربة استخباراتية".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قال بعد الغارة، "كما حذرنا الحوثيين في اليمن، من يمدّ يده على إسرائيل تُقطع يده".
عملية معقدة
وكانت أنباء أفادت بمقتل رئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي وعدد من مرافقيه بالغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع متفرقة من صنعاء أول من أمس.
وفي حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن قصف اجتماع حوثي خلال استماعهم المشترك لكلمة زعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي في أحد المنازل جنوب العاصمة، سارع القيادي في الجماعة نصر الدين عامر إلى نفي تلك الأنباء، ووصف ضمن تدوينة نشرها عبر حسابه على منصة "إكس" الغارات الإسرائيلية بـ"الفاشلة كسابقاتها".
ونقل راديو الجيش الإسرائيلي عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إن طائرات مقاتلة قصفت مجمعاً في منطقة صنعاء، حيث تجمعت قيادات من جماعة الحوثي، واصفاً الهجوم بأنه "عملية معقدة" تمت بفضل جمع معلومات استخباراتية وتفوق جوي.
وأضاف المسؤول "انتهزنا فرصة استخباراتية سانحة لتنفيذ الهجوم وتصرفنا بدقة وسرعة في اللحظة المناسبة".
وكانت مصادر أمنية إسرائيلية قالت إن القوات استهدفت مواقع مختلفة تجمع فيها عدد كبير من كبار المسؤولين الحوثيين لمشاهدة خطاب تلفزيوني مسجل للزعيم عبدالملك الحوثي.
دقة موجهة
ومنذ منتصف ليل أول من أمس، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء سلسلة انفجارات عنيفة هزت أرجاء المدينة ليعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن تلك الضربات التي وصفها بـ"الموجهة بدقة".
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن "سلاح الجو هاجم قبل قليل هدفاً عسكرياً تابعاً لنظام الحوثي الإرهابي في منطقة صنعاء، بدقة موجهة".
ونقل إعلاميون وناشطون ومنصات إخبارية أنباء متطابقة تحدثت عن استهداف منزل رجل أعمال يمني بارز بسلسلة غارات جوية بالتزامن مع وجود قيادات حوثية في ضيافته لمتابعة الخطاب الأسبوعي لزعيم الميليشيات عبدالملك الحوثي.
وبالنظر إلى البنية الفكرية والعقائدية التي تقف عليها الجماعة الحوثية، فإن مقتل الرهوي لا يمثل أهمية إستراتيجية في بنك الأهداف الإسرائيلية، لهذا كان من اللافت استهداف السياسي ذي السيرة الإدارية المتواضعة والمنحدر من محافظة أبين الجنوبية دون سواه من القيادات التاريخية والعقائدية المنتمية إلى السلالة "الهاشمية" التي تدعي اتصالها العرقي بنسل الصحابي علي بن أبي طالب، خصوصاً المنحدرة من محافظة صعدة شمال اليمن، منبع الجماعة الحوثية ومركز انطلاق فكرها القائم على الأيديولوجيا الطائفية المتشددة.