5 أكتوبر 2025
23 سبتمبر 2025
يمن فريدم-DWعربية


أصبحت المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، أولى الدول الغربية الكبرى التي تعترف بدولة فلسطينية، تلتها البرتغال في وقت لاحق من يوم الأحد المنصرم.

كما أعلن رئيسا الوزراء البريطاني كير ستارمر والكندي مارك كارني عن هذه الخطوة قبيل بدء مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وتعتزم دول غربية أخرى، مثل فرنسا وبلجيكا، أن تحذو حذوها على الرغم من تحذيرات إسرائيل.

ويُعد هذا استمرارا لمشروع دبلوماسي تقوده فرنسا والمملكة العربية السعودية للدفع نحو إحياء حل الدولتين، الذي يتعايش فيه الإسرائيليون والفلسطينيون، باعتباره الحل الوحيد للصراع المستمر منذ عقود.

في اجتماع يوم الاثنين، أعلنت عدة دول أنها ستنضم إلى أكثر من 145 دولة عضوا في الأمم المتحدة تعترف بالفعل بدولة فلسطينية. من بين هذه الدول فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا.

جاءت معظم التصريحات الأوروبية الأخيرة بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية نتيجة للحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 65 ألف شخص، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس، مع أن باحثين دوليين قدّروا عدد القتلى بأعلى من ذلك بكثير.

يوم الاثنين الماضي، نشرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة تقريرا، خلص إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.

رفضت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، هذا التقرير وغيره من التقارير التي توصلت إلى النتيجة نفسها، ونددت بأي خطط للاعتراف بفلسطين كدولة، معتبرة أن ذلك سيكون "مكافأة للإرهاب"، في إشارة إلى هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل التي قادتها حركة حماس، والتي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص، وسبقت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة.

مجرد "مسرحية سياسية"

كثير من المدافعين عن حقوق الفلسطينيين، يعتبرون أن الاعتراف بفلسطين كدولة قد لا يكون كافيا إذا لم يقترن بالعمل الجاد. وقد قالت إيناس عبد الرازق، عن معهد فلسطين للدبلوماسية العامة، ومقره رام الله بالضفة الغربية المحتلة، في مقال لها في أغسطس/آب نشره مركز الأبحاث الفلسطيني "الشبكة": "تتبنى الدول الغربية مبادرات رمزية، بينما يعيش الفلسطينيون بلا عدالة ولا دولة، وبفجوة متزايدة بين الواقع المعاش والأداء الدولي".

يوم الأربعاء الماضي، كتب أوين جونز، على صفحات صحيفة الغارديان، أن "كل إجراء اتُخذ ضد إسرائيل كان تمثيليا، بهدف كبح جماح دعوات التحرك من الجمهور".

كما كتب ريتشارد غوان، مدير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، هذا الأسبوع في مجلة "جست سيكيوريتي" الأمريكية للسياسات، أن هناك قلقا بشأن رد فعل إسرائيل على دفعة جديدة من الاعترافات.

وأضاف غوان: "لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سجل طويل في تحدي بقية أعضاء الأمم المتحدة". أحد السيناريوهات التي تُقلق الدبلوماسيين هو أن نتنياهو الذي أعلن الأسبوع الماضي أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية"، قد يرد على عملية الاعتراف بالإعلان رسميا عن خطط لضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية في خطابه.

هل يُمكن للاعتراف بفلسطين أن يُحقق السلام؟

من الواضح أن الاعتراف بدولة فلسطينية وحده لن يُوقف حرب إسرائيل على غزة. ويرى الكاتب جدعون ليفي حسب مقاله الذي نشر في صحيفة هآرتس الإسرائيلية في أغسطس/آب، أن "الاعتراف بديل خاطئ للمقاطعات والإجراءات العقابية التي ينبغي اتخاذها ضد دولة تُمارس الإبادة الجماعية. الاعتراف مجرد كلام فارغ، والإبادة الجماعية لن تتوقف دون خطوات عملية من المجتمع الدولي".

كما يُشير خبراء القانون، إلى مسألتين منفصلتين، سواء كانت فلسطين دولة أم لا، فإن القانون الدولي يُلزم الدول الأخرى ببذل كل ما في وسعها لمنع حدوث إبادة جماعية.

ترقية دبلوماسية

ما يمكن أن يُسهم به الاعتراف بدولة فلسطينية هو تعزيز موقف وقف إطلاق النارضمن الهياكل الدبلوماسية والبيروقراطية والقانونية الدولية القائمة.

في عدد خريف 2025 من المجلة الأكاديمية الفصلية "مجلة القاهرة للشؤون العالمية"، أشار المحلل السياسي المصري عمر عوف إلى أن المسؤولين الفلسطينيين حاولوا سابقًا الانضمام إلى اتفاقيات جنيف عام 1989، لكن سويسرا رفضتهم، بحجة "عدم اليقين" بشأن وجود دولة فلسطينية، كما قالت سويسرا.

في أغسطس/آب، صرّح نومي بار يعقوب، مفاوض السلام في مركز جنيف للسياسة الأمنية، لـ DW أن الاعتراف "لا يُغيّر شيئا على الفور، ولكنه يمنح الفلسطينيين إمكانيات أكثر للمفاوضات، لأنه عندما تتفاوض دولة ضد دولة، فالأمر يختلف عن التفاوض بين دولة ودولة غير معترف بها".

يمكن اعتبار الاعتراف الثنائي شكلا من أشكال الارتقاء الدبلوماسي، إذ أن الدول المعترفة مثل فرنسا أو بلجيكا، يجب أن تُراجع علاقاتها مع فلسطين، بالإضافة إلى تقييم التزاماتها القانونية تجاهها. ولهذا السبب، قد يؤدي ذلك أيضا إلى مراجعة العلاقات مع إسرائيل.

ولكن يجب أن يكون الاعتراف مصحوبا بخطوات عملية، حسب ما صرّح به هيو لوفات، الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) لـ DW.

أما أنس إقطيط، المحاضر في الاقتصاد السياسي للشرق الأوسط في الجامعة الوطنية الأسترالية، فقد كتب في أغسطس/آب في مجلة "أكفار" الصادرة عن مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية ومقره الدوحة، أن "الاعتراف ليس سياسة بل فرصة، وأن العمل الحقيقي يبدأ بعده".

"تأكيد مهم"

صحيح أن الاعتراف رمزي للغاية كما قال لوفات، "لكن الرمزية ليست دائما أمرا سيئا، فبالنظر إلى الدول التي قررت الاعتراف خاصة فرنسا والمملكة المتحدة، فهو تأكيد مهم على حقوق الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير، والحق في العيش بحرية من الاحتلال، والحق في إقامة دولة أيضا"، لكنه أوضح أن الإجراءات الرمزية يجب أن تصاحبها خطوات عملية.

وفي مؤتمر صحفي عُقد في بروكسل يوم الأربعاء الماضي، شجعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الدول الأعضاء على زيادة الرسوم الجمركية على بعض السلع الإسرائيلية، ومعاقبة المستوطنين واثنين من كبار السياسيين الإسرائيليين.

هذه الإجراءات سبق أن أوصى بها خبراء المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. وصرح مصدر في بروكسل لـ DW أن إيطاليا، التي عارضت سابقا وقف التمويل العلمي للاتحاد الأوروبي لإسرائيل، قد تتخلى عن اعتراضاتها قريبا.

وقال لوفات: "نظرا للتطورات الجذرية التي شهدتها الآراء العامة والسياسية، فالأمر لم يعد مسألة إما الاعتراف بها أو اتخاذ إجراء آخر. لكن في الوقت الحالي، تُطرح إجراءات متعددة في آن واحد، وهذا يعكس تغير الرأي العام عبر مختلف الأطياف السياسية منذ عام 2023.

وقال لوفات: "يجب اعتبار الاعتراف مسارا للتغيير، قد لا نصل إليه غدا، لكن المسار واضح".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI