26 يونيو 2024
3 سبتمبر 2022

 

يخيل للبعض أن تطوير كرة القدم اليمنية لغز يضاهي في غموضه حكاية مثلث برمودا الذي أبتلع عددا من المراكب والسفن العملاقة دون تفسير علمي، وفق روايات متتابعة لا تخلوا من التحريف والإثارة.

اليمنيون كانوا السباقون في التأصيل للساحرة المستديرة على مستوى المنطقة، وتحديدا نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، الذي شهد تأسيس نادي التلال الرياضي في مدينة عدن، كأول ناد يتم تأسيسه في شبه الجزيرة العربية العام ١٩٠٥ تحت مسمى نادي الاتحاد المحمدي الذي تم دمجه فيما بعد بأندية الأهلي والأحرار في 1975.

ومع كل هذا الارث التاريخي، إلا أن كرة القدم اليمنية بقيت تراوح مكانها دون أي تطور أو تقدم مقارنة بمحيطها (الجغرافي) الذي شهد قفزات كبيرة على مستوى اللعبة ووصل بعضها الى أعرق البطولات "كأس العالم" في مناسبات مختلفة.

بعيدا عن السطور السابقة، يمكن الحديث عن عمق مشكلة كرة القدم، أو الرياضة اليمنية بشكل عام باعتبار اللعبة الواجهة الرسمية للنشاط الرياضي في معظم بلدان العالم، وترمومتر النجاح لأي وزارة أو هيئة رياضية.

باختصار، الخلل في الرأس، والمرض عم كافة الجسد، والعلاج بالتخدير الموضعي لم يعد مجديا أمام ما نراه من اعتلال حقيقي يحتاج وقفة جادة من كافة الجهات ذات العلاقة بما فيها السلطات الثلاث (التشريعية، القضائية، التنفيذية).

لا بد من اعادة النظر في التشريعات الخاصة بالرياضة، وسن قوانين تتلائم مع التطورات التي نراها اليوم، والاستفادة من الأخطاء التي أوصلت رياضتنا إلى ما وصلنا اليه "سيطرة المشائخ وكل غير ذي صلة على الأندية والاتحادات الرياضية نموذجا".

نواميس الرياضة لا بد أن تضمن حقوق اللاعبين أثناء وبعد ممارستهم اللعبة، ولست في حاجة للإشارة إلى الوضع الحالي للعديد من نجوم اللعبة الذين شرفوا الوطن في مختلف المنتخبات الوطنية ويعانون الفاقة الآن إما لسبب الاصابة أو التوقف عن ممارسة كرة القدم دون بديل يوازي ما قدموه للعبة.

القوانين أيضا، على سبيل المثال، لا بد أن تلزم الشركات التجارية الكبرى بتخصيص جزءا من أموالها "نسبة معينة" للاستثمارات الرياضية، وخلق شراكة كبيرة بين القطاع التجاري والرياضي بما يسهم في ايجاد دوري تنافسي على مستوى عال أسوة بالدوريات التي تقام في العديد من الدول المجاورة.

المال عصب الحياة، فكيف للرياضة أن تستقيم، وللأندية أن تنافس وهي تترقب الفتات من الداعمين، وهنا يأتي دور الدولة في سن قوانين تمنح الأندية استثمارات تعزز مواردها المالية، وتجعل من ديمومتها مصدرا لتسيير الأنشطة المختلفة التي تنظمها.

السلطة القضائية لا بد وأن تمارس دورها المفترض والتكاملي مع السلطة التشريعية، للرقابة على القوانين المُشَرعة وتمكين اللاعبين - مثلا- من ادارة الأطر الرياضية دون تدخل رؤوس الأموال والمشيخات في العملية الانتخابية.

من غير المعقول أن نجد الأطر والمؤسسات الرياضية، أن ناد رياضي يناشد منصات التواصل الاجتماعي لإنصافه في حقوقه وممتلكاته المهددة بالنهب من قبل الفاسدين، وفي صورة أخرى يمكن للسلطة القضائية ممارسة دورها في كبح جماح الفساد الذي تشهده بعض الأندية الغنية "أحد الأندية في العاصمة صنعاء لديه استثمارات كبيرة مؤجرة بالباطن بسعر زهيد في الوقت الذي تبلغ التكلفة الحقيقة لإيجار هذه الاستثمارات مليارات الريالات".

السلطة التنفيذية جزءا لا يتجزأ من مشروع اعادة تصحيح مسار الرياضة "كرة القدم" على وجه التحديد، لكن التجربة المريرة التي عشناها خلال السنوات الماضية مع هذه السلطة تؤكد حاجتنا للدور التكاملي لباقي السلطتين

معظم الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الرياضة منذ سنوات -كسلطة تنفيذية- عبثوا بمقدرات الشباب والرياضيين "صندوق رعاية النشء " دون وجود أي رقابة حقيقية على مصروفاتهم لضعف تشريع "السلطة التشريعية" وتغاضي "السلطة القضائية".

بخلاصة سريعة، يمكن الاشارة إلى أن الخلل في المنظومة الرياضية -بما فيها كرة القدم - يكمن في السلطات الثلاث، وهذا يقودنا إلى ضرورة اعادة النظر في التشريعات الخاصة بالرياضة وفي جزئياتها القانونية يمكن التركيز على المال، وتمكين الرياضيين، ومحاربة الفساد الرياضي، ثم النظر إلى الجزئيات الفنية الأخرى منها المدارس والاكاديميات ودوري الفئات السنية وخطط التطوير، والخ من الأمور التي يمكن الاستفادة من تجربة أي دولة شقيقة لمن بعد اصلاح خلل الرأس.

 

الأخبار المشابهة
4 سبتمبر 2023 م
الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI