حذر التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية في اليمن من أن أي إحلال للسلام في اليمن لا يمكن من دون نزع سلاح ميليشيات الحوثي التي جربت عبر محطات سابقة في صراعها من الدولة اليمنية، أظهرت فيها عدم الاكتراث لأي من اتفاقاتها.
وأكد تحالف القوى في بيان له على أن الحل المنشود "لن يكتمل ما لم يسهم التفاهم الذي بادرت فيه الصين بين السعودية وإيران في تفكيك ميليشيات الحوثي ونزع سلاحها ليعود الأمن والاستقرار والحياة السياسية بأدواتها السلمية الآمنة"، وهو ما لم يعلق عليه الحوثي حتى الآن، إلا أنه أصر مرات عدة على عدم التنازل لمنافسيه من بقية القوى الممثلة للحكومة الشرعية.
وأضاف التحالف الذي تنضوي فيه معظم الأحزاب السياسية الكبرى والفاعلة في بيان نشرته وكالة سبأ الحكومية أن "التحالف الوطني في ضوء المستجدات السياسية بالمنطقة ينظر بأمل كبير للدور الصيني وما نتج منه من تفاهمات معلنة بين السعودية وإيران، وأهمية هذا الدور في تجنيب المنطقة الصراع وعودة الأمن والسلام على أساس من النيات الصادقة".
وانتهى وقف إطلاق النار الأطول في نزاع اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الجانبين توقفا عن القيام بإجراءات تصعيدية قد تؤدي إلى اشتعال القتال.
الكف عن دعم الميليشيات
وأعرب تحالف الأحزاب "عن أمله في أن ينعكس هذا الدور والتفاهم على الملف اليمني عبر وقف سلوك إيران في دعم الميليشيات الحوثية والانتقال إلى مرحلة إحلال السلام بإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وفقاً للمرجعيات"، مجدداً "دعمه لموقف الحكومة المتمسك بالحوار وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والوسائل السلمية، ودعمها أي توجه جدي ومخلص يحمل نيات حسنة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
وعلى طريق التطورات السياسية المتتابعة التي تشهدها المنطقة للتوصل إلى صيغة تفضي لحلحلة دبلوماسية مرتقبة للمشهد اليمني الملتهب، بعثت الإدارة الأميركية من جانبها مبعوثها الخاص إلى البلاد تيم ليندركينغ في جولة خليجية هي الأولى عقب اتفاق بكين بعودة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية تشمل الرياض ومسقط في مهمة متجددة تسعى إلى الدفع بعملية سلام شامل تزامناً مع إجراء الأطراف اليمنية مشاورات في جنيف حول تبادل الأسرى بينهما.
البناء على "عام من الهدوء"
وعن المهمة المنتظرة التي تقودها واشنطن دولياً وتتزامن داخلياً مع هدوء آلة الحرب وإجراء مفاوضات الأسرى بين الحكومة الشرعية والحوثيين في جنيف وتستمر 11 يوماً برعاية أممية، قالت الخارجية الأميركية اليوم الأربعاء إن مبعوثها الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ يبدأ جولة جديدة إلى السعودية وسلطنة عمان، "لحث جميع الأطراف على التوصل إلى اتفاق جديد ينهي الحرب في البلاد".
وتوضيحاً لفحوى مسعاه الجديد الذي يتزامن وأحاديث دولية عن تفاهمات غير معلنة للتوصل إلى اتفاقات مبدئية تمهد الطريق أمام تسوية سياسية شاملة، أضافت الخارجية في بيان أن مبعوثها يعود للمنطقة لمواصلة الجهود الأميركية المكثفة للبناء على الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة والتي جلبت ما يقرب من عام من الهدوء إلى اليمن.
وكشفت أن رحلة ليندركينغ تأتي في "أعقاب المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس بايدن الأسبوع الماضي مع السلطان العماني هيثم بن طارق آل سعيد وكان محورها اليمن"، وهو ما يعد تتويجاً للدور العماني الحثيث أخيراً للتقريب بين طرفي الحرب لارتباط السلطنة بعلاقات جيدة مع الجميع بمن فيهم إيران الداعمة المباشرة للميليشيات الحوثية.
وتقود سلطنة عمان مفاوضات غير معلنة بين أطراف الصراع، إضافة إلى مفاوضات برعاية الأمم المتحدة من لتمديد الهدنة في اليمن التي انتهت في أكتوبر الماضي، ورفض الحوثيون تمديدها.
عملية سياسية شاملة
وفي إطار مسعى واشنطن وضع بصمة لصياغة حلحلة ملموسة على الملف اليمني في ضوء الدور الصيني الجديد في المنطقة، "فسيحث المبعوث الخاص جميع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة للتوصل إلى اتفاق جديد والتحرك نحو عملية سياسية شاملة بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة"، كما سيلتقي "مع شركاء الأمم المتحدة والشركاء الدوليين لحشد الدعم لجهود السلام الجارية".
وتأتي هذه التطورات عقب أيام من إعلان إيران، داعمة ميليشيات الحوثي المنقلبة على الدولة عام 2014، والسعودية المساندة للحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دولياً، استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016 برعاية بكين، وهو ما يراه مراقبون خطوة تؤسس لسلام مرتقب في اليمن الغارق بالحرب منذ ثماني سنوات، نظراً إلى التأثير الكبير الذي تشغله الصين في المنطقة عقب خفوت الحضور التقليدي للولايات المتحدة الأميركية.
أمل كبير وتشاؤم من عهود الحوثي
ومع ما يعتري الشارع من حال تفاؤل بالحراك الدبلوماسي الدولي الرامي لعودة الأطراف المتحاربة للعملية السياسية ووضع البنادق جانباً، إلا أن القوى السياسية اليمنية أبدت خشيتها من نكث الحوثيين لأية اتفاقات محتملة كما هو الحال بحالات سابقة عرفت بها الجماعة المنقلبة عام 2014.
وبدأ ممثلون عن الحكومة اليمنية والحوثيين السبت الماضي مفاوضات في شأن تبادل الأسرى بينهما في جنيف، فيما دعت الأمم المتحدة الطرفين إلى إجراء محادثات جدية، وهي الخطوة التي تهيئ لإطلاق أكبر عدد من أسرى الجانبين في إطار اتفاق بين الطرفين أبرم منذ خمس سنوات، ويتضمن "إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين اعتباطياً وضحايا الاختفاء القسري والأشخاص قيد الإقامة الجبرية" في سياق النزاع المستمر منذ 2014 في اليمن "من دون استثناء وبلا شرط".
ويأتي تمديد الهدنة والأوضاع الإنسانية ضمن أولويات المحادثات التي ظلت تراوح مكانها على رغم المحاولات المضنية لخلق تقدم في هذا الملف كتمهيد تتبعه مناقشة الملف السياسي المتمثل في جلوس الطرفين إلى طاولة المفاوضات، ووضع نقاط التقاء تمهد موضوعياً لإنهاء الصراع.
اتفاق بكين سينهي حرب اليمن
أصداء الحراك الدبلوماسي الذي تبرز ثماره المتفائلة بعودة الهدوء والسلام للمنطقة عبرت عنه بعثة إيران لدى الأمم المتحدة التي قالت إن التوصل إلى اتفاق مع السعودية لإعادة العلاقات الثنائية سيسهم في التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب في اليمن، بحسب ما نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية الأحد الماضي.
ونقلت وكالة أنباء "إيرنا" نقلاً عن بيان صادر عن بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إن الاتفاق مع السعودية "سيسرع الجهود لتجديد اتفاق وقف إطلاق النار وسيسهم في بدء حوار وطني وتشكيل حكومة وطنية شاملة في اليمن".
ووافقت إيران والسعودية الجمعة الماضية على إعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح سفارتيهما في كلا البلدين بعد سبع سنوات من التوترات بين البلدين، وذلك بوساطة صينية.
إجراءات بناء الثقة
ومن دون الكشف عن المقترحات المطروحة التي تحملها حقائب الساسة في شأن اليمن إلا أن أنباء متواترة تتحدث عن حدوث إجراء تفاهمات متقدمة عبر وساطة عُمان قد تمهد لإجراءات أوسع تتعدى سكوت آلة الحرب والبدء في جملة من الإجراءات الميدانية الأخرى إنسانية وسياسية.
ووفقاً لما أشار إليه عضو في حكومة ميليشيات الحوثي عقب جولات متكررة لوفود من سلطنة عمان إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، فإن تمديد الهدنة وصرف الرواتب وإجراءات أخرى يجري بحثها قد تضع الأسس لحل سياسي للحرب التي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.
"أندبندنت عربية"