دعت الولايات المتحدة يوم الاثنين إلى وقف إطلاق النار في السودان الذي تشهد عاصمته الخرطوم أعمال قصف لليوم الثالث على التوالي ضمن مواجهات دامية بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، وهي المواجهات التي تهدد انتقال البلاد إلى الحكم المدني.
وبحسب حصيلة نشرتها لجنة الأطباء المركزية، وهي جماعة نشطاء غير حكومية، قُتل ما لا يقل عن 97 مدنيا وأصيب 365 بجروح منذ اندلاع القتال في ساعة مبكرة صباح يوم السبت. ولم تنشر الحكومة أي حصيلة.
وقال مراسل لرويترز إن دوي القصف وأصوات الضربات الجوية ترددت في الخرطوم على مدى ساعتين في وقت مبكر من صباح يوم الاثنين قبل أن تهدأ الضربات المكثفة لكن دوي نيران المدفعية استمر.
والاشتباكات التي امتدت إلى مناطق أخرى في السودان هي الأولى في الخرطوم منذ عقود، ووضعت القوات المسلحة في مواجهة مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية القوية. ويتولى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان منصب القائد العام للقوات المسلحة ويقود الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي قوات الدعم السريع، ويشغل الرجلان على الترتيب أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم وهما رئيس المجلس ونائب رئيس المجلس.
وينذر الصراع على السلطة بخطر وقوع السودان في براثن حرب أهلية بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة، فضلا عن عرقلة الجهود المدعومة دوليا لإطلاق عملية انتقالية نحو الحكم المدني، والتي كان مقررا التوقيع على الاتفاق الخاص بها في وقت سابق هذا الشهر.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إنه يجب وقف إطلاق النار على الفور، وأضاف أن المجتمع الدولي يشاركه في هذا الرأي.
وقال بلينكن على هامش اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في اليابان "هناك قلق عميق مشترك تجاه القتال والعنف الدائر في السودان، التهديد الذي يمثله على المدنيين والذي يشكله للأمة السودانية ويحتمل أن يشكله حتى على المنطقة".
ودعا بلينكن كل من البرهان ودقلو إلى ضمان حماية المدنيين.
القوات في الشوارع
تحدث مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي عن إطلاق نار كثيف وقصف مدفعي في أنحاء الخرطوم، ووردت أنباء عن إطلاق نار في مدينة أم درمان الواقعة على الضفة الأخرى لنهر النيل من الخرطوم.
وأثناء الليل، أبلغ السكان عن دوي قصف مدفعي وهدير طائرات حربية في منطقة كافوري في بحري التي توجد بها قاعدة لقوات الدعم السريع وتجاور الخرطوم أيضا.
واندلع القتال يوم السبت في أعقاب اشتداد الخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش. وتسبب الخلاف حول الجدول الزمني لعملية الدمج في تأخير توقيع اتفاق مدعوم دوليا مع القوى المدنية حول الانتقال إلى الديمقراطية بعد انقلاب عسكري عام 2021.
ويوم الأحد، بدا أن الجيش كان له اليد العليا في القتال في الخرطوم باعتماده على الضربات الجوية لقصف قواعد قوات الدعم السريع.
ويقول شهود وسكان إن انتشار الآلاف من أفراد قوات الدعم السريع المدججين بالسلاح داخل أحياء الخرطوم ومدن أخرى يمثل مشكلة كبيرة.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في السودان إن البرهان وحميدتي وافقا على اقتراحها بوقف القتال لمدة ثلاث ساعات يوم الأحد من الساعة الرابعة عصرا بالتوقيت المحلي (1400 إلى 1700 بتوقيت جرينتش) للسماح بعمليات الإجلاء الإنسانية، لكن لم يتلزم الطرفان بالاتفاق بقدر كبير بعد فترة وجيزة من الهدوء النسبي.
وقالت القوات المسلحة إنها لن تتفاوض مع قوات الدعم السريع ما لم ينفذ قرار حلها، ووصف حميدتي يوم السبت البرهان بأنه "مجرم وكاذب".
وكثف جيران السودان والجهات الدولية يوم الأحد جهودهم الرامية إلى إنهاء العنف الذي اندلع في شهر رمضان. وعرضت مصر الوساطة، وقال مكتب الرئيس الكيني وليام روتو على تويتر إن منظمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) الأفريقية تخطط لإيفاد رؤساء كينيا وجنوب السودان وجيبوتي إلى السودان في أقرب وقت ممكن للتوسط بين الطرفين المتناحرين.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يوم الأحد إنه علق مؤقتا جميع عملياته في السودان بعد مقتل ثلاثة من موظفيه السودانيين خلال قتال في شمال دارفور وتضرر طائرة تابعة للبرنامج في اشتباك بالأسلحة النارية في مطار الخرطوم.
وشهد السودان ارتفاعا في معدلات الجوع في السنوات الأخيرة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن عملياته شملت 9.3 مليون شخص في السودان، وهي إحدى أكبر عملياته على مستوى العالم.