4 يوليو 2024
7 مايو 2023
يمن فريدم-وضاح الجليل
بائع قات يعرض سلعته في أحد الأسواق اليمنية (رويترز)

 

بعد أيام من احتجاجات مزارعي نبتة "القات" في محافظة ذمار اليمنية، وإيقاف نقل منتجاتهم إلى العاصمة صنعاء؛ زعمت سلطات الانقلابيين الحوثيين أنها رضخت لمطالبهم، وألغت الضرائب المضاعفة التي كانت قد فرضتها عليهم خلال الأيام السابقة، في حين تؤكد المصادر أن الانقلابيين حققوا مداخيل كبيرة من هذه الإتاوات خلال إجازة عيد الفطر الماضي.

 

ويتعاطى اليمنيون نبتة "القات" على نطاق واسع من كافة الشرائح العمرية، لا سيما في المحافظات الشمالية، إذ تعد من العادات الاجتماعية رغم تصنيفها في كثير من دول العالم من ضمن المواد المخدرة.

 

ووفق المصادر التي تحدثت لـ "الشرق الأوسط"، فإن الضرائب التي فرضها الانقلابيون كان الغرض منها تحصيل أكبر قدر ممكن من الإتاوات من مزارعي وتجار نبتة القات التي يزيد رواجها والإقبال عليها في فترات الأعياد والمناسبات، نظراً لارتباطها بعادات وطقوس الزيارات الاجتماعية والعائلية.

 

وبانقضاء فترة العيد تكون الإيرادات قد حققت الأرقام المطلوبة، وهو ما يمنح الانقلابيين فرصة لتحسين صورتهم أمام المزارعين والتجار والادعاء بالتعاون معهم والاهتمام بما يحق مصلحتهم، وذلك بإقرار إلغاء تلك الإتاوات، والزعم بمعاقبة المتسببين بها والمتربحين منها.

 

واستحدث الانقلابيون الحوثيون مؤخراً وسيلة جديدة لتحصيل الضرائب والإتاوات عن نبتة القات، وذلك عن طريق موازين جرى توزيعها على نقاط التحصيل في مداخل المدن، خصوصاً العاصمة صنعاء، حيث كان في السابق يجري تحصيل الضريبة، وحتى الإتاوات، بناءً على تقدير المشرفين على النقاط، تبعاً لكمية ومصدر النبتة وأسعارها في الأسواق.

 

وخلال فترة عيد الفطر تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسندات قبض ضرائب نبتة القات، تجاوز بعضها المليون ريال عن الشاحنة الواحدة (الدولار يساوي 550 ريالاً)، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه النبتة في العاصمة صنعاء، ورغم الإقبال الشديد عليها في فترة العيد؛ فإن هذا الإقبال تراجع بشدة بعد انقضاء الأيام الأولى من العيد بسبب ارتفاع أسعارها.

 

واشتكى موردو وتجار القات من أن الضرائب ارتفعت منذ تنفيذ هذه الإجراءات بنسبة تفوق 300 في المائة، فبدلاً من مبلغ ما بين 8 آلاف و10 آلاف ريال كان يجري تحصيله عن كل شاحنة؛ أصبح الموردون يدفعون ما يصل إلى 50 ألف ريال يومياً عن كل شاحنة، بواقع 700 ريال عن كل كيلوغرام.

 

وألحقت بهم هذه الإجراءات خسائر كبيرة، حيث كانوا في السابق يعوضون المبالغ التي يدفعونها كضرائب وإتاوات من خلال رفع أسعار القات؛ إلا أن هذا الارتفاع في المبالغ التي يجري تحصيلها منهم بالقوة يصعِّب عليهم إمكانية البيع بما يعوض ما أجبروا على دفعه.

 

وتوضح المصادر أن تحصيل الضرائب بناءً على الوزن تسبب بخسائر كبيرة للتجار والمزارعين، نظراً لزيادة المبالغ المحصلة بتلك الطريقة من ناحية، ولاستغلال المشرفين الحوثيين في النقاط الأمر في ابتزاز التجار وأصحاب السيارات لدفع رشوة مقابل تخفيض الضريبة، وإذا وافق التاجر أو مالك السيارة، فإنه يكون معرضاً لانكشاف أمره في النقطة التالية بسبب الميزان؛ ما يضطره لدفع رشوة جديدة.

 

وتفيد المصادر بأن العاصمة صنعاء تستقبل يومياً أكثر من 700 شاحنة من نوع "بيك أب" محملة بنبتة القات من محافظة ذمار وحدها، وأن العدد قد يصل إلى ألف شاحنة خلال فترات الأعياد، وتقدر المبالغ التي يجري تحصيلها من هذه الشاحنات بأكثر من 100 مليون ريال يومياً كضريبة رسمية (الدولار نحو 550 ريالاً)، إلى جانب مبالغ أخرى كإتاوات.

 

وتسببت هذه الإجراءات في حدوث اشتباكات بين موردي القات ومحصلي الضرائب والإتاوات الحوثيين في مداخل مدينتي ذمار والعاصمة صنعاء، ونتج عنها اختطاف عدد من الموردين واحتجازهم، وابتزاز عائلاتهم من خلال اتهامهم بالتمرد على القانون وموالاة الحكومة الشرعية، ما اضطرها لدفع مبالغ كبيرة مقابل الإفراج عنهم.

 

وأُغلقت خلال الأيام الماضية عدد من الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي جرى إنشاؤها لتغطية احتجاجات مزارعي وموردي وتجار القات وتطوراتها، وذلك بعد أن لجأ عدد منهم إلى الاعتصام في أحد ميادين العاصمة صنعاء، ورفع لافتات تطالب زعيم الميليشيا عبد الملك الحوثي والقيادي مهدي المشاط رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى بالتدخل لرفع الظلم عنهم.

 

ولا يُعلم سبب إغلاق هذه الحسابات حتى كتابة هذه القصة، حيث ترجح بعض المصادر أن مسؤولي تلك الحسابات أوقفوها بعد إعلان الميليشيات إيقاف الضرائب والإتاوات الجديدة المضاعفة؛ بينما ترى مصادر أخرى أنهم أُجبروا على إيقافها بالقوة.

 

وتعد نبتة القات من السلع التي لا تخضع للتسعيرة، ولا يوجد سعر رسمي ثابت أو متغير لها، بل يتحدد سعرها وفقاً لعدة اعتبارات بينها العرض والطلب والجودة ووقت بيعها، وتنتشر في عموم محافظات البلاد، ويتعاطاها الكثير من اليمنيين في أوقات القيلولة بحثاً عن تحسين الكيف والمزاج.

 

وتستغل الميليشيات الحوثية تجارة القات لتحقيق المزيد من الثراء لها ولقادتها، وعقب سيطرتها على أجزاء واسعة من البلاد وغالبية مؤسسات الدولة؛ اتخذت من الضرائب المفروضة على القات وسيلة للإثراء غير المشروع، وشددت الرقابة على بائعي وموردي القات، ووزعت عناصرها على الأسواق للتضييق على الباعة، وتحصيل مبالغ مالية منهم بمختلف المسميات.

 

وفي أغسطس (آب) الماضي بدأت الميليشيات الحوثية مشروعاً للتحصيل الإلكتروني لضريبة مبيعات القات عبر محفظة من خلال الهواتف النقالة، وبدأت تنفيذ المشروع في أربعة مراكز شملت العاصمة صنعاء ومحافظات صنعاء وعمران وذمار، وتسعى لتنفيذ المشروع في كامل مناطق سيطرتها.

 

ومنذ سنوات يسعى مزارعو وموردو وتجار القات لتخفيف الضرائب والإتاوات التي فرضتها الميليشيات الحوثية عليهم، وفي مديريتي عنس والحداء التابعتين لمحافظة ذمار، دعا المزارعون إلى ما يعرف بـ "النكف القبلي" لمواجهة تعسفات الميليشيات واقتطاعها مبالغ كبيرة من أرباحهم.

 

والنكف هو حشد القبائل قوتها وأفرادها لمواجهة ما يقع عليها من ظلم أو تعسف.

 

وذكرت مصادر لـ "الشرق الأوسط" أن الميليشيات الحوثية منحت عدداً من موردي القات في مختلف المحافظات إعفاءات من الضرائب بحجة توريدهم القات لصالح قادتها وعناصرها وجرحاها في المعارك والمقربين منها، وتحت مسمى "قات المجاهدين"، الأمر الذي يثير حفيظة بقية الموردين وشعورهم بالغبن.

 

(صحيفة الشرق الأوسط)

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI