وسط حالة عزوف شعبية واسعة عن إلحاق الأطفال اليمنيين بالمعسكرات الطائفية التي ينظمها الحوثيون، أقدمت الجماعة الانقلابية على احتجاز أكثر من ألف مقطورة، تحمل مليوني أسطوانة من غاز الطبخ، ومنعت توجهها إلى مأرب لنقل الكمية الشهرية المخصصة للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
الميليشيات الحوثية تهدف- بحسب مصادر تحدثت إلى "الشرق الأوسط"- إلى خلق أزمة تستطيع من خلالها مساومة الأسر على إرسال الأطفال إلى المعسكرات الطائفية مقابل الحصول على أسطوانة غاز، وبيع الكميات التي استوردها تجار الجماعة من الخارج والتي يبيعونها بضعف السعر الذي حددته الحكومة اليمنية.
ووفق ما يقوله سكان في صنعاء لـ" الشرق الأوسط" فإنه رغم تكليف مسؤولي الأحياء ومديري المدارس والمسؤولين عن المساجد، ومشاركة المشرفين على التجنيد في أحياء المدينة، إلا أن هذه المعسكرات شهدت عزوف قطاع واسع جدا من الأطفال، بعد أن تحولت إلى مواقع لاستقطابهم للالتحاق بمعسكرات التجنيد وجبهات القتال، وذكروا أن بعض المراكز التحق بها أطفال بعدد أصابع اليد الواحدة وجلهم من أبناء العناصر المنتمين إلى السلالة الحوثية.
وطبقا لما يذكره محمد، وهو موظف متقاعد في صنعاء، فإن غالب الأسر رفضت إلحاق بنائها بتلك المعسكرات الطائفية لأنها تحرض على الكراهية والعنف، ولأن البعض الآخر من الأسر كانت قد فقدت أبناءها بعد أن تم إلحاقهم بتلك المعسكرات وتم نقلهم للقتال في جبهات مأرب وشبوة. ويؤكد أن السكان أصبحوا يعرفون أنها معسكرات لاستقطاب الصغار.
من جهته، يذكر منصور وهو أحد السكان في صنعاء أنه ورغم استخدام كل وسائل الإعلام والمساجد لحشد الطلاب إلى هذه المعسكرات إلا أن الناس باتوا يخافون على أطفالهم ويمنعوهم من الالتحاق، ويبين أن أزمة الغاز الجديدة، سوف تستخدم لمساومة الناس على أبنائهم، حيث أن من أراد الحصول على أسطوانة غاز للطبخ وهي لا توزع إلا عبر مسؤولي الأحياء وبموجب البطاقة الشخصية، فإن عليه إرسال أبنائه إلى تلك المعسكرات.
- الجماعة الحوثية تهدف إلى تمكين التجار الموالين لها من بيع الغاز المستورد بسعر مضاعف.
ويوضح منصور أن هذه الطريقة استخدمت عند جمع الأموال للمقاتلين الحوثيين، وعند حشد السكان لحضور الفعاليات الطائفية التي تقام على مدار العام، ويؤكد أن هذه الأزمة ستخدم التجار الحوثيين أيضا والذين يستوردون الغاز من الخارج وبيعه بضعف سعر الغاز المحلي.
أما الموظف الحكومي عبد الرحمن، فيقول إن المسؤولين الحوثيين في كل الجهات أرغموا الموظفين على إحضار أبنائهم إلى المعسكرات الطائفية، وافتتحوا فروعا لهذه المعسكرات في المقار الحكومية أو بجوارها للتأكد من إحضار أبنائهم بشكل يومي، بعد أن رفض الناس إلحاق أبنائهم بها، واستخدام كل شيء لإرغامهم على ذلك بما فيها الحصول على أسطوانة غاز الطبخ.
هذه الممارسات أتت متزامنة وتأكيد شركة الغاز اليمنية (صافر) أن الحوثيين يحتجزون مقطورات الغاز في مناطق سيطرتهم، ويمنعون وصولها إلى مقر الشركة في مأرب لتحميل الكميات المخصصة من غاز الطبخ للمناطق الخاضعة لسلطتهم.
وقالت الشركة في بيان وزع على وسائل الإعلام إنها فوجئت بتوقف المقطورات في صنعاء والجوف ومنع السائقين من الوصول إلى مقرها في مأرب.
وبحسب الشركة فإن المقطورات المحتجزة في صنعاء والجوف كانت نقلت حمولتها في أبريل (نيسان)، لكن الحوثيين منعوا وصولها إلى مأرب مرة أخرى لنقل الكمية المخصصة للشهر الحالي، مبينة أن حصة الشهر الماضي تزيد على 2.4 مليون أسطوانة، وطلبت من مالكي المحطات والمقطورات سرعة التحرك إلى (دائرة الإنتاج) لأخذ الكميات المخصصة، وهددت باتخاذ "الإجراءات اللازمة".
- شركة الغاز اليمنية خصصت لمناطق سيطرة الحوثيين خلال أبريل (نيسان) أكثر من 2.4 مليون أسطوانة.
واعتادت ميليشيا الحوثي على افتعال أزمات مصطنعة في مادة الغاز المنزلي باحتجاز المقطورات المحملة من شركة "صافر" في الجوف وتأخير وصولها لإفراغ حمولتها، مع إلقاء التهمة على الحكومة والشركة المنتجة للغاز في مأرب.
وتطبق ميليشيا الحوثي نظام توزيع غير عادل للغاز، حيث تصادر كميات كبيرة من حمولات المقطورات وتخصصها للسوق السوداء، ما يضطر السكان للحصول على المادة بأسعار باهظة، أو الدفع بأبنائهم للمشاركة في معسكرات التجنيد والدورات الطائفية مقابل حصولهم على أسطوانة غاز بشكل دوري.
وفي مسعى لمواجهة العزوف الكبير عن المعسكرات الطائفية كثف قادة الحوثيين من زياراتهم إلى بعض تلك المراكز، والإيحاء بأن هناك من لايزال يقبل عليها، كما دعت الجماعة إلى حملات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لها، واتهمت من يعارض هذه المعسكرات بالعمل لصالح إسرائيل، كما يوجه زعيمها خطابات متكررة مخصصة لهذه المعسكرات، فضلا عن تكريس برامج المحطات التلفزيونية والإذاعية المحلية للحديث عنها وأهميتها، لكنها مع ذلك فشلت في جذب الأعداد التي كان الحوثيون يتحدثون عنها.