21 نوفمبر 2024
23 مايو 2023
يمن فريدم-هشام الشبيلي
يعاني جنوب اليمن تحت وطأة أزمات متكررة وسط رفع يد الحكومة عنهم (أ ف ب)

 

في ذكرى تحقيق الوحدة اليمنية تتصدر قائمة الأحداث والأخبار الأكثر أهمية وجدلاً في الشارع السياسي اليمني، فيما لا يمكن الحديث عنها بمعزل عن الظروف الإقليمية والدولية، فبين تصريحات القادة والزعماء السياسيين اليمنيين والتهاني التي بعثها زعماء ورؤساء العالم إلى جميع اليمنيين بحلول هذه المناسبة بينهم الرئيس الأميركي بايدن، ونظيره الروسي بوتين، والرئيس الفرنسي، والإمبراطور الياباني، والرئيس الأسترالي وعدد من زعماء العالم لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، يجد اليمنيون أنفسهم وسط حلبة نزاعات وصراعات وأخطار كثيرة تتهدد استمرارية الحلم الأزلي لجيل كامل من اليمنيين.

 

بينما ترى مكونات سياسية أهمية بقاء اليمن موحداً، ترى أخرى أن الانفصال مطلب عادل لا بد أن يتحقق في القريب العاجل.

 

بالتوازي، يعتقد كثير من المواطنين في جنوب وشمال اليمن أن "النخب السياسية خلال الفترة الماضية فشلت في تحقيق تطلعات الشعب، مما دفع البلاد نحو التشظي والانزلاق والمجهول"، وهذا الرأي أيضاً تتوافق حوله وتتفق عليه شريحة عريضة من السياسيين اليمنيين.

 

لا يكاد يمر عام إلا ويندب اليمني عبدالله عزيز حاله على ما تشهده مدينته عدن في جنوب البلاد من تدهور للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أنهكت السكان، فقد تفاقمت أزمة الكهرباء في عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مقراً لها وعاصمة موقتة للبلاد جراء نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد، مما جعل السكان يحصلون على الكهرباء لمدة لا تتجاوز ست ساعات تقريباً وبشكل متقطع خلال اليوم.

 

وعلى رغم أن عدن كانت من بين أولى مدن الخليج التي دخلت إليها الكهرباء نهاية القرن التاسع عشر عندما كانت تحت الحكم البريطاني، يعاني أهلها اليوم وسط درجات حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية.

 

يقول عزيز البالغ من العمر 75 سنة، الذي كان وزيراً في جمهورية اليمن الجنوبي قبل الوحدة اليمنية عام 1990، لـ"رويترز"، "تعيش عدن أسوأ أيامها، وسط سلبية من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة. الوزراء يغطون في نوم عميق بمقار إقامتهم في قصر معاشيق، بينما يموت سكان عدن ببطء من شدة الحر".

 

وحذر من أن استمرار الوضع المتردي في عدن من دون معالجة على أرض الواقع قد يقود إلى توترات اجتماعية لا يستطيع أحد التنبؤ بعواقبها.

 

بدورها أعلنت مؤسسة الكهرباء أن تزايد الانقطاعات في عدن التي تضم ميناءً رئيساً يعود إلى خفض قدرة التوليد بمحطات الطاقة بسبب قلة الوقود وانتهاء منحة سعودية للمشتقات النفطية بداية الشهر الجاري.

 

يقول مدير مؤسسة كهرباء عدن سالم الوليدي إن المؤسسة "طالبت الجهات العليا بالدولة منذ اللحظة الأولى لانتهاء منحة الوقود السعودية بضرورة تأمين الوقود الكافي لمحطات الكهرباء، لا سيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة".

 

وأكد الوليدي لـ"رويترز" أن قطاع الكهرباء يواجه تحديات كبيرة ومتراكمة منذ سنوات، مشيراً إلى أن إجمالي الطاقة التي تحتاج إليها عدن يتجاوز 610 ميغاواط بينما تنتج المحطات أقل من 310 ميغاواط فقط يومياً، تعادل تقريباً نصف الحاجات.

 

واعتبر الوليدي أن الصراع السياسي بين شركاء السلطة الآن، في إشارة إلى الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، أثر بشكل كبير في الأوضاع الاقتصادية والخدمات في عدن خصوصاً الكهرباء.

 

وأعلنت السعودية أواخر سبتمبر (أيلول) عن منحة مشتقات نفطية جديدة قيمتها 200 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء المتعثر في اليمن وتوفير الوقود لتشغيل نحو 70 محطة للطاقة الكهربائية بالمحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة جنوب البلاد وشرقها.

 

ودعت الحكومة اليمنية في اجتماعها الأخير، الأربعاء الماضي، القيادة السعودية إلى تعجيل حزمة الدعم التي أعلنتها سابقاً لتلبية الالتزامات. ومن أجل استمرار المنح النفطية، تشترط السلطات السعودية على الحكومة اليمنية القيام بإصلاحات هيكلية وتمويلية في قطاع الطاقة بينها تحصيل رسوم الخدمة من المشتركين.

 

طفح الكيل

 

ترفرف أعلام دولة اليمن الجنوبي السابقة التي توحدت مع اليمن الشمالي عام 1990 في شوارع عدن، حيث تنتشر أيضاً النفايات وتتفاقم أزمة الصرف الصحي.

 

وفاقمت درجات الحرارة المرتفعة حالة الغضب التي تسود مدينة عدن إزاء استمرار فشل الحكومة في تقديم الخدمات وتوفير الأمن وتحقيق الاستقرار لسكان المدينة الساحلية ومدن عدة مجاورة.

 

ووصف الكاتب والفنان عصام خليدي ما يتعرض له سكان عدن بأنه "جرعات تعذيبية قاتلة مع سبق الإصرار والترصد".

 

وأضاف "للأسف يحدث كل هذا أمام مرأى ومسمع رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة وأعضائها المقيمين في قصرهم الفاخر".

 

وقال محذراً "لن يستمر الصمت على هذه العقوبات الجماعية، فقد نفد صبر المواطن كما نفدت قدرته على التحمل والصبر".

 

وعلق مواطن يدعى هاشم محمد ناجي، يبلغ من العمر 51 سنة، وهو موظف حكومي "يظهر الموقف الحالي فشل الدولة والحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي. الناس يموتون والسبب الكهرباء. لقد طفح الكيل".

 

فيما عبرت الطالبة رندا ياسين بالصف الثالث الثانوي عن غضبها من الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي "بدأنا الامتحانات الوزارية منذ أيام. ونعتمد على الشموع والمصابيح التي تعمل بالبطاريات".

 

التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية أعلن "أن 22 مايو 1990 (يوم الوحدة) هو يوم وطني لكل اليمنيين باعتبارها حلماً وطنياً وليست سبباً في أزمات البلاد."

 

وأشار التحالف، الذي يضم الأحزاب والمكونات السياسية الفعالة في الساحة اليمنية، إلى أنه "يقف اليوم وبروح مسؤولة ترتقي إلى مستوى شجاعة أولئك الآباء المؤسسين في الحفاظ على الحلم الوطني بيمن جمهوري ديمقراطي اتحادي أمام الأخطاء التي رافقت مسيرة الوحدة منذ إعلانها في الثاني والعشرين من مايو (أيار) 1990 وطريقة إدارتها."

 

وأضاف في بيان، من أبرز نتائج الوحدة السلبية تأتي حرب 1994 التي أدت إلى تصدع الصف الوطني واختلال الشراكة السياسية، واضطراب آليات الحكم، انتهاء بما حل بالبلاد من كارثة سقوط الدولة بالانقلاب الحوثي ودخول البلاد في حرب مأسوية دخلت اليوم عامها التاسع".

 

وأكد أن "الوحدة كمبدأ وقيمة سامية، وكواقع ثقافي واجتماعي تاريخي، وكحلم وطني للحركة الوطنية المعاصرة بجميع تياراتها واتجاهاتها، وأن المعالجات العادلة للقضية الجنوبية التي تضمنتها وثيقة الحوار الوطني الشامل هي التي يجب البناء عليها".

 

ودعا البيان "إلى عمل وطني نضالي متجرد نحو استعادة الدولة وفتح حوار وطني شامل يؤسس لمصالحة وطنية حقيقية وعدالة انتقالية شفافة تنتهي بإعادة صياغة شكل دولة الوحدة ونظامها السياسي، بما يضمن حفظ الهوية وتحقيق الشراكة الوطنية وضمان الحقوق المدنية والسياسية لجميع أبناء الشعب اليمني بجميع مكوناته من أقصاه إلى أقصاه".

 

من جهته يقول الناشط السياسي اليمني صالح سعيد الحقب، من محافظة الضالع (جنوب اليمن) لـ"اندبندنت عربية"، "في ظل الدعوات المستمرة لانفصال جنوب اليمن، الوحدة اليمنية مستمرة، وكل الأصوات خارجها لن تجعل منها سوى قيمة متجذرة أكثر في نفوس الناس من خلال تحركاتهم غير الوطنية".

 

ووصف ما يحدث اليوم في جنوب البلاد بأنه "نزق جنوبي لا يمثل إلا فصيلاً معيناً لا كل الجنوب، ولن يحقق أي شيء طالما الدعوات تأتي من باب أعضاء مجلس رئاسي للدعاية وكسب المزاج الصاخب". وأوضح "الظلم الكل مظلومين وقضية الجنوب الأولى تم التوافق عليها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي جمع كل الفرقاء اليمنيين قبل انقلاب الميليشيات الحوثية على الدولة".

 

من جهة أخرى، قال السياسي في المجلس الانتقالي عبدالناصر الجعري، في تصريحات خاصة، إن مشروع الوحدة لم يكتمل ويرجع أسباب ذلك إلى قيام حرب صيف 1994.

 

وأضاف "عانى شعبنا الجنوبي جراء هذه الحرب الظالمة وتم إقصاء الآلاف من وظائفهم في السلك العسكري والمدني، وكانت حرب الاجتياح الثانية 2015 هي تأكيد لحقد نظام صنعاء وكرهه للشعب الجنوبي".

 

وختم حديثه بالقول "الشعب الجنوبي اليوم حدد خياره من هذا المشروع أو ما يسمى الوحدة، باستعادة الدولة الجنوبية مهما بلغت التضحيات. سائرون نحو الهدف المرسوم ولن نتراجع عنه وهو قيام دولة الجنوب بحدود ما قبل 21 مايو 1991".

 

"أين الكهرباء يا وزير؟"

 

تحت هذا العنوان نشر وزير الكهرباء والطاقة في الحكومة اليمنية مانع يسلم بن يمين منشوراً على صفحته بموقع "فيسبوك" جاء فيه "أين الكهرباء يا وزير. وصلت أخيراً لدرجة عدم قدرتي على التعريف بنفسي ليس ضعفاً أو عدم ثقة بل حياء. تسلمت وزارة الكهرباء وأكاد أجزم أني أعرف نقاط قوتها وكذلك أوجه القصور فيها، وتسلمتها وأعرف أني سأكون في الواجهة وبشكل مباشر مع شعب ذاق كل العذاب الخدمي".

 

أضاف بن يمين "يجب أن يعرف كل مواطن في هذا البلد أن موارد الدولة لا تكفي لتشغيل الكهرباء بشكل يومي بوضعها الحالي، وبما يغطي الاحتياج الكلي للكهرباء وهذا بسبب كلفة الإنتاج العالية وسببها الجوهري هو العمل العشوائي من دون الرجوع لأصحاب الاختصاص في حينه".

 

وتقول الحكومة اليمنية إنها تنفق ما يعادل 1.200 مليار دولار سنوياً بواقع 100 مليون دولار شهرياً من أجل توفير الوقود واستئجار محطات توليد الكهرباء لكن الإيرادات لا تصل إلى 50 مليون دولار سنوياً".

 

وتسببت الحرب المتشعبة التي دخلت عامها التاسع في اليمن فيما تقول الأمم المتحدة إنها أكبر أزمة إنسانية في العالم.

 

(اندبندنت عربية)

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI