توصلت دراسة جديدة إلى أن الأدوية الأفيونية، إحدى أكثر العلاجات الموصوفة عادة للتخفيف من مشاكل آلام أسفل الظهر في أنحاء العالم قد لا تكون ناجعة.
وشائعة آلام الرقبة وأسفل الظهر. في الواقع، تعتبر آلام أسفل الظهر المساهم الرئيسي، على مستوى العالم، في سنوات العيش مع الإعاقة، فيما تحلّ آلام الرقبة في المرتبة الرابعة، بحسب تحليل للبيانات أجرته دراسة العبء العالمي للأمراض عام 2021.
وتلفت جمعية العمود الفقري بأمريكا الشمالية أن آلام أسفل الظهر يعرّف عنها أنها حادة عندما تستمر أعراضها حد ستة أسابيع، ومزمنة عندما تستمر لأكثر من 12 أسبوعًا.
عندما يتعلق الأمر بمعالجة هذا الألم، على الأطباء الحد بحذر من استخدام المريض للمواد الأفيونية، وفي حال وصف له ذلك أن تكون فترة العلاج قصيرة، بحسب ما تنص عليه الإرشادات السريرية للمجتمع. كما يوصى باستخدام المواد الأفيونية لتسكين الآلام فقط إذا لم تنجح العلاجات الدوائية الأخرى، أو إذا لم يتمكن الشخص من تناولها لأسباب شخصية.
وأفادت كريستين لين، الأستاذة بمعهد صحة العضلات والعظام في جامعة سيدني بأستراليا، والمؤلفة الرئيسية لآخر دراسة نشرت في مجلة The Lancet الأربعاء، في بيان صحفي: رغم هذه الإرشادات "ما من دليل على فعاليتها بتخفيف الألم، ولا تزال مسكنات الألم الأفيونية توصف على نطاق واسع للأشخاص الذين يعانون من آلام أسفل الظهر والرقبة في العديد من البلدان.
وبسبب ندرة الأبحاث حول هذا الموضوع، درس العلماء فعالية وسلامة استخدام المواد الأفيونية لعلاج مجموعة صغيرة من 310 أشخاص. كان المرضى قد طلبوا المساعدة لتخفيف آلام الرقبة أو أسفل الظهر التي يعانون منها من عيادات الرعاية الأولية أو المستشفيات في سيدني بين فبراير/ شباط 2016 ومارس/ آذار 2022. في بداية الدراسة، كان المعدل الوسطي لأعمار المشاركين 44 عامًا ويعانون في الحد الأدنى من آلام متوسطة في الرقبة أو أسفل الظهر، أو كليهما لمدة 12 أسبوعًا أو أدنى.
قُسّم المشاركون في الدراسة بشكل عشوائي على مجموعتين: الأولى أعطيت مزيجًا من النالوكسون ونحو 20 ميكروغرامًا من الأفيون أوكسيكودون يوميًا لمدة ستة أسابيع. استخدم النالوكسون لمنع الإمساك، وهو أحد الآثار الجانبية الشائعة للمواد الأفيونية، وبالتالي منع المشاركين من معرفة المجموعة التي ينتمون إليها. والثانية أعطي المشاركون فيها حبوب دواء وهمي.
وتلقت المجموعتان نصائح رعاية من طبيب ترددوا عليه اسبوعيًا ونصحهم بالبقاء بحالة نشاط، وتجنب الراحة في الفراش، وإذا لزم الأمر، تجنب العلاجات الأخرى، ضمنًا الأدوية غير الأفيونية.
وجد المؤلفون أنه من حيث التأثيرات على آلام الظهر والرقبة، لم تكن المواد الأفيونية مفيدة أكثر من الدواء الوهمي. بعد ستة أسابيع من العلاج، كان متوسط درجة الألم 2.78 لدى مجموعة المواد الأفيونية، و2.25 لدى مجموعة الدواء الوهمي. وهو فارق زاد بمرور الوقت. عانى المزيد من الأشخاص في مجموعة المواد الأفيونية من الألم المستمر في الأسبوعين 26 و52 مقارنةً مع مجموعة الدواء الوهمي.
واكتشف المؤلفون أيضًا أنه من غير المرجح أن تخفف المواد الأفيونية من آلام الظهر والرقبة فحسب، علاوة على ذلك قد تسبب أيضًا ضررًا حتى بعد الاستخدام قصير المدى والمتوسط.
فقد لوحظ لدى المجموعة الأفيونية نتائج أسوأ في الصحة العقلية وتقارير عن الغثيان والدوار والإمساك أكثر من مجموعة الدواء الوهمي. وأفادت لين في بيان صحفي: "نعلم أيضًا أن وصف مسكنات الألم الأفيونية ولو لفترة قصيرة من الوقت، يزيد من خطر إساءة استخدام المواد الأفيونية على المدى الطويل".
المواد الأفيونية والألم
ولدى مؤلفي الدراسة والخبراء غير المشاركين في الدراسة الجديدة نظريات حول لماذا لم تنجح المواد الأفيونية بأن تكون أكثر فائدة من الدواء الوهمي.
أحد الاحتمالات مردها إلى أن آلام الظهر أو الرقبة لمجموعة المواد الأفيونية قد تكون نتيجة عوامل أساسية أكثر مما اعتبره المؤلفون، أي العوامل المعروفة أنها تستجيب بشكل سيئ للعلاج الأفيون، كما قال الخبراء.
وقد يكون الألم المعالج مزمنًا ومتكررًا أكثر من النوع الناجم عن الإصابة الحادة، وفقًا لتعليق على الدراسة من قبل الدكتور مارك دي سوليفان والدكتورة جين سي بالانتين، غير المشاركين فيها. سوليفان أستاذ الطب النفسي والعلوم السلوكية، وبالانتين أستاذة متقاعدة بعلم التخدير وطب الألم في جامعة واشنطن.
كتب سوليفان وبالانتين: "كان المشاركون مطالبين فقط بالتخلص من الألم لمدة شهر واحد قبل نوبة آلام العمود الفقري الحالية". وتابعا: "إذا كان العديد من هؤلاء المشاركين يعانون من ألم متكرر، فقد يكون هذا سبب عدم الاستجابة للعلاج الأفيوني. تم الإبلاغ عن حدوث تحول في آلام أسفل الظهر على مدار عام".
وقال الدكتور جون فينكينبيرغ، غير المشارك في الدراسة، والمتخصص في جراحة العمود الفقري بسان دييغو، إن مناطق الألم في الرقبة والظهر تحتاج أحيانًا إلى المعالجة بشكل منفصل.
وأضاف: "إذا كان شخص ما يعاني من الاثنين معًا فسيكون لديه، مشكلة منهجية تحدث، سواء كانت التهاب المفاصل العام أو الروماتويد". وأضاف فينكينبيرغ الذي يشغل أيضًا منصب رئيس جمعية أمريكا الشمالية للعمود الفقري، أنه علينا توخي الحذر بشأن المرضى الذين يأتون ويعانون من الإثنين معًا".
لم يجمع المؤلفون بيانات حول الرعاية التي يقدمها الأطباء في مواعيد المتابعة، لذلك لم يكن لديهم تفاصيل حول إذا كان المرضى قد اتبعوا أي نصيحة أو أثرها، بالإضافة إلى ذلك، أبلغ 57% فقط من المشاركين عن مدى امتثالهم لتناول الدواء على النحو الموصوف. وبين هؤلاء، التزم أكثر من النصف بقليل بأكثر من 80% من وصفاتهم الطبية.
السيطرة على آلام الظهر والرقبة
بالنظر إلى النتائج التي تفيد بأن المواد الأفيونية تنطوي على مخاطر إحراز الضرر أكثر من أنها تعود بالفائدة، يعتقد المؤلفون أنه لا ينبغي التوصية بالمواد الأفيونية لعلاج آلام الرقبة الحادة أو أسفل الظهر.
ولفتت لين في البيان الصحفي: "عوض ذلك، يجب تشجيع الأطباء على التركيز على الأساليب المتمحورة حول المريض التي قد تتضمن نصائح للبقاء نشيطًا، ووصف مسكنات بسيطة للألم". وتابعت أن "الخبر السار يكمن بأن معظم الأشخاص الذين يعانون من آلام أسفل الظهر الحادة وآلام الرقبة يتعافون بشكل طبيعي في غضون 6 أسابيع".
وتشمل بدائل المواد الأفيونية العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات، المعروفة أيضًا بمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، مثل الإيبوبروفين والنابروكسين والسيليكوكسيب.
كما قد تساعد تمارين نطاق الحركة أيضًا التي تشمل تمارين الإطالة للحفاظ على الحركة أو تحسينها.