7 يوليو 2024

حملة مدنية لتعزيز حقوق الصغار والدفاع عنهم ضد الانتهاكات

أطفال تعز يفتقدون الحماية من آثار الصراع
3 أغسطس 2023
يمن فريدم-وضاح الجليل

 

يشعر نبيل حميد بالأمان لأن بإمكان أطفاله أن يلعبوا في مساحات مفتوحة أمام منزل والده في القرية، فبعدما نزح بهم مجدداً من مدينة تعز اليمنية، لم يعد يخشى عليهم نيران القناصة أو المدفعية أو المسلحين والسيارات والدراجات النارية، وبعد شهر سيعمل على إلحاقهم في مدرسة مجاورة.

 

يقول حميد: "كنت حزيناً لأن والدي لم يبنِ لنا بيتاً في المدينة، والآن اكتشفت صواب رأيه، فبعد عودته من الغربة اشترى أرضاً في تعز (جنوب غرب اليمن) ثم باعها وبنى بيتاً في القرية، حيث يفضّل الهدوء وتربية المواشي، أنا وأطفالي نحب المدينة أكثر، لكن سنوات الحصار جعلت الحياة فيها فيلم رعب".

 

نجا أحد أطفال نبيل من قذيفة أطلقها الانقلابيون الحوثيون على مدرسة "7 يوليو" في حي الروضة شمال المحافظة قبل ثلاثة أعوام، وتسببت بإصابته، رغم أنه لم يكن طالباً في المدرسة، لكنه هرب من مدرسته للقاء صديقه الذي يدرس في تلك المدرسة، وبينما هو يقضي وقته رفقة صديقه عند انتهاء اليوم الدراسي، وقعت القذيفة التي أصابته باضطرابات نفسية لاحقاً.

 

بدأت منذ أيام في المحافظة حملة لحماية الأطفال وتعزيز الوعي بحقوقهم وضمانها خلال الحرب، فبعد شهر واحد من العودة إلى المدارس؛ يشعر غالبية أطفال المحافظة بعدم حصولهم على الترفيه الكافي خلال العطلة الصيفية، في حين لا تحقق لهم المدارس الحماية من آثار الحرب أو التحصيل العلمي.

 

وتستهدف الحملة التي ينظمها التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) المدارس والأسواق العامة، بالرسومات الجدارية ضمن مشروع تعزيز الوعي وضمان حقوق الأطفال أثناء الحرب في اليمن؛ وذلك للفت الانتباه إلى الانتهاكات الستة الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال في اليمن.

 

والانتهاكات الستة التي يتعرض لها الأطفال في اليمن هي التجنيد، والاختطاف، واستهداف المدارس، والمرافق التعليمية، والقتل والتشويه ومنع وصول المساعدات.

 

ضيق مساحات الترفيه

 

الحملة تتضمن عدداً من الفعاليات، فبعد الرسوم الجدارية، ستبدأ عملية التوعية من خلال رسائل تثقيفية يتم بثها عبر الإذاعات المحلية في المحافظات المحررة، خصوصاً تعز، ولحج، وعدن، ومأرب، وحضرموت وإب، إلى استهداف محافظة الحديدة وعدد من المحافظات غير المحررة من خلال البث الإذاعي. وفق ما أوضحه مطهر البذيجي، المدير التنفيذي لـ«تحالف رصد».

 

وأضاف البذيجي لـ "الشرق الأوسط"، أن الرسائل ستوجه إلى ذوي الأطفال وأرباب الأسر والجهات المرتكبة للانتهاكات والجهات الرسمية الأمنية والقضائية المعنية بتوفير وتعزيز حماية الأطفال، إلى جانب مؤسسات المجتمع الدولي، مشيراً إلى أنه سيتم التركيز على توعية الآباء لممارسة أدوارهم تجاه أطفالهم وحمايتهم من التجنيد أو الزج بهم في الصراع.

 

أما الفعاليات اللاحقة لذلك، فستتم عبر ندوات وجاهية وندوات عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، وستتركز هذه الندوات في أرياف محافظة تعز، خصوصاً مديريتي المعافر والشمايتين في الريف الجنوبي من المحافظة، بحسب البذيجي، الذي يأمل أن تحقق الحملة في نهايتها صنع وعي كافٍ بحماية الأطفال من الانتهاكات، خصوصاً التجنيد.

 

الحملة تأتي في وقت لا يشعر فيه أطفال مدينة تعز بأنهم حصلوا على حقهم من الراحة والترفيه في مدينة فقدت أغلب متنزهاتها ومساحاتها الترفيهية التي طالها الدمار والخراب بفعل الحرب والحصار الحوثي على المدينة، وما تبقى منها لم يكن آمناً بما يكفي؛ بينما يجري الاستثمار الترفيهي خارج المدينة، وغالبيته في المناطق غير المحررة.

 

وبحسب مصادر محلية، توفي طفل في الرابعة من عمره غرقاً في مسبح لعبة القوارب في الحديقة الوحيدة في المدينة منذ أيام؛ لتتسبب هذه الحادثة في إحجام الأهالي عن الذهاب بأطفالهم إليها، خصوصاً وأن هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها، وسبقتها حوادث مشابهة في مختلف الألعاب، وأسفرت إحداها عن وفاة طفلة منذ ما يقارب العام.

 

تأثير الحرب على التحصيل العلمي

 

تمتنع الجهات المسؤولة عن توضيح ملابسات وأسباب هذه الحوادث؛ في حين يشتكي الأهالي من قدم الألعاب وافتقارها للصيانة إلى جانب ضعف التيار الكهربائي الذي يؤثر على أدائها، حيث تعاني المدينة من انقطاع الكهرباء منذ بدء الحصار، وانتشار استخدام الطاقة الشمسية فيها، إلى جانب تشغيل عدد من المحطات الخاصة التي تمتلك مولدات محدودة القدرة.

 

وتعيش مدينة تعز تحت الحصار منذ أكثر من ثمانية أعوام، وخلال هذه المدة وقعت فيها آلاف الانتهاكات التي طالت كل شيء فيها، وكان للأطفال نصيب وافر من الانتهاكات التي أوقعتهم ما بين قتلى وجرحى ومصابين بعاهات جسدية ونفسية، وتعرّضت مدارسهم لاعتداءات متنوعة.

 

وكشفت دراسة ميدانية عن آثار سلوكية ونفسية واجتماعية وتعليمية للحرب على الطلاب في مدينة تعز، وتركزت تلك الآثار في عدم الاهتمام بالقراءة والاطلاع، وعدم متابعة الدروس وازدحام الغرف الدراسية بالطلاب وضعف المشاركة في الأنشطة التعليمية والغياب والتسرب من الدراسة والهروب من المدرسة.

 

كما بيّنت الدراسة التي أجراها المركز العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية، ظهور علامات عدم الثقة بمستقبل التعليم والقلق الدائم من القذائف وتقلب المزاج والعواطف، والشرود الذهني والكآبة والحزن، والتلعثم في الكلام والعزلة والانطواء، وسرعة الغضب والانفعال والحدة في الكلام، والمشاجرات والخصومات بين الطلاب واستخدام مفردات الحرب في العلاقات البينية.

 

وذكرت الدراسة، أن من آثار الحرب على الأطفال والطلاب في تعز استخدام ألفاظ نابية، وتكوين العصابات وتحطيم أثاث المدارس والاعتداء على أطقم التعليم، وفقدان التعاطف والمساندة الاجتماعية والانخراط في سوق العمالة وصعوبة التكيف مع الطلاب النازحين والانخراط في القتال وحمل الأسلحة الشخصية.

 

وسبق لمنظمات محلية ودولية تنفيذ برامج للتخفيف من آثار الحرب والحصار؛ إلا أن نتائجها كانت على نطاق محدود داخل المدينة.

 

(صحيفة الشرق الأوسط)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI