21 نوفمبر 2024
19 أغسطس 2023
يمن فريدم-DW-إسحاق موغابي

 

تعقد مجموعة بريكس قمتها الأسبوع المقبل في جوهانسبرغ لبحث عدة قضايا من بينها احتمال توسيع التكتل، ووسائل تعزيز نفوذه. غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خيم على أجواء القمة تماماً كما كان سيفعل حضوره لها.

 

تقول مجموعة بريكس إن قمتها الأسبوع المقبل في جوهانسبرغ ترمي إلى إنشاء نظام عالمي أكثر إنصافاً وتمثيلاً لدول العالم في مواجهة المؤسسات الاقتصادية الدولية التي تهيمن عليها الدول الغربية.

 

لكن بعض المراقبين يقولون إن غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن المحادثات قد يضعف نفوذ بلاده المتنامي في القارة السمراء.

 

وروسيا هي إحدى الدول الخمس الأعضاء في مجموعة بريكس إلى جانب الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا. وجاء الاسم اختصاراً للأحرف الأبجدية الأولى باللغة اللاتينية لكل من البرازيل وروسيا والهند والصين؛ إذ كانت هذه الدول في ذاك الوقت تحقق معدلات نمو اقتصادية عالية ما دفع لمزيد من التفاؤل حيال مستقبل المجموعة.

 

وأثار احتمالية حضور بوتين القمة الكثير من الجدل خاصة مع صدور مذكرة توقيف دولية بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في أواخر فبراير/ شباط العام الماضي.

 

الجدير بالذكر أن بوتين استُهدف في بداية مارس/آذار الماضي بمذكّرة من المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جريمة حرب تتمثّل في "ترحيل" أطفال أوكرانيين، وهي اتهامات ترفضها موسكو بالكامل.

 

وكان حضور بوتين القمة سيمثل معضلة دبلوماسية وقانونية لجنوب إفريقيا قبل أن تخرج روسيا لتؤكد أن وزير خارجيتها سيرغي لافروف سوف يرأس وفدها المشارك في لقاء بريكس.

 

وفي مقابلة مع DW، قال جدعون شيتانغا، الباحث المساعد في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ، إن حضور بوتين "كان سيشتت الانتباه نظراً للجدل الذي أحدثته مذكرة المحكم الجنائية الدولية. ومن هنا فإن عدم مشاركة بوتين سوف يعزز التباحث بين زعماء القمة حول القضايا الرئيسية الراهنة أو بعبارة أخرى، سيكون هناك ضجيجاً أقل حيال الرئيس الروسي واعتقاله وربما القضية برمتها المتعلقة بالعلاقات بين روسيا والدول الأفريقية".

 

الغائب الحاضر

 

وفيما يتعلق بقضية حضوره قمة بريكس أم لا، خرج بوتين بنفسه في يوليو / تموز الماضي ليقلل من أهمية رحلته المحتملة إلى جنوب أفريقيا، قائلاً: "أنا على اتصال بجميع زملائي"، في إشارة ضمنية إلى زعماء الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا. وأضاف "لذا، لا أعتقد أن وجودي في قمة بريكس سيكون أهم من وجودي هنا في روسيا في الوقت الراهن".

 

ومع ذلك، قال جوستافو دي كارفالو، الباحث البارز في معهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية والمتخصص في العلاقات الروسية-الأفريقية، إن وضع الاقتصاد الروسي بات الآن صعب للغاية، ما يعني أن حضور بوتين كان سيمهد الطريق أمام مفاوضات أكثر جدية لتعميق العلاقات مع بلدان المجموعة. وفي مقابلة مع DW، أضاف "الحرب تلقي بظلالها على بوتين. لذا ربما كان من الممكن إبرام اتفاقيات قوية ورفيعة المستوى، إذا حضر بوتين قمة بريكس، لكني لا أعتقد أن غيابه سيكون له التأثير الكبير في كلتا الحالتين".

 

وأثارت قضية حضور بوتين قمة بريكس الكثير من الجدل في جنوب أفريقيا حيث حث حزب "مقاتلو الحرية الاقتصادية" اليساري المتشدد، وهو ثالث أكبر حزب في جنوب أفريقيا وأحد أحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد، زعماء الصين والهند والبرازيل على مقاطعة القمة لإعلان التضامن مع بوتين.

 

ودعا زعيم الحزب، يوليوس ماليما، أنصاره للخروج في مظاهرات مؤيدة للرئيس الروسي: "ندعو زعماء جمهورية الصين الشعبية والهند والبرازيل إلى عدم حضور قمة بريكس تضامناً مع الرئيس بوتين. (رئيس جنوب أفريقيا سيريل) رامافوزا الجبان! لم يستطع تقديم ضمانات بأن جنوب أفريقيا لن تعتقل بوتين ... لن ندعم الإمبريالية ضد الرئيس بوتين".

 

انقلاب النيجر

 

ولم يقتصر الجدل الراهن على حضور بوتين القمة من عدمه بل امتد أيضاً إلى الانقلاب العسكري الذي عصف بدولة النيجر في منطقة الساحل الأفريقي حيث سلط الضوء على تنامي النفوذ الروسي في أفريقيا وتحديداً في منطقة غرب القارة السمراء التي شهدت موجة من الانقلابات خلال السنوات الثلاث الماضية.

 

فعقب الانقلابين العسكريين في مالي وبوركينا فاسو خلال العامين الماضي، أقدم حكام البلاد على طرد القوات الفرنسية من جهة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع موسكو من جهة أخرى، فضلاً عن تحذير حكومتي البلدين من مغبة أي تدخل عسكري من قبل مجموعة غرب أفريقيا "إيكواس" لاستعادة النظام الدستوري والديمقراطي في النيجر.

 

تزامن هذا مع دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى حلّ سلمي لأزمة الانقلاب في النيجر حيث نقل الكرملين عنه قوله خلال اتصال مع أسيمي غويتا، رئيس المجلس العسكري في مالي: "من المهم حلّ الوضع المتعلق بجمهورية النيجر بالوسائل السلمية والسياسية حصراً".

 

يشار إلى أن رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم كان يُنظر إليه باعتباره حليفاً للدول الغربية.

 

لكن الباحث في شؤون دول منطقة البحيرات العظمى، فريدريك قولوبا موتيبي، قال إن روسيا تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة في منطقة الساحل على غرار ما أقدمت عليه القوى الغربية الأخرى في الماضي. وفي مقابلة مع DW، أضاف: "روسيا مثل أي قوى غربية أخرى سوف تدعم الحكومات الأفريقية التي تحقق لها مصالحها".

 

المصالح قبل كل شيء

 

من جانبه، يعتقد جدعون شيتانغا، الباحث المساعد في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ، أن الرأي القائل إن روسيا تساهم بشكل ضئيل في اقتصادات البلدان الأفريقية مقارنة بنفوذها ووجودها العسكري، سيظل السردية المهيمنة. وأضاف "لكن بعض الأفارقة يعتبرون بوتين حليفاً رئيسياً، فضلاً عن أن الشعوب الأفريقية تعير اهتماماً أكبر لكيفية استفادة دولها من قمة البريكس وما يتمخض عنها".

 

ويعتقد شيتانغا أن الدول الأفريقية لن تستسلم للضغوط الغربية الرامية إلى إبعادها عن روسيا، قائلاً: "هناك قلق كبير بين صانعي السياسة ومراكز الفكر والأكاديميين في أفريقيا الذين ينتقدون بشدة ما يرونه نفاقاً غربياً في ظل محاولات الدول الغربية التأثير أو إملاء سياستها على البلدان الأفريقية."

 

وفي هذا السياق، أشار موتيبي، الباحث في شؤون دول منطقة البحيرات العظمى، إلى أن الزعماء الأفارقة على دراية تامة بموقف الدول الأخرى وخاصة الغربية تجاه روسيا، مستشهداً في ذلك بمشاركة 17 رئيس دولة أفريقي فقط في القمة الروسية-الأفريقية التي عقدت الشهر الماضي في سان بطرسبورغ.

 

الجدير بالذكر أن القمة الروسية-الأفريقية الأولى التي عقدت عام 2019 شهدت حضوراً كبيراً من زعماء القارة بمشاركة 43 رئيس دولة.

 

وفي ذلك، قال موتيبي إنه من غير المنطقي القول "بأن الزعماء الأفارقة سافروا أو قاموا بتمثيل بلادهم في موسكو لأنهم يعشقون بوتين، لكن لأنهم لديهم مصالح مع روسيا يجب الحفاظ عليها".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI