مع إعلان الحكومة الإسرائيلية قطع جميع الإمدادات عن قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2.2 مليون نسمة، أعلن البيت الأبيض، الثلاثاء، أن ما لا يقل عن 569 شاحنة مساعدات دخلت غزة منذ 21 أكتوبر الماضي.
لكن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، يقول إنه قبل 7 أكتوبر، كان يدخل إلى غزة يومياً ما يقرب من 550 حمولة شاحنة من البضائع، تحمل إمدادات للاستخدام التجاري ومنظمات الإغاثة. ودخلت نحو 350 شاحنة المعابر على الجانب الإسرائيلي ومرت 200 شاحنة عبر مصر.
وفي العام الماضي، كان حوالي 60% من الفلسطينيين في غزة بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، بحسب ما نقل موقع "إيه بي سي نيوز" عن "أوتشا".
وأعرب رئيس قسم الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، الدكتور مايكل رايان، عن أسفه لأن هذا العدد من الشاحنات يعتبر "قطرة في محيط الحاجة الآن في غزة".
ومع نقص إمدادات الغذاء والدواء والوقود، تعاني غزة من كارثة إنسانية "غير مسبوقة"، بحسب تحذيرات الأمم المتحدة، وذلك بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة حماس، المصنفة إرهابية، والذي خلف 1400 قتيل، أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.
وأسفر الرد الإسرائيلي على هجوم حماس، المتمثل في غارات متواصلة وتوغل بري، عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.
الوقود
وكانت الغالبية العظمى من الشاحنات التي دخلت غزة قبل الحرب تحمل شكلاً من أشكال الوقود.
وفي أغسطس 2023، بحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن منظمة غيشا، دخلت 1200 شاحنة محملة بالديزل والبنزين وغاز الطهي إلى القطاع.
وكانت معظم الشاحنات تحمل الوقود للمساعدة في تشغيل محطة توليد الكهرباء المحلية في غزة، والتي كان إنتاجها يتراوح بين 65 إلى 75 ميغاوات تقريبًا من الكهرباء. وهذه المحطة هي أحد مصدرين للكهرباء في غزة.
وبالإضافة إلى ذلك، اشترت السلطة الفلسطينية 120 ميغاوات من الكهرباء من إسرائيل، والتي دخلت إلى غزة، بحسب تقرير آخر لـ"واشنطن بوست".
وحتى قبل الحرب، كان يُنظر إلى هذا العرض على أنه غير كاف للغاية، حيث كان سكان غزة يقضون ما يقرب من نصف يومهم، في المتوسط، بدون كهرباء، وفقا للصحيفة.
وبسبب نقص الإمدادات، قبل الحرب، كان سكان غزة يحصلون على الكهرباء فقط في دورات مدتها 13 ساعة، ويواجهون انقطاعا لمدة 11 ساعة يوميا.
الماء
وبالإضافة إلى الوقود، فإن الحاجة الماسة الأخرى التي تندر في غزة حاليا هي المياه.
وتدخل جميع المياه التي تشتريها السلطة الفلسطينية من إسرائيل إلى غزة عبر عدة خطوط أنابيب، لكن تم قطع كل شيء، مما يؤدي إلى مخاوف من التلوث والعدوى.
وكانت تلك المياه القادمة من إسرائيل تمثل حوالي ثلث مياه الشرب النظيفة المتوفرة في غزة قبل الحرب، بحسب الأمم المتحدة.
وتقول منظمة "يونيسيف"، إن "أكثر من مليون طفل في غزة يعانون من أزمة مياه"، أي ما يعادل نحو نصف سكان القطاع.
وقال المتحدث باسم يونيسف، جيمس إلدر، في 31 أكتوبر، إن "مستوى نقص المياه في القطاع وصل إلى حد غير مسبوق".
وأوضح: "تبلغ قدرة إنتاج المياه في غزة 5%فقط من إنتاجها اليومي المعتاد، وتشكل وفيات الأطفال، خاصة الرضع، تهديداً متزايداً بسبب الجفاف".
وقالت الأمم المتحدة، في 21 أكتوبر، إن "40 ألف لتر من مياه الشرب التي تم نقلها بالشاحنات إلى غزة، تمثل قطرة في محيط"، بالنظر إلى الاحتياجات الهائلة التي أعقبت أسبوعين من الحرب.
وناشد المفوض لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) مؤخراً، أن يُسمح بإدخال شاحنات الوقود إلى غزة، لأنها ضرورية لتشغيل محطات تحلية ماء البحر، قائلا: "إن الوقود هو السبيل الوحيد لتوفير مياه الشرب الآمنة للناس، ودون ذلك فسيموتون من الجفاف الحاد، ومن بينهم أطفال صغار وكبار في السن ونساء".
الطعام
وبعد جدل طويل ومعارك قانونية في أعقاب السنوات الأولى من إغلاق إسرائيل للقطاع والسيطرة على حدوده، إثر تولي حماس سلطة القطاع عام 2007، توقفت السلطات الإسرائيلية عن تقييد دخول المواد الغذائية إلى غزة، وفقا للأمم المتحدة.
وقبل الحرب، كانت الأغذية تدخل غزة عبر القطاع الخاص ومنظمات الإغاثة. وكانت العديد من شاحنات المساعدات اليومية التي تدخل القطاع قبل الحرب، تحمل إمدادات غذائية لمنظمات الإغاثة مثل الأونروا.
وقبل 7 أكتوبر، كان حوالي 70% من سكان غزة يعتمدون على شكل من أشكال المساعدات الغذائية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وفقا لـ"أوتشا".
وقالت المنظمة إن الإمدادات الغذائية، مثلها مثل المياه، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالكمية المحدودة للغاية من الوقود والكهرباء.
وأوضحت أن انقطاع التيار الكهربائي يعني أنه حتى المواد الغذائية الموجودة في غزة لا يمكن تبريدها، مما يؤثر على كمية المواد الغذائية في المتاجر ولدى منظمات الإغاثة.
وأشارت إلى أن "الأطعمة التي تحتاج إلى تحضير مثل الأرز والحبوب عديمة الفائدة، لأن الناس ليس لديهم وقود أو غاز للطهي لطهيها".
ووفقا للأمم المتحدة، منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر، تم إغلاق معظم نقاط توزيع الغذاء التابعة للأمم المتحدة في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية وإصدار أوامر الإخلاء في شمال غزة.
ونتيجة لذلك، يتم توزيع الإمدادات الغذائية المتبقية وتلك التي تدخل مباشرة إلى 150 منشأة تابعة للأونروا. وتفيد التقارير أن هذه المناطق تؤوي أكثر من 630 ألف شخص لجأوا إليها هربا من الغارات الجوية.
الدواء
قبل الحرب، كما هو الحال مع جوانب أخرى من الاقتصاد الفلسطيني والمجتمع المدني، تأثر النظام الصحي في غزة بشدة بسبب سنوات من محدودية الحركة والوصول إلى الإمدادات والمعدات، والأهم من ذلك، الكهرباء.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن "النقص الحاد في الوقود والكهرباء يؤثر بشكل خطير على الوظائف الأكثر أهمية في جميع المستشفيات وعلى قدرة سيارات الإسعاف على الاستجابة".
كما أن نفاد الوقود يعرض حياة المرضى في العناية المركزة للخطر، وأولئك الذين يحتاجون إلى جراحة أو حاضنات حديثي الولادة، وآلاف المرضى الذين يعتمدون على غسيل الكلى. ونتيجة لذلك، اتخذت المساعدات الدولية الكبيرة لغزة شكل أدوية وإمدادات طبية.
ومع قطع الإمدادات التجارية وتلك المتعلقة بالمساعدات، فإن الإمدادات الأساسية تنفد حاليا من المستشفيات، وعلى رأسها التخدير.