22 نوفمبر 2024
10 يناير 2024
يمن فريدم-صحيفة العرب اللندنية

 

السرعة الكبيرة في تجسيد فكرة الإقليم الشرقي على أرض الواقع تظهر قوة الدفع السياسي التي تقف وراء المشروع والمتمثّلة في القوى اليمنية الساعية إلى تأمين مواقعها في عملية التسوية السياسية الجاري عليها العمل في اليمن، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية الباحثة عن صيغ تسهّل الدفع بالعملية السلمية جنبا إلى جنب الحفاظ على مصالحها في البلد.

سلكت فكرة إنشاء إقليم شرقي في اليمن طريقها نحو التجسيد على أرض الواقع بسرعة كشفت عن قوة الدفع السياسية التي تقف وراءها لجعلها جزءا من التسوية السلمية المرتقبة للملف اليمني.

وأُعلن، الثلاثاء في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت شرقي اليمن، عن إنشاء لجنة منبثقة عن الهيئة التأسيسية لإشهار المجلس الموحد للمحافظات الأربع المشكّلة للإقليم؛ شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى، يناط بها “استكمال اللوائح والنظام الأساسي وإجراءات تشكيل الهيئات القيادية ورسم السياسات والأهداف العامة”.

وجاء ذلك في بيان تلاه رئيس اللجنة عبدالهادي التميمي في اجتماع اختار منظموه عقده في سيئون مركز منطقة وادي حضرموت الواقعة عمليا تحت سيطرة القوى المطالبة بالبقاء ضمن دولة يمنية فيدرالية، والمناوئة بالنتيجة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب المستقلّة.

كما جاء الإعلان عن إنشاء اللجنة أياما قليلة بعد إصدار أكثر من مئتين وثلاثين شخصية من السياسيين ورجال القبائل أطلقوا على أنفسهم تسمية “أبناء الإقليم الشرقي” بيانا خاطبوا فيه سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية والمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندنبرغ لضمان “حضور متوازن وعادل وندي لأبناء الإقليم الشرقي”، ضمن مسار السلام الجاري العمل على إطلاقه في اليمن.

ويبدو من خلال ذلك وجود إرادة سياسية قوية تقف وراء إنشاء الإقليم المذكور، لا تقتصر فقط على القوى الساعية لتأمين موقع لها في مرحلة ما بعد التسوية السياسية المرتقبة للصراع اليمني، من قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وكذلك قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام المنضوية تحت لواء السلطة المعترف بها دوليا، بل تتعداها إلى المملكة العربية السعودية التي تجد في فكرة “الأقلمة” مساعدا لها على تسهيل تمرير التسوية التي تحرص على إطلاقها.

ويعني تشكيل الإقليم المنشود من المحافظات الأربع المذكورة حرمان الانتقالي الجنوبي من المجال الأكثر حيوية لإقامة الدولة الجنوبية المستقلة، كما يعني أيضا الحدّ من توسّع النفوذ الكبير لسلطنة عمان في محافظة المهرة التي تقول مصادر يمنية إنها تحوّلت على مدى السنوات الماضية إلى مدار صراع شرس بين مسقط والرياض.

وأشار التميمي في البيان إلى السعودية التي خصّها بالشكر والتحية لـ”دعمها لأي حركة نضالية لنيل حقوق أبناء الإقليم على مستوى كل محافظة والمحافظات الأربع مجتمعة”.

وقال في البيان إنّ مشروع تشكيل الهيئة التأسيسية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية جاء تتويجا لهذه النضالات لأبناء المحافظات الشرقية منذ مقاومة الاستعمارين البرتغالي والبريطاني مرورا بمختلف المحطات وحتى اللحظة الراهنة.

وبيّن أن المجلس يسعى إلى توحيد الجهود في كيان واحد للتصدي لمراكز النفوذ التي تسعى للسيطرة على مقدرات هذه المحافظات وسلب قرارها مرة أخرى، مؤكدا أنه سيكون مشروعا سياسيا ومجتمعيا فاعلا ورافعة للإقليم الواعد، ومصدر إلهام لبقية المحافظات والأقاليم في الجمهورية اليمنية.

وتضمّنت الإشارة الأخيرة دعوة ضمنية لإحياء مشروع الأقاليم الستّة الذي كان قد انبثق مطلع سنة 2014 عن مؤتمر الحوار الوطني ونصّ على تحويل اليمن إلى دولة اتّحادية من ستة إقاليم هي: إقليم آزال الذي يضم محافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار، وإقليم سبأ الذي يشمل البيضاء ومأرب والجوف، وإقليم الجَنَد الذي يضم تعز وإب، وإقليم تهامة الذي يضم الحديدة وريمة والمحويت وحجة، وإقليم عدن الذي يضم عدن ولحج وأبين والضالع، وإقليم حضرموت الذي يضم حضرموت وشبوة والمهرة وجزيرة سقطرى.

وتبدي القيادات الإخوانية اليمنية المشاركة في السلطة الشرعية وتحتفظ لها بقوات عسكرية عاملة تحت لواء الجيش الوطني اهتماما استثنائيا بقضية الأقاليم التي تتيح لها مواصلة الاحتفاظ بالشراكة في السلطة التي تمتّعت بها دائما ضمن نظام الجمهورية اليمنية.

وكان القيادي في حزب الإصلاح صلاح باتيس أول من بادر في منتصف نوفمبر الماضي بالدعوة لإنشاء الإقليم الشرقي قائلا في منشور على منصّة إكس “مع هذا الحراك السياسي المتصاعد بخصوص الملف اليمني، أدعو أهلي في المحافظات الشرقية، حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى إلى التكاتف والتماسك والتمسك أكثر من أي وقت مضى بالاستحقاق الذي تحقق في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل”، مضيفا قوله “يجب أن نكون إقليما كاملا قويا كبيرا لا يتبع أي إقليم آخر ضمن دولة اتحادية على أسس الشراكة والعدالة والندية والحكم الرشيد”.

وصدر آخر الأسبوع الماضي بيان في شكل مذكّرة موقّعة باسم “أبناء الإقليم الشرقي” عرّفوا فيه الإقليم المنشود بأنّه “لا يتبع لشمال ولا لجنوب” ولا يخرج عن نطاق “الدولة اليمنية الاتحادية”.

وأظهرت قائمة الشخصيات الموقّعة على البيان التقاء مصلحة طيف واسع من القوى المتباعدة فكريا وأيديولوجيا لكنّها مجتمعة على مواجهة الحراك القوي للمجلس الانتقالي والحفاظ على مظلّة الدولة الاتحادية التي تكفل لها مصالحها في مرحلة ما بعد التسوية السياسية الجاري التمهيد لإطلاقها في اليمن من قبل الأمم المتّحدة وقوى إقليمية.

وأشاد التميمي في بيان اللجنة التحضيرية “بالمذكرة الصادرة عن أكثر من مئتين وثلاثين شخصية سياسية وقبلية واجتماعية وأكاديمية وعسكرية وقيادات نسوية وشبابية من المحافظات الشرقية، والتي شددت على ضرورة حضور عادل وندي في أي تسوية سياسية”.

وقال إن المذكرة تعزز من فكرة المشروع، وتجعل هذه الشخصيات أمام مسؤولية كبيرة في تحقيق أهداف نضالات أبناء المحافظات الشرقية.

وبشأن التفاصيل العملية للجنة، قال إنّها ستوزع إلى أربعة فرق عمل هي “الفريق الفني والذي سيتولى إعداد اللوائح والنظام الأساسي والوثائق الحاكمة للمجلس، فيما فريق الاتصال والعلاقات سيقوم بالتواصل مع كل المكونات والشخصيات الفاعلة في الداخل والخارج من أبناء المحافظات الشرقية على مبدأ الاصطفاف والتلاحم والنضال والتعاون وعدم الإقصاء أو تجاوز الآخرين”.

وأضاف أن الفريق الإعلامي سيسهم في نشر الفكرة وتعزيز الوعي بها كقضية رأي عام واستحقاق لا تنازل عنه، كما سيقوم بتصميم الشعار والهوية البصرية للمجلس الموحد للمحافظات الشرقية، بالإضافة إلى تأسيس المنصات والمواقع الإلكترونية للمجلس، بينما فريق تنمية الموارد سيهتم بحشد الموارد المادية والبشرية.

وكشف أن اللجنة التحضيرية البالغ قوامها سبعة وأربعين عضوا ستعقد اجتماعها خلال أسبوعين من تاريخ إعلان إشهارها واستمرار فرقها الأربعة في العمل لمدة أقصاها خمسة وأربعون يوما، يعقبها عقد الهيئة التأسيسية اجتماعها التأسيسي لإشهار رئاسة المجلس من رئيس ونواب وأمانة عامة وفقا لأجندة وجدول أعمال اللجنة التحضيرية، وتمهيدا لإقرارها في المؤتمر العام للهيئة التأسيسية.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI