27 ديسمبر 2024
17 يناير 2024


منذ أن بدأت سيرة أن الحوثي يقتلنا بسلاحنا (سلاح الدولة الذي تم شراؤه على حساب صحتنا وتعليمنا)، وهي لم تتوقف إلى اليوم. ها هو يقتلنا هذه المرة بما تبقى لنا من إرث نضالي، ودون أن يبذل أدنى جهد.

بيان الاشتراكي الذي يعتبر أن استهداف السفن الإسرائيلية من قبل جماعة الحوثي (سماها أنصار الله)، بأنه جزء من موقف اليمنيين ضد ما يحدث في غزة، يندرج ضمن تلك السيرة.

يمكن لأبسط شخص يفهم في السياسة ويهتم لواقع وحياة شعبه، أن يدرك ما الذي يرمي إليه الحوثي من استثماره في البحر الأحمر. فكيف بحزب عريق كالاشتراكي؟ على الاقل ليس بعد محاربة الدواعش والتكفيرين في صعدة، ومراكز النفوذ في عمران، والجرعة في صنعاء.

ألم تكشف عشر سنوات من الحرب أن الحوثي يقول شيء لكي يحقق أشياء عكسية تزيد من معاناة اليمنيين؟

من منا لم يكن يتمنى أن ينتهي الإرهاب في اليمن؟ من منا كان يهمه بقاء بيت الأحمر؟ من منا كان قابلا لجرعة سعرية عقب ثورة شعبية أرادت أن ينتهي زمن الجرع والافقار؟ ومن منا اليوم لا يتألم لما يحدث في غزة ويتمنى لو يستطيع أن يتحول إلى قنبلة مولوتوف في يد شاب فلسطيني؟

أمنياتنا هي برامج نضالية، وهي شيء عزيز ولا يمكن تسليمها لأول نصاب أو تاجر او مجرم لكي يحققها لنا ثم نصفق له، والحوثي هو كل ذلك وفوقها أنه يستخدم كل ما يمكن استخدامه لكي يمتلك شرعية حكمنا بالحديد والنار.

لماذا وجدت السياسة أصلا، وما هو عمل السياسي، إذا كانت مواقف الحزب قائمة على انفعالات آنية وممهورة بالغباء الفاحش إذا لم تكن الانتهازية الرخيصة؟ أليس من مهام من يعمل في حقل السياسة، استشراف الأخطار وتوضيحها للناس قبل وقوعها وحشدهم لمواجهتها؟

مرت 24 ساعة منذ أن قرأت بيان الحزب الاشتراكي، لكن وقع الصدمة لم يغادرني. كلما قلنا إن القيادة تتقدم خطوة في طريق فهمها لجماعة الحوثي وما تمثله من أداة جريمة مسلطة على رقاب اليمنيين، وما تمثله من تخلف تاريخي، وما تحمله من قيم رجعية معادية لكل قيم الحرية والجمهورية والعدالة، وهي القيم التي ناضل في سبيلها الحزب وقدم سيل من التضحيات، كلما عادت هذه القيادة مهرولة عشر خطوات إلى الوراء، وها هي الآن تقدم مساهمة نوعية في إنتاج شرعية جديدة للجريمة التي لم تتوقف فصولها.

لا أخفي، أنني خلال الساعات الكابوسية الماضية، فكرت بكل شيء يتعلق بهذا الحزب، لأن موقف كهذا مثلا، لا يمكن فتح نقاش حوله لكي يقول المرء رأيه كجزء من حقه الديمقراطي ثم يسجل تحفظه ويحمل المسؤولية من قام به، كما ليس هناك أي شيء آخر يمكن مناقشته.

نحن بشر وليس خزانات قهر وتعب، والحزب الذي لا يحشد طاقات المجتمع في اتجاهات تقدمية تساعد على الخلاص، حتى وإن لم يفعل شيء وأكتفى بالصمت والتواري، يصبح مجرد أداة بيد الجلاد، وعندما يصبح كذلك يصبح لعنة وليس أداة نضال.

أنا حقا لم يعد يربطني بهذا الحزب سوى إرثه النضالي، وعلاقات إنسانية باتت تتقلص يوما عن يوم، لكن هل يمكن لهذا أن يصبح مبررا لاحتمال أن الحزب بات مجرد أداة يستفيد منها أعداء اليمنيين؟ لماذا لا يبادر الاشتراكيون الى دفن ميتهم وتجنيب الناس هذه الرائحة شديدة النتانة التي باتت تنبعث من راسه؟

ثم أين هو العقد الذي يفترض انه يحكم علاقاتنا بكل ما يخص الحزب؟ لقد أُنتخبت القيادة الحالية في كونفرنس حزبي منتصف ديسمبر 2014، وعلى جدول أعمالها مهام وحيد: التحضير لمؤتمر عام وانتخاب قيادة جديدة خلال عام واحد.

صحيح أندلعت الحرب، وحدث ما حدث، لكن الحزب الحقيقي لا يمكن أن يغفل عن واجبه والحزب الاشتراكي لم يقم بشيء. هو ليس منخرط في الصراع، ما يعني أن مبرر كوننا في حرب لم يكن مقبولا لعدم انعقاد المؤتمر العام حتى اليوم.

في الحروب الناس لا تستسلم أو تظل تتفرج من بعيد، بل تبذل أقصى ما يمكنها لكي تجابه وتصنع المستحيل في سبيل الأفضل. ما الذي صنعه الحزب الاشتراكي خلال هذه السنوات؟

أنا هنا أفكر بصوت عالي، وادعو الرفاق للتفكير معي إن كان لا يزال هناك أمل في إصلاح هذا الحزب أم علينا التحضير لدفنه على النحو الذي يليق بتاريخه قبل أن تستفحل النتانة أكثر مما هي مستفحلة. علينا أن نفكر بحدود مسئوليتنا عن بقاء الجثة في العراء، وإلا سنصبح جزء من لعنة التاريخ.

 

(من صفحة الكاتب في فيس بوك)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI