فرق كبير بين أهداف ومبادىء وتوجهات 11 فبراير وبين الحدث أو ثورة 11 فبراير كمحطة تاريخية.
الأولى مرتبطة بالسياق الذي انتجها ومنه تنتزع شرعية وجودها ونبلها وبالنسبة للحدث فإنه محكوم بالسياق المنتِج في سبيل الاهداف وضمن المبادىء والتوجهات.
قامت ثورة فبراير كضرورة تاريخية ولتصحيح مسار النظام الجمهوري الذاهب نحو التوريث ومسار الوحدة الآيلة إلى إلحاق وضم وانفصال ممنهج وتقويم الدولة الذاهبة الى مقاولة من الباطن.
لكن هذه التوجهات نشأت في بيئة مدموغة بالرغبة في الانتقام وثقافة فساد وسلطوية عامة. ومادياً، البلاد مرتهنة للخارج في تسيير اقتصادها.
لكن، خطت البلاد خطوات هشة نحو حوار شامل برعاية دولية لم توفر ضمانات عدم استخدام القوة في معادلة لي الذراع.
الحرب التي دشنها الحوثي بتحالفه مع صالح خلقت سياقا جديدا يتجاوز مبادىء وتوجهات فبراير ويتطلب آليات عمل وتفكير جديدتين.
لم تتحقق فبراير مما انشدت شيئا غير خروج صالح جزئيا من السلطة، لكن ثورة مضادة انشبت انيابها فسحقت قاعدة أي عمل سياسي لانها عممت الحرب.
المنطق الحاكم الآن هو منطق الحرب. ولم تعد الغاية ايقاف التوريث انما منع عودة الإمامة والتشطير.
ليست المسالة الآن تعزيز الديمقراطية إنما حماية الهوية الوطنية من التجريف والتفريس.
هذه التحديات تشترط اعادة رسم الخارطة الوطنية وبناء تحالفات.
ينبغي طمر فترة صالح والتعامل الايجابي مع دوافع طارق كوريث لتلك الكتلة السياسعسكرية.يجب تجاوز أنصار صالح نحو قيادات المؤتمر المناهضة للحوثي.
يجب تحجيم العقل الاخواني وتفعيل وعي حزبي اصلاحي قادرة على التعبئة لكبح الامامة.
يجب تحفيز الطرف الفيدرالي في الجنوب تفادياً لتمزيق البلاد.
أما فبراير فهو في ميزان الاحداث التاريخية التي تناهشتها (بنات) آوى دون رحمة. وافضل ما يمكن فعله مع فبراير هو التخلي عن الوصاية والاحتكار وقياس دوافعه بتحديات اللحظة واستنهاض البعد الديمقراطي فيه وتحفيز الشباب الى نهج التغيير والمبادرة.
يستحسن في المناهضين لفبراير استيعاب أن الأماني والشتائم والتشفي لا ترجع السلطة وأن معالجة جراحات تلك المحطة يكون بقراءة جادة لاوضاع ما قبل فبراير في اطارها ذاك وليس مقارنتها بالآن. ربما قراءة اقتصادية واجتماعية تساعدهم على الخروج من تروما 11 فبراير.
أكثر مكون سياسي خسر مقدراته ومواقعه وقدرته على المبادرة السياسية هو المؤتمر. وهذه الخسارة لا تخصه فقط بل تخص مستقبل الحياة السياسية في اليمن. فقدان أي حزب سياسي يعني اقتطاع من عمر الديمقراطية والتعافي السياسي كما حدث مع الحزب الاشتراكي بعد 94.
وعلى الموتمر عاتق المراجعة والتصالح.
" من حساب الكاتب عبر تويتر"