في أعقاب هجمات الميليشيات الحوثية على سفن في البحر الأحمر والضربات الأميركية ضدها، علقت عملية التخلص من ناقلة النفط المتهالكة "صافر" قبالة سواحل اليمن، وفق ما أفاد مسؤولان وكالة الصحافة الفرنسية، مما يعرض العملية الهادفة لتجنب تلوث بيئي لخطر الفشل.
على مدى سنوات، وصفت الناقلة "صافر" التي بنيت قبل 48 عاماً وكانت تستخدم كمنصة تخزين عائمة، بأنها "قنبلة موقوتة"، إذ إنها لم تخضع لأي صيانة منذ تصاعد الحرب في اليمن عام 2015، مما أجج مخاوف من تسرب حمولتها التي كانت تبلغ 1.14 مليون برميل من النفط الخام إلى البحر الأحمر.
وفي أغسطس/ آب الماضي، انتهت عملية نقل النفط منها إلى سفينة جديدة، في خطوة أساسية لدرء كارثة بيئية واقتصادية. لكن الأمم المتحدة حذرت حينها من أن "صافر ستستمر في تشكيل تهديد بيئي لأنها تحتفظ ببقايا النفط اللزج وتظل معرضة لخطر التفكك".
تعليق المشروع
وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الوضع في منطقة البحر الأحمر واليمن "خلق تحديات تشغيلية ومالية غير متوقعة" لمشروع قطر "صافر" وتفكيك أجزائها، مما يصعب مواصلة العمل عليه.
وأوضح أن "بعد تفكير مطول لم يكن أمام الأمم المتحدة خيار سوى تعليق المشروع في الوقت الحالي وقد أبلغت السلطات بذلك". وأضاف "نواصل متابعة التطورات على الأرض بعناية شديدة ومن كثب".
ومنذ شهرين ينفذ المتمردون اليمنيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون في أنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، تضامناً مع قطاع غزة الذي يشهد حرباً بين حركة "حماس" وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
ولمحاولة ردع الحوثيين وحماية الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي يمر عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية، شنت القوات الأمريكية والبريطانية في الـ12 والـ22 من يناير/ كانون الثاني سلسلة ضربات على مواقع عسكرية تابعة لهم في اليمن. لكن الجيش الأميركي نفذ وحده ضربات عدة على مواقع إطلاق صواريخ خلال الفترة الممتدة بين هذين التاريخين.
وعلى أثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون يستهدفون السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافاً مشروعة".
نزاع الملكية
يقول أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت بدر السيف إن الحوثيين "سيستخدمون كل البطاقات المتوفرة لهم لتشويه صورة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة".
ويعتبر أن تأخير مشروع صافر "يتناسب مع الدعاية المناهضة للولايات المتحدة التي يجيد (الحوثيون) حشدها".
وتعرضت مواقع عسكرية عدة في محافظة الحديدة الواقعة في غرب اليمن للضربات الغربية. وترسو قبالة سواحلها الناقلة "صافر" والسفينة الجديدة التي نقلت إليها حمولة النفط وقد أطلق عليها اسم "اليمن".
ويوضح الرئيس التنفيذي لشركة "صافر" النفطية الوطنية المعين من جانب الحوثيين إدريس الشامي، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن هناك "خطراً كبيراً" محتملاً من إصابة إحدى السفينتين بصاروخ طائش مع تعرض المنطقة إلى ضربات.
وتشكل ملكية نفط "صافر" موضع نزاع إضافي بين الحكومة اليمنية الشرعية والمتمردين الذين يخوضون حرباً منذ عام 2014. وسيطر الحوثيون المدعومون من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء منذ بداية النزاع، الذي خلف مئات آلاف القتلى.
وقالت الأمم المتحدة في يوليو/ تموز الماضي خلال حفل تسليم السفينة الجديدة إنها أصبحت ملك "شعب اليمن".
وسبق أن أعلن الحوثيون أنهم يعتزمون بيع النفط وتحويل العائدات لتسديد رواتب موظفين يعملون في إدارات تخضع لسلطتهم. كما دعوا إلى استكمال بناء منشآت تخزين برية لإمكانية تخزين النفط فيها لاحقاً.
في المقابل دعت الحكومة اليمنية إلى إنفاق أي مبلغ يتأتى من بيع هذا النفط على مشاريع صحية وإنسانية.
نسخة ثانية
وبموجب أحكام اتفاق التسليم الذي أعلن الصيف الماضي ستدير سفينة "اليمن" شركة متعاقدة مع الأمم المتحدة لمدة ستة أشهر في الأقل.
ويقول الشامي إن الشركة "تريد مغادرة السفينة بسبب التطورات الأخيرة في المنطقة"، غير أن الأمم المتحدة أكدت أنه من المقرر أن يغادر أفراد الطاقم بموجب شروط عقدهم، لكن سفينة "اليمن" ستبقى تحت إدارة الشركة.
ويشير الشامي إلى احتمال أن "تتولى" شركة صافر النفطية الوطنية إدارة السفينة.
وسيشكل ذلك تطوراً لافتاً سيثير من دون شك غضب الحكومة اليمنية التي لا تعترف بسلطة الشامي وقد عينت مديراً عاماً آخر للشركة نفسها.
وتشمل الخطوات الأخرى في المشروع التي لم تستكمل بعد ربط طافية راسخة في سفينة "اليمن" لتثبيتها والمساعدة في تفريغ النفط لاحقاً وفحص خط الأنابيب تحت الماء الذي يمتد من الأراضي اليمنية إلى "صافر" وسيتم ربطه لاحقاً بسفينة "اليمن"، بحسب الشامي.
ويؤكد أن كل هذه الأمور "جزء لا يتجزأ" من المشروع، معتبراً أن الناقلة "صافر كانت بمثابة قنبلة موقوتة وعملية الإنقاذ كانت بمثابة تدخل حتمية".
لكنه يضيف أنه "إذا فشلت الأمم المتحدة في دعم تشغيل السفينة بشكل صحيح، فستكون سفينة ’اليمن‘ نسخة ثانية من الناقلة صافر".