يستعد حوالي 63 مليون ناخب لانتخاب رؤساء البلديات في 81 مدينة وبلدية تركية في 31 مارس/ آذار الجاري 2024.
هذه الانتخابات المحلية ستكون تاريخية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان الذي تحدث عن "انتخابات أخيرة" له قبل تسليمه السلطة للجيل القادم.
وبحسب القانون الدستوري، يجب أن يتقاعد أردوغان بعد أربع سنوات لأنه لا يسمح له بالترشح للرئاسة مرة أخرى.
وقد طرح بكير بوزداغ، السياسي المقرب من أردوغان في البرلمان، منذ فترة طويلة تغييراً دستورياً يمكّن رئيس البلاد من تولي ولاية أخرى.
كما ناشد الحليف القومي المتطرف لأردوغان، دولت بهجلي، الرئيس علناً بالبقاء في السطلة قائلا: "لا ينبغي أن تترك الشعب التركي بمفرده!".
المسيرة بدأت من اسطنبول
اكتسبت مسيرة أردوغان السياسية زخماً في عام 1994 بانتخابه رئيساً لبلدية إسطنبول. وهناك مني حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه بالهزيمة في الانتخابات المحلية الأخيرة. قبل بضعة أسابيع عبر أردوغان عن أسفه قائلاً: "للأسف، ضاعت خمس سنوات في إسطنبول". والآن على حزب العدالة والتنمية التغلب على الإحراج الذي شهده عام 2019. آنذاك حققت أحزاب المعارضة نصراً تاريخياً.
بعد 25 عاماً، إذ تمكنت من استعادة إحدى عشرة مدينة من أيدي الإسلامويين - بما في ذلك إسطنبول والعاصمة أنقرة. وساهمت عدة عوامل في هزيمة الحزب الحاكم حينها، لكن رجلاً واحداً كان في المقدمة.
أكرم إمام أوغلو من حزب الشعب الجمهوري، الذي تم انتخابه عمدة لإسطنبول. والآن فإن مستقبل تركيا قد يتحدد على ضوء إنتصاره أو هزيمته في 31 مارس/ آذار الجاري 2024.
وباعتباره الفائز مجدداً في الانتخابات، يتوقع بيرك إيسن من جامعة سابانجي أن فرصه في الترشح للانتخابات الرئاسية بعد أربع سنوات ستزداد بشكل كبير: "في رأيي إمام أوغلو هو أفضل مرشح محتمل للمعارضة للإطاحة بحكم أردوغان". فهو يتمتع بالصفات اللازمة لحشد الأغلبية خلفه.
وتابع أستاذ العلوم السياسية في إسطنبول: "يمكنه الفوز بأصوات مختلف أطياف المجتمع. ولديه القدرة على الوصول إلى الناخبين المحافظين واليساريين والأكراد وحتى المؤيدين لأردوغان". وقال إيسن إن إمام أوغلو يقدم نفسه كمنافس مباشر لأردوغان في حملته الانتخابية: "إمام أوغلو يستخدم هذه الانتخابات لمهاجمة أردوغان مباشرة".
الانقسام يضعف المعارضة!
لكن الطريق لن تكون مفروشة بالورود أمام المعارضة المناهضة للحزب الحاكم في الحادي والثلاثين من مارس/ آذار، إذ تظهر نتائج استطلاع أجراه معهد أبحاث الرأي ORC أنه في إسطنبول لا يوجد سوى 1.2 نقطة مئوية بين إمام أوغلو ومرشح حزب العدالة والتنمية مراد كوروم. وأياً كان من سيحكم المدينة الكبرى، فهو ذو أهمية كبيرة بالنسبة للبلاد: إذ يعيش حوالي خمس جميع الأتراك في منطقة العاصمة الاقتصادية، ونصف الصادرات التركية و56 في المائة من الواردات تمر عبر إسطنبول.
ويوضح إيسن أنه بعد فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية في 28 مايو /أيار 2023، انهار تضامن أحزاب المعارضة، مما أدى إلى فقدان الثقة بين ناخبيها.
وأضاف: "في ظل هذا الانقسام والصراعات الحزبية الداخلية وسط المعارضة، هناك خيبة أمل ويأس تجاه السياسة".
في العام الماضي، خاضت المعارضة معركتها ضد أردوغان بمرشح مشترك، لكن ذلك لم يكن كافياً. واليوم أصبحت المعارضة منقسمة مرة أخرى.
حيث تقدم أحزاب المعارضة الثلاثة الكبرى ــ حزب الشعب الجمهوري، والحزب الصالح القومي التركي، وحزب الديموقراطية والنهضة الذي يتمتع بتأثير الأكراد ــ مرشحيها الخاصين. أصبح أردوغان رئيساً للبلدية في عام 1994على الرغم من حصوله على حوالي 25% فقط من إجمالي الأصوات.
وحصل خصومه الأربعة على 22 و20 و15 و12%. ويخشى الكثيرون اليوم أن يستفيد مرشح أردوغان لانتخابات اسطنبول، مراد كوروم، مرة أخرى من انقسام المعارضة.
وعلى النقيض من عام 2019، يشعر معارضو أردوغان اليوم بأنهم غير متحمسين إلى حد ما، كما يقول أولاس تول، مدير معهد أبحاث الرأي CORE. "حتى عام 2019، كان حزب أردوغان يحكم هذه المدن الكبرى، وكان الهدف النهائي للمعارضة هو الفوز في الانتخابات. وفي الوقت نفسه، يتحلى أولئك الذين لا يصوتون لأردوغان بالانفعالية المسيسة والابتعاد عن السياسة".
فرصة تاريخية
ويقول الباحث السياسي إيسن إن هذه الانتخابات المحلية ستظهر "في أي اتجاه يمكن أن يتطور النظام الاستبدادي في تركيا خلال السنوات القليلة المقبلة". "يريد أردوغان إضعاف منافسيه المحتملين لعام 2028 أو التخلص منهم بشكل تام في هذه الانتخابات.
وإذا نجح، فإن المعارضة ستكون أقل قدرة على المنافسة مما هي عليه اليوم. ربما لا يمكن مقارنة الوضع بروسيا، ولكن بفنزويلا حيث "تجرى الانتخابات بانتظام، لكن المعارضة ليس لديها فرصة للفوز. ولمنع ذلك، فإن هذه الانتخابات مهمة للمعارضة".