1 يوليو 2025
21 يونيو 2025
يمن فريدم-هشام اليتيم


الحرب الكلامية بين إيران وإسرائيل، إلى جانب سيل الأخبار العاجلة والصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، جعلت كثيرين يكافحون من أجل الحصول على معلومات دقيقة، لذلك حللت مواقع علمية حرب المعلومات التي تدافع فيها إسرائيل وإيران عن روايتيهما، وتحاولان من خلالها إسكات الروايات المعارضة، حتى لو جرى ذلك أحياناً بالقوة العسكرية.

ووفق تقارير صادرة عن مراكز متخصصة، منها مركز "ستيمسون" للأبحاث العامة والمتعلقة بالأمن القومي في العاصمة الأمريكية واشنطن، فإن أوضح مثال على ذلك هو وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس محطة التلفزيون الإيرانية بأنها "سلطة بث الدعاية والتحريض الإيرانية" ومن ثم قصفها، وفي المقابل أعلنت إيران نيتها قصف محطات إخبارية إسرائيلية قبل أيام.

التحريض على الإعلام الحكومي

بدوره أكد الجيش الإسرائيلي وقوع الغارة على شبكة التلفزيون الإيراني، قائلاً إنها استهدفت "مركز اتصالات كان يستخدم لأغراض عسكرية من القوات المسلحة الإيرانية، تحت ستار النشاط المدني" بعد تحذير سكان المنطقة بالإخلاء، ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي محطة التلفزيون بأنها "سلطة بث الدعاية والتحريض الإيرانية".

تقول داون ستوفر، وهي محررة في مجلة "بوبيولار ساينس" لـ20 عاماً وعملت أستاذة مساعدة في برنامج إعداد التقارير العلمية والصحية والبيئية في جامعة نيويورك لمدة خمس سنوات، في مقالة نشرتها على مواقع التواصل في الـ18 من يونيو/ حزيران الجاري تحت عنوان "إسرائيل وإيران تتبادلان الكلام والأسلحة"، "كانت مذيعة شبكة التلفزيون الحكومي الإيراني سحر إمامي، في منتصف بث إخباري مباشر عندما أصابت غارة إسرائيلية مقر الشبكة في طهران. سارعت إلى مغادرة الشاشة مع تساقط الغبار والحطام، لكنها استأنفت البث من استوديو آخر بعد دقائق".

وفي شرح لصورة أظهرت المذيعة وهي تتعرض للقصف علق الموقع، مؤكداً أن شبكة التلفزيون الإيراني كانت تبث مباشرة عندما أصابت غارة إسرائيلية المبنى. ونسبت الصورة التي نشرها الموقع العلمي إلى التلفزيون الحكومي، عبر إذاعة الجمهورية.

حرب الأغراض الدعائية

في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2024، أطلقت إيران نحو 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، ردت الأخيرة بضربات انتقامية في وقت لاحق من ذلك الشهر، وشملت تلك الاشتباكات السابقة ضمن حرب المعلومات تبادلاً للروايات الإعلامية، إضافة إلى الأسلحة الفتاكة. فمن الأمثلة الصارخة على ذلك، إصدار الحرس الثوري بياناً أعلن فيه أن القوة الجوية الفضائية التابعة له ردت على "الجرائم الإسرائيلية" بضربات ناجحة بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف داخل إسرائيل.

ووفقاً لتقارير صادرة عن مركز "ستيمسون" حول كيفية استخدام إيران وإسرائيل لوسائل الإعلام والدعاية لتشكيل الحقائق، فقد صدر هذا الإعلان قبل دخول تلك المقذوفات المجال الجوي الإسرائيلي، مما يوحي بنية استخدام العملية لأغراض دعائية، بغض النظر عن النتيجة العسكرية الفعلية.

مثال شهير

وتورد ستوفر، وهي أيضاً محررة مساهمة في نشرة علماء الذرة الأميركيين في قصتها، مثالاً شهيراً على التضليل الإعلامي الذي استخدم في هذه الحرب، إذ صرح مسؤول إسرائيلي لم يكشف عن هويته لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أخيراً، أن إسرائيل والولايات المتحدة تعاونتا في حملة تضليل إعلامي منحت قادة إيران شعوراً زائفاً بالأمن وتركتهم غير مستعدين للهجوم الإسرائيلي المفاجئ.

كما سرب مسؤولون حكوميون لم يكشف عن هويتهم تفاصيل محادثة هاتفية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس دونالد ترمب إلى قناة تلفزيونية إسرائيلية، التي أفادت (بصورة غير صحيحة، كما اتضح لاحقاً) أن ترمب طلب من نتنياهو عدم مهاجمة أي مواقع نووية، وأجل مناقشة ضربة عسكرية لإيران ريثما تستمر المحادثات النووية مع إيران. كما أعلن نتنياهو علناً "تقدماً ملاحظاً" في محادثات الأسرى مع "حماس"، وهو ما لم يكن صحيحاً، وكان الهدف منه إيهام قادة إيران بأن إسرائيل تركز على قضية الأسرى في غزة، بدلاً من مهاجمة إيران.

وتؤكد الكاتبة أنه يصعب التحقق من صحة التقارير الإخبارية حول تضليل إسرائيل لوسائل الإعلام وتلاعبها بها بصورة مستقلة، نظراً إلى اعتمادها على مصادر مجهولة، "ولكن إذا كان التقرير دقيقاً، فإن إسرائيل لم تخدع إيران فحسب، بل صعبت أيضاً على الناس الثقة بما يقرؤونه ويسمعونه من مصادر إخبارية".

تقييد مواقع التواصل

في ظل النزاع الحالي أوقفت الحكومة الإيرانية أو أبطأت بعض اتصالات الإنترنت، والشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، وشبكات بيانات الهاتف المحمول، وتطبيقات المراسلة، كما طلبت من المواطنين حذف "واتساب" من هواتفهم، مدعية أن التطبيق يساعد إسرائيل في "تحديد هوية الأفراد واستهدافهم". ونفت شركة "ميتا"، المالكة لتطبيقات "واتساب" و"فيسبوك" و"إنستغرام"، أن يكون "واتساب" يتتبع الرسائل الشخصية أو المواقع الدقيقة للمستخدمين.

تحت عنوان "كثير من الأمور الغريبة"، أوردت مواقع علمية أميركية سيلاً من الأمثلة على التلفيقات المتعمدة التي بثها كثير من رواد مواقع التواصل، وتعد وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنشر الدعاية التي تتخفى في صورة معلومات. ومع ظهور مزيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتطورها المتزايد، فإنه غالباً ما يصعب تحديد ما إذا كانت الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي دقيقة وحقيقية.

على منصة "إكس"، تبين أن عدداً من الصور التي يقال إنها من الصراع الإسرائيلي - الإيراني مزيفة أو لا علاقة لها بالصراع الحالي. على سبيل المثال، نشرت صورة ليلية تظهر حرائق ودخاناً كدليل على ضربات صاروخية إيرانية على تل أبيب، لكن موقع "D-Intent Data" للتحقق من المعلومات حدد الصورة على أنها صورة متداولة من الحرب الروسية - الأوكرانية. وصنفت الشركة صوراً أخرى، مثل مقطع فيديو يزعم أنه يظهر قافلة عسكرية إيرانية تنقل صواريخ كبيرة على طريق جبلي، على أنها صور مزيفة مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

إشارات ضمنية

تقول المجلة العلمية التي أوردت هذه الأنباء إن موقع "D-Intent Data"، ويقع مقره في الهند، مع الإشارة الضمنية إلى أن الهند حليفة لإسرائيل في حربها ضد إيران. لذلك فإن المجلة ترى أن تدقيق هذا الموقع الهندي للحقائق يركز فقط على تتبع الروايات الإيرانية، بدوره فضح موقع Snopes الأميركي للتحقق من المعلومات عدداً من الصور ومقاطع الفيديو المتداولة على نطاق واسع. على سبيل المثال، نشر الموقع فيديو لتل أبيب وهي "تحترق" جراء ضربة صاروخية إيرانية، وهو فيديو مترجم بصورة خاطئة نشر على الإنترنت قبل شهر في الأقل من بدء الصراع الأخير بين إسرائيل وإيران.

واعتبر موقع "سنوبس" صورة يزعم أنها لطائرة مقاتلة إسرائيلية من طراز F-35 أسقطتها إيران "غير متوافقة مع الأبعاد الفعلية لهذه الطائرة المقاتلة"، وخلص إلى أنها ربما تكون مولدة بالذكاء الاصطناعي أو معدلة رقمياً، كما أفاد "سنوبس" بأن لقطات فيديو للقوات الإيرانية، وهي تسقط طائرات مقاتلة إسرائيلية، "غير أصلية".

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI