7 يوليو 2024
18 مايو 2024
يمن فريدم-خاص

 

في كل عام يعد الحوثيون العدة لفتح المئات من المراكز الصيفية لاستقطاب الأطفال في كل المحافظات الخاضعة لسيطرتهم وتجنيدهم استعدادا لنشرهم في جبهات القتال بعد اعدادهم وتدريبهم على استخدام الأسلحة المتنوعة والتعبئة الطائفية التي تحذر منها منظمات محلية ودولية.

يسخّر الحوثيون كل مؤسسات الدولة التي سيطروا عليها في 21 سبتمبر 2014 لتجهيز هذه المراكز وسط حملات ترويجية ودعائية في وسائلهم بأهمية هذه المراكز لترسيخ ما يصفونه "الثقافة القرآنية" كذريعة لتحويل الأطفال الذين جرى استقطابهم إلى مشاريع موت.

وبحسب وصف ناشطون ومهتمون بقضايا تجنيد الأطفال في اليمن يرون ما يقوم به الحوثيون إنما هو هو "غسيل للعقول والتحريض والتجنيد وتدريب الأطفال على العنف، وتتعاظم هذه المخاطر مع استخدام الحوثيين أساليب الضغط والتهديد للأهالي لاجبار أطفالهم على الالتحاق بهذه المراكز.

تحذيرات رسمية من مخاطر المراكز الصيفية

في رد رسمي علي تدشين الحوثيين للمراكز الصيفية، حذر معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، المعترف بها، من مخطر إقدام الحوثيين في فتح مئات المعسكرات في مناطق سيطرتهم لاستدراج وتجنيد الأطفال بالقوة تحت غطاء "المراكز الصيفية".

الإرياني أتهم الحوثيين بالتعمد بتنظيم معسكرات للأطفال لنشر "أفكارهم الدخيلة" المجتمع اليمني، وغسل عقول الأطفال بشعارات طائفية وثقافة الحقد والكراهية، وتحويلهم إلى أدوات للقتل والتدمير.

ودعا المسؤول الحكومي، الأسر وأولياء الأمور في مناطق سيطرة الحوثيين لرفض الانصياع لما وصفه " الإرهاب الحوثي"، والحفاظ على أبناءهم، وعدم تقديمهم "قرابين لمسيرة كاهن مران"، كما دعا المنظمات المعنية والمثقفين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان للتوعية بمخاطر "المراكز الصيفية"، وما تبثه من سموم تهدد النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي، ورصد قيادات وعناصر الحوثيين الذين يشرفون على تلك المراكز لإصدار قوائم سوداء بهم، وملاحقتهم قضائيا.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن ومنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفولة للقيام بمسئولياتهم القانونية والإنسانية والأخلاقية إزاء هذه "الجريمة النكراء"، والتحرك لوقف ما يعتبرها "المذبحة الجماعية" للأطفال، والشروع الفوري في تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية"، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، وتكريس الجهود لدعم جهود الحكومة لتثبيت الأمن والاستقرار في كامل الأراضي اليمنية.

أهداف بعيدة المدى

يهدف الحوثيون من خلال إقامة المراكز الصيفية كل عام إلى تنظيم دورات يسعون من خلالها إلى إعادة صياغة عقول الأطفال بما يخدم مصالح الجماعة، والتي تحمل أبعاد كثيرة طائفية، فكرية، وعسكرية، وهو ما يضمن استمرار مشروع خاص في الجانب العسكري، حيث يسعى الحوثيين إلى تغذية الجبهات بالمئات من الأطفال والزج بهم إلى محارق الموت.

ثمة أهداف لها أبعاد كثيرة يسعى الحوثيون من خلالها تحقيق أكبر قدر منها على نحو يجعلهم أكثر تأثيرا على عقول الأطفال الدين يقعون في مصيدة المراكز الصيفية.

رئيس منظمة "سا"م للحقوق والحريات، المحامي توفيق الحميدي، تحديث لـ "يمن فريدم" عن تلك الأهداف التي يسعى الحوثيون لتحقيقها من خلال المراكز الصيفية، وأكد في حديثه أن الجماعة لها أيدلوجية عقائدية وهو فصيل الأسلام السياسي الشيعي الذين يسعون من خلاله إلى " خلق تطابق فكري وعقائدي بالمجتمع" وعسكرة لخدمة أهدافهم.

ويرى الحميدي أن الحوثيين يتخذون عدد من الوسائل لتحقيق ذلك منها المراكز الصيفية، التي تشرف عليها وزارة التعليم التي يديرها شقيق زعيم الجماعة والدفاع لتحقيق عدد من الأهداف غرس وتعزيز المعتقدات المذهبية الخاصة بالجماعة حيث تركز علي الأطفال لتلقينهم مبادئ المذهب (الشيعي الإثنا عشرية)، المتعلقة بالذات أفكار "الولاية" و"الإمامة" فتنشئ جيل متشبع بهذه الأفكار".

وأشار في حديثه إلى ما أعتبرها " تضخيم مشاعر الكراهية للمجتمع الذي تراه المجتمع، والأفكار المعارضة التي تراهم الجماعة كافرين أو متطرفين ودواعش وأعداء للإسلام، فتخلق فجوة شعورية وفكرية بين جيل المراكز الصيفية والمجتمع".

وركّز المحامي الحميدي إلى هدف آخر من أهداف الحوثيين وهو "بناء تصور خاص للحياة والمجتمع والأعداء في أذهان جيل المراكز، حيث تصبح هذه المراكز هي محاضن بناء سردية مغلوطة، فهم أبناء الحسين مظلومين، والذين يقاتلهم أحفاد معاوية، وأن العالم يسعي لحربهم لأنهم علي حق، وهم فقط مدافعون عن النفس والحق، وهذا يخلق شعور قوي بالانتماء والولاء للحوثيين"..

واعتبر أن المراكز الصيفية استقطاب عسكري لجذب الشباب، وفرصة لعسكرة مجتمع الشباب حيث يجمع المراكز بين التدريبات العسكرية، وتعليم المهارات القتال واستخدام الأسلحة، ما يساعد في تجهيز مقاتلين لزج بهم في جبهات القتال، إلى جانب مراقبة سلوكيات الأطفال والشباب، وتحديد الأفراد المحتمل معارضتهم للحوثيين.

ويستنتج الحميدي أن "العمل الجاد لتحويلهم إلى جيل مطيع وخاضع لسلطتهم من خلال البرامج الفكرية، إلى جانب تحسين صورة الحوثيين من خلال دعايتهم للمراكز، وأنهم مهتمون بالحفاظ علي أخلاق الشباب وهويتهم مقابل جيل النت.

 

يحيى بدرين الحوثي شقيق زعيم الجماعة ووزير التربية والتعليم يتقدم طلاب تم استقطابهم للمراكز الصيفية


المراكز الصيفية.. بؤرة لتجنيد الأطفال

استغل الحوثيون المراكز الصيفية منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء والمحافظات المجاورة لبدء عملية تجنيد الأطفال، والتي تعد هي الأكبر في المنطقة بحسب تقارير حقوقية.

وهو ما أكدته الأرقام التي أوردها تقرير لمنظمة "سام" للحقوق والحريات و المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، والذي كشف عن تجنيد الحوثيين نحو 10300 طفل على نحو إجباري منذ عام 2014.

التقرير الذي حمل "عسكرة الطفولة" ذكر أن الحوثيين استخدموا أنماطًا معقّدة لتجنيد الأطفال قسريًا والزجّ بهم في الأعمال الحربية في مختلف المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، إذ وثّق التقرير أسماء 111 طفلًا قُتلوا أثناء المعارك بين شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2020 فقط.

وأشار التقرير إلى استخدام الحوثيين المدارس والمرافق التعليمية لاستقطاب الأطفال إلى التجنيد الإجباري، من خلال نظام تعليم يحرّض على العنف، بالإضافة إلى تلقين الطلاب العقيدة الأيديولوجية الخاصة بالجماعة من خلال محاضرات خاصة داخل المرافق التعليمية لتعبئتهم بالأفكار المتطرفة، وترغيبهم بالانضمام إلى القتال لدعم الأعمال العسكرية للجماعة.

منظمة "هيومن رايتس ووتش" قلت في بيان أصدرته في فبراير 2024، إن الحوثيين جندوا الآلاف في قواتهم المسلحة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم 13 عاما، معتبرة تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما هو جريمة حرب.

 

أطفال استقطبهم الحوثيون لدورات ثقافية في مراكز صيفية بصنعاء


قصص يصعب سردها

خلّفت المراكز الصيفية الكثير من المآسي عنوانها أطفال تم تجنيدهم باسم الدورات الثقافية وما بات يطلق عليها " الثقافة القرآنية" وهي كما يصفها حقوقيون "بؤرة" لتجنيد الأطفال ومصادرة حقوقهم.

محمد (41) عاما يعيش في صنعاء، تحدث لـ "يمن فريدم" بحسرة عن الطفل هاشم أحد أقاربه يبلغ من العمر 15 من عمره جرى استقطابه عبر أحد المراكز الصيفية في صنعاء ومن ثم تجنيده والزج به إلى جبهات القتال.

كان محمد يعتقد أن الانخراط في المراكز الصيفية مجرد دورات وستنتهي بمجرد انتهاء هذه المراكز، لكنه لا يعلم أن "هاشم" سيعود في تابوت بعد أن قُتل في محافظة الجوف، كانت الصدمة كبيرة لأسرته.

تزايدت مخاوف محمد على أطفاله بعد هذه المأساة، وفكر كثيرا بمستقبلهم في ظل انتشار المراكز الصيفية في صنعاء وباقي المناطق لخاضعة لسيطرة الحوثيين، وقال" كل مرة أفكر بأطفالي كل ما اسمع عن المراكز الصيفية، ويخطر ببالي هاشم الذي قتل بعد ما جندوه في المركز الصيفي".

يفكر محمد وغيره من المواطنين الذين يدركون مخاطر المراكز الصيفية وتأثيرها على مستقبل الأطفال الذين يجري اصطيادهم وتجنيدهم في حرب لم يعلمون عنها سوى عبر التعبئة التي لا تحتملها عقولهم.

يقول محمد إن أقاربه ما يزالون يعيشون الصدمة بعد مقتل ابنهم هاشم في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، كل ما حدث أنه غاب من أنظارهم.

ليست قصة هاشم هي الأولى ولن تكون الأخيرة، بل ما تزال المراكز الصيفية في مناطق الحوثيين تجند المئات من الأطفال في انتهاك صارخ لطفولتهم وخرقا للقوانين المحلية والدولية المعنية بحقوق الطفل.

استغلال القضية الفلسطينية في المراكز الصيفية

يتهم نشطاء ومنظمات حقوقية الحوثيين باستغلال الحرب علر قطاع غزة، وتوظيف القضية في المراكز الصيفية، خاصة في ظل عمليات تجنيد الأطفال التي تزامنت مع دعوة زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي للدفاع عن "القضية الفلسطينية"، وقد كشفت منظمة هيومن رايتس ن زيادة ملحوظة في تجنيد الأطفال.

وقالت باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش،نيكو جعفرنيا، "يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي في اليمن. ينبغي للحوثيين استثمار الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في مناطق سيطرتهم، مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدل استبدال طفولتهم بالنزاع".

رئيسة منظمة "دفاع للحقوق والحريات"، المحامية هدى الصراري، تحدثت في تصريح لـ " يمن فريدم" عن خطورة المراكز الصيفية وتبعاتها على المستوى الحقوقي والسياسي والتعليمي والثقافي والاجتماعي".

وقالت " كون إختيار شريحة عمرية من الأطفال من الجنسين واستقطابهم في مراكز تدرس فيها تعاليم ومبادىء عقائدية مغلوطة ويشحن الأطفال بالطائفية والكراهية وزرع روح الجهاد في مفاهيهم وأدمغتهم وينشأوا بنزعة عنف غير أسوياء في المجتمع كقنابل موقوته لأجيال قادمة تعمل على تدمير اليمن شماله وجنوبه شرقه وغربه".

ونبهت المحامية الصراري من تغيير المناهج الدراسية وما لعبته من دور "مهم وخطير" في غسل أدمغة الأطفال واستدراجهم لجبهات القتال كوقود لحرب الحوثيين.

وذكرت في حديثها أن أكثر من 50% من مقاتلي الحوثيين هم من فئة الأطفال والشباب، وهي الشريحة التي تمثل أكثر من 80% من سكان اليمن ومناطق سيطرة الحوثي، لافتة إلى جانب الفقر وتدهور الوضع الاقتصادي وانقطاع الرواتب الذي أستغله الحوثيون لاستقطاب العديد من الأطفال والنشء والشباب لصفوفهم .

وسألنا المحامية هدى الصراري عن دور المنظمات المحلية والدولية في مواجهة المراكز الصيفية ومخاطرها التي تأتي في مقدمتها عمليات تجنيد الأطفال، وقالت "يظل دور الجهات الرسمية الوطنية أو المنظمات الدولية محدود مقابل خطورة عملية التجنيد وفتح المراكز الصيفية واستقطاب الأطفال للقتال وجعلهم وقود للحرب.

وشددت على أهمية لعب دور جاد بفرض عقوبات على الحوثيين خاصة بعد التوقيع على إتفاقية مع الأمم المتحدة واليونسيف بتسريح الأطفال من الجيش والأمن وإغلاق هذه المراكز، إلى جانب الوقوف أمام تغيير المناهج بجدية وفرض رقابة دولية وفق معايير وطنية ودولية للمحتوى الذي يدرس ويلقن للأطفال في المدارس والمراكز الصيفية، حسبما ذكرت.

تظل هذه المراكز الصيفية بؤرة مستمرة يستغلها الحوثيون لإعداد أجيال من الأطفال كمشاريع موت وقنابل موقوتة قد تنفجر داخل المجتمع وتخلق حالة من العنف والحرب العقائدية ما سيكون لها تبعات في المستقبل القريب، وهو ما تحذر منها منظمات حقوقية يمنية وخارجية من مخاطر عسكرة الأطفال وتدمير حاضرهم ومستقبلهم.
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI