منذ أيام سألتني احدى صديقاتي عن حقيقة خبر تداوله البعض حول وفاة ما يقارب 18 طفلاً في صنعاء بمستشفى الكويت مصابين بمرض اللوكيميا وذلك بسبب جرعة لدواء هندي مهرب أودى بحياتهم، فأجبتها بأني قرأت حول ذلك ولكن لا أعلم ما إذا كان هذا الخبر صحيحاً أم لا كونه مثل تلك الأخبار إذا كانت حقيقة فهي تنتشر مثل النار في الهشيم.
كما أن عدم نشر أسماء الأطفال أو ظهور أحد أسرهم للإعلام جعلني اتخوف من نشر خبر قد يظهر في نهاية الأمر غير حقيقاً وقد يعرضني للمسائلة أنا وغيري واخبرتها أن تلك قد تكون مماحكات أحدهم ينشر والآخر يعمم كما هو الحال في العديد من الأخبار التي تنتشر، ونكتشف بعدها أنها إما غير حقيقية أو أضيفت لها معلومات لا أساس لها من الصحة لتكون جاهزة للقارئ الذي يعشق الاشاعات فيعممها على الباقين دون التأكد من مصدر المعلومة وهو الحال الذي ينطبق ايضاً على المواقع الاخبارية التي تنشر دون أن تصل لأي مصدر لتأكيد أو تصحيح المعلومات .
بعد أن عدتُ إلى المنزل حاولت التواصل مع أطباء أعرفهم حول تلك المعلومات، ولكن لم يفيدني أحد، فقط كل ما قاله لي أحد الأطباء هناك أدوية يتم تخزينها بطريقة خاطئة فتتسبب في انتكاسات للمرضى، ولم يتأكد لي عندما سألته عن حقيقة وفاة أطفال بمستشفى الكويت بسبب جرعات مهربة وربما لخوفه أو لأسباب قد لا أعلمها ، وهنا انتظرت وتابعت كل ما نشر إلى أن وجدت اسم أحد الاطفال وهو الطفل (إسماعيل محمد صالح الخولاني) وهو من أبناء مدينة إب، هذا الطفل الذي كافح والديه من أجل أن يعالجوه من المرض مدة خمس سنوات حتى توفى في الجرعة الأخيرة وهو كغيره من الأطفال الذين تحملت أسرهم عناء التنقل من محافظة إلى أخرى من أجل علاجهم .
باعتقادي ولأن الخسارة كانت كبيرة لم يلتف الآباء والأمهات للإعلام من أجل نشر تلك الجريمة، أو ربما قد يكون هناك من هددهم بعدم النشر وهذه تحدث في كثير من الجرائم التي ترتكبها إدارة المستشفيات عندما يقعون على أسر لا حول لها ولا قوة.
ما حدث للأطفال في صنعاء حيث تسيطر جماعة الحوثي أمر مؤلم جداً ولكم ان تتخيلوا هؤلاء الأطفال الذين قضوا حياتهم القصيرة في مرض يعالج بعلاج لا يتحمله أحد، وهو العلاج الكيماوي، سنوات وهم يتحملون الجرعات الواحدة تلو الأخرى وبعدها وعندما يتماثل بعضهم للشفاء تأتي مثل هذه الجرعة القاتلة لتنهي حياتهم مرة واحدة وتحرمهم من حقهم في الحياة.
والمشكلة أنه وبعد كل ذلك تأتي وزارة الصحة والسكان والتي كانت على علم بذلك منذ شهر لتصدر بيان خرج بعد شعروا أن الموضوع خرج من أيديهم، وياليت كان البيان منصف وقوي ولكنه كان بيان هزيل لا يرقى لمستوى المسؤولية التي تقع على عاتق وزارة هي المعنية بكل شيء وهي المسؤولة أولاً واخيرا على هذه الجريمة التي هزت الشارع اليمني وجعلتهم يدخلون في حالة من الخوف بسبب التساهل مع دخول الأدوية المهربة لليمن وصعوبة التمييز بينها وبين الاصلية من قبل الدكاترة في الصيدليات، هذه الادوية التي يحتاجها معظم اليمنيين المصابين بأمراض مختلفة منها الضغط والسكر والقلب وغيرهم .
أخيراً في ظل هذه الفوضى لن تكون هذه المجزرة الأولى والأخيرة، بل على العكس سيتزايد سماسرة الأدوية وسيعملون بجهد أكثر من الأول لأنهم لن يجدوا من يحاسبهم ويضرب بيد من حديد ويحد من دخول مثل تلك الأدوية.