5 يوليو 2024
25 مايو 2024
يمن فريدم-DWعربية-ينس توراو


بعد أن أصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مهدداً بإصدار مذكرة اعتقال بحقه في المحكمة الجنائية الدولية، تجد ألمانيا نفسها أمام معادلة صعبة بين التزامها بالقانون الدولي ودعمها لإسرائيل.

"المتحدث باسم شولتس: ألمانيا ستعتقل نتنياهو"، كان هذا عنوانًا رئيسيًا على صحيفة "بيلد" الألمانية الأكثر انتشاراً في البلاد مساء الأربعاء (22 مايو/ أيار 2024)، وعلى صحيفة "فيلت" الألمانية كان هناك أيضًا العنوان التالي: "ألمانيا ستقوم بتسليم نتنياهو، كما لمح المتحدث باسم الحكومة". عناوين تضع الحكومة الألمانية أمام معادلة صعبة للغاية. فكيف يمكن للحكومة حلها؟

ميرتس: "فضيحة"

هل يمكن تخيل أن تقوم ألمانيا باعتقال أو حتى تسليم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو في حال صدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية؟ بالنسبة لزعيم أقوى حزب معارض في ألمانيا، الحزب المسيحي الديمقراطي، فريدريش ميرتس، فإن مجرد التفكير في ذلك يعد "أمراً سخيفاً"، على حد وصفه. وأضاف: "صمت الحكومة، بما في ذلك تلميح المتحدث باسم الحكومة بأنه قد يتم اعتقال نتنياهو على الأراضي الألمانية، أصبح الآن حقيقةً بمثابة فضيحة"، وفق ميرتس لصحيفة "بيلد".

فقد طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية والمحامي البريطاني كريم خان، يوم الإثنين الماضي (20 مايو/ أيار 2024) إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو، ووزير دفاعه، يوآف غالانت، وكذلك ضد ثلاثة من قادة حركة حماس بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب. ويتهم خان على وجه التحديد نتنياهو ووزير دفاعه باستخدام "تجويع" سكان قطاع غزة كسلاح حرب.

ومن المقرر أن تدرس المحكمة الطلبات وتبت فيها بنفس الوقت. فهل يضع ذلك رئيس الحكومة الإسرائيلية وقادة حماس الثلاثة المذكورين في سلة واحدة؟ هذا ما أزعج ميرتس بشكل خاص: "إن طلب إصدار مذكرة اعتقال في نفس الوقت ضد رئيس الوزراء نتنياهو وزعيم حماس السنوار هو قلب سخيف لموقعي الجاني والضحية"، على حد قوله.

توتر بداخل الحكومة

وأوضح المؤتمر الصحفي مع المتحدث باسم المستشار الألماني، شتيفن هيبشترايت، يوم الأربعاء الماضي (22 مايو/ أيار 2024)، مدى صعوبة اتخاذ الحكومة الألمانية موقفاً واضحاً بشأن هذه القضية. وكان على هيبشترايت، الذي بدا متوتراً بشكل واضح، أن يرد في البداية على شائعات، موكداً أن شولتس "صُدم" بإعلان المدعي العام طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه.

ورد هيبشترايت: "لا أستطيع الحديث هنا عن الصدمة أو الغضب. لقد أوضحنا أننا ننظر إلى المساواة (بين نتنياهو ووزير دفاعه من جهة، وقادة حماس من جهة أخرى) بشكل نقدي للغاية. وقد أشرنا إلى الاختلافات عندما يتعلق الأمر بكون إسرائيل دولة قانون وتتمتع بقضاء مستقل".

ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو من الناحية القانونية

السؤال المطروح هنا: هل يمكن أيضاً تقييم الاتهامات التي وجهتها المحكمة التي يوجد مقرها في لاهاي بشكل مختلف؟ في الواقع، لدى خبراء القانون الدولي أيضاً شكوك في قانونية دعوى كريم خان القضائية ضد نتنياهو. ووفق خبير القانون الدولي، كونستانتين غانس نقلاً عن صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية في برلين، فإن إحدى القواعد الثابتة للمحكمة هي أنها لا تستطيع اتخاذ إجراء إلا إذا كانت الدولة المعنية غير راغبة أو غير قادرة على إجراء تحقيقاتها الخاصة. وهو ما يحدث في الأنظمة الديكتاتورية على سبيل المثال ولكن ليس في إسرائيل الديمقراطية.

معضلة الحكومة الألمانية تتمثل في كون ألمانيا أحد الداعمين الرئيسيين للمحكمة الجنائية الدولية التي تقوم بالتحقيق وإصدار الأحكام في انتهاكات مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب منذ عام 2002 ضد الأفراد وليس ضد الدول. وفي عام 2023 وحده، حولت الحكومة الألمانية 20 مليون دولار إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتعترف 123 دولة، إلى جانب الأراضي الفلسطينية، بالمنظمة التي ليست جزءاً من الأمم المتحدة. في حين أن الدول المهمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل لا تقومان بذلك.

ألمانيا وعلاقتها الخاصة مع إسرائيل

من ناحية أخرى: بالنسبة لألمانيا، يعد دعم إسرائيل محورياً في سياسة الدولة، وذلك نتيجة لأحلك فترة في تاريخ ألمانيا بعد قتلها ملايين اليهود خلال فترة الديكتاتورية النازية. وقال شتيفن هيبشترايت: "في الأساس، نحن نؤيد المحكمة الجنائية الدولية، وسيظل الأمر كذلك. نحن نلتزم بالقانون".

لكن المتحدث باسم المستشار الألماني انتقد أيضاً ما فعله خان.

وطالت خان، وكذلك الحكومة الألمانية، انتقادات حادة من سفير إسرائيل في برلين، رون بروسور الذي وضع دعم ألمانيا لبلاده موضع تساؤل. ووصف بروسور تصريحات الحكومة بأنها غير واضحة وحمالة أوجه. وأضاف: "القول بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس يفقد مصداقيته عندما يتم تقييد أيدينا بمجرد استخدامنا لهذا الحق".

في المقابل أبدت دول أخرى موقفاً أكثر وضوحاً عندما سئلت عما إذا كانت ستعتقل نتنياهو. المجر، على سبيل المثال، رفضت الأمر بجمته. وتدعم البلاد المحكمة الجنائية الدولية، ولكن الوزير ورئيس مكتب رئيس الحكومة، جيرجيلي جولياس، صرح بأنه لن يتم اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في حال زار المجر.

وقبل أيام، وصف الرئيس الأمريكي، جو بايدن، طلب الاعتقال المقدم من لاهاي بـ "المشين" . لكن الولايات المتحدة الأمريكية لم تدعم قط المحكمة الجنائية الدولية. في حين تبدو الأمور مختلفة وبالتالي أكثر تعقيداً بالنسبة لألمانيا.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI