12 سبتمبر 2024
14 أغسطس 2024
يمن فريدم-خاص-أسامة الكُربش


بشغف وعزيمة كبيرة، استطاعت إيمان العبسي أن تخط مساراً جديداً للنساء في اليمن، حيث أصبحت أول امرأة تعمل كمساعدة مخرج في الدراما اليمنية، والذي كان لوقت طويل حكراً على الرجال.

تخرجت إيمان العبسي من كلية الإعلام، قسم الإذاعة والتلفزيون، بجامعة صنعاء في 2016، وكانت تطمح أن تصبح مذيعة تلفزيونية، لم يكن في بالها دخول مجال الدراما على الإطلاق، لكن القدر كان له رأيا أخرى. إذ عرض عليها فرصة العمل كمساعدة مخرج في مسلسل "الجمرة"، وهو مسلسل بدوي حضرمي.

كونها أول فتاة تعمل في هذا المنصب في اليمن، كان دافعاً قوياً لها لقبول التحدي. تقول "إيمان" "كانت البداية محض صدفة بعد تخرجي، ولم أكن أفكر بتاتاً في مجال الدراما، لكن الفرصة جاءت وأخذتني إلى عالم جديد".

مسلسل "الجمرة" لم يكن فقط نقطة البداية، بل كان أيضاً مصدر الإلهام. من خلاله، اكتشفت "إيمان" شغفها الجديد وتعلمت كل ما يتعلق بالعمل الدرامي. من هنا بدأت رحلتها المهنية، مدفوعة بشغفها الجديد وحبها لاكتشاف المزيد.

التعلم والتدريب

رغم أن "إيمان" لم تتلقَ تدريباً متخصصاً في بداية مشوارها، إلا أن تجربتها في مسلسل "الجمرة" علمتها الكثير. بعد هذا العمل، قررت تحسين مهاراتها والتوجه إلى الدراسة المتخصصة. فالتحقت بعدة دورات ودبلومات في الإخراج وكتابة السيناريو والتصوير وصناعة الأفلام في مركز الوافي للتدريب الفني والإعلامي. هذه الدورات أضافت لها الكثير من المعلومات ووسعت مداركها.
تقول العبسي في حديثها: "التجارب علمتني أشياء كثيرة ليست موجودة في الكتب أو الدورات. اكتشفت أن لدي المقدرة على العمل في جوانب متعددة كنت أجهلها، وتطورت مهاراتي بشكل ملحوظ خلال هذه التجارب".

التحديات والصعوبات

كمساعدة مخرج في مجتمع يوصف بالذكوري، واجهت إيمان العديد من التحديات. التنمر وضغوط العمل وعدم إيمان بعض الأشخاص بقدرة الفتاة على قيادة طاقم عمل بأكمله كانت بعض التحديات التي كلفتها الكثير من الجهد، لكنها لم تستسلم. تقول "كنت أعلم أنني قادرة على التحدي وإثبات وجودي بعملي واجتهادي. كانت تلك التحديات دافعاً لي للعمل بجد وإثبات نفسي".

كما أن هناك تحديًا كبيرًا يتعلق بغياب المؤسسات التعليمية المتخصصة في الفنون الدرامية في اليمن. تشير إيمان إلى أن هناك نقصًا حادًا في الأكاديميات والكليات والمعاهد التي تقدم تعليمًا متخصصًا في الإخراج والفنون الدرامية. "نحن نفتقر لهذا الجانب من التأهيل في اليمن، وهذا يشكل عقبة أمام العديد من الشباب الذين يرغبون في دخول هذا المجال."

الإنجازات والأعمال البارزة

تخرج إيمان من كلية الإعلام والعمل كمساعدة مخرج يعدان من أهم إنجازاتها، وتعتبر عملها مع المخرج الأردني الكبير بسام المصري إنجازاً كبيراً أيضاً، وتفتخر بكل الأعمال التي شاركت فيها، خاصة مسلسل "الجمرة" الذي كان بداية رحلتها المهنية.

توضح العبسي: "كل عمل نبذل فيه كل جهدنا ووقتنا لنخرج بعمل مميز. كانت الجمرة من الأعمال التي أفتخر بها جداً بحكم صعوبة العمل والبيئة الصحراوية الصعبة."

بالإضافة إلى "الجمرة"، عملت "إيمان" على مسلسلات أخرى مثل "غربة البن" الجزء الأول، "سد الغريب"، و"أبواب صنعاء". كل هذه الأعمال أضافت لرصيدها المهني ورفعت من مستوى مهاراتها في الإخراج.

ويتطلب دور إيمان اليومي الكثير من التنظيم والدقة. تشمل مهامها تفريغ النص قبل بدء التصوير، متابعة الممثلين والممثلات وإعطائهم أوامر التصوير، متابعة تجهيز مواقع التصوير، عمل بروفات، ومراجعة النص أثناء تصوير المشاهد. كما أنها مسؤولة عن تسليم كشف يومي لوحدة المونتاج بالمشاهد التي تم تصويرها خلال اليوم.

دور المرأة في الإنتاج الدرامي

ترى إيمان أن للمرأة دوراً فعالاً في إنجاح الأعمال الدرامية سواء في التمثيل أو في طاقم الإخراج. وتؤكد "المرأة لها دور كبير في إنجاح العمل سواء كاستايلست، ميكب آرتست، أو مساعدة مخرج. تساهم في تسهيل العمل للطاقم النسائي".

في الآونة الأخيرة أصبح المجتمع أكثر تقبلاً لدور المرأة في مثل هذه المجالات، رسائل الدراما التي تسعى "إيمان" لنقلها دائماً ما تكون سامية، تهدف إلى تطوير المجتمع، نشر الوعي، وتعزيز السلام.

وتنصح "إيمان" النساء الراغبات في دخول مجال الإخراج بأن يكنّ ذوات شخصيات قوية وقادرات على التحمل، وأن يضعن لأنفسهن مكانة بين طاقم العمل. وتقول: "العمل الدرامي يشبه المعركة. الفتاة إما أن تخرج منها منتصرة أو ستخسر. والأهم أن تكون محبة لهذا العمل رغم صعوبته".

حاليًا، تأخذ "إيمان" استراحة محارب لترتيب خططها المستقبلية وأهدافها، وتطمح لدراسة الماجستير في الإخراج وتطوير مهاراتها، وتأمل أن يتحسن الوضع في البلاد لتتاح لها الفرصة لتحقيق المزيد من النجاح.

وتلقت "إيمان" دعماً كبيراً من والدتها التي كانت تعتبرها الداعم الأول لها، بالإضافة إلى دعم عائلتها وصديقاتها. تعترف بأنها أيضاً كانت داعمة لنفسها للوصول إلى ما هي عليه الآن رغم كل المصاعب والتحديات.

تقول "أمي كانت الداعم الأول لي وسندي. وكذلك تلقيت الدعم من عائلتي وصديقاتي، وأنا كنت داعمة لنفسي للوصول إلى هنا".

أثبتت إيمان العبسي أن المرأة قادرة على تحقيق النجاح في مجالات كانت تقليدياً مقتصرة على الرجال، بإصرارها وعزيمتها، وعبر تحدي التقاليد الاجتماعية والصعوبات المهنية، تمكنت من ترك بصمة واضحة في مجال الدراما اليمنية.
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI