7 يوليو 2024
3 سبتمبر 2022
يمن فريدم-خاص-مروان المنيفي

 

مخيمات النزوح في محافظة مأرب، مأساة كبيرة تلخص ما انتجه الحرب خلال سبع سنوات، قصص ومشاهد مختلفة تتكرر كل يوم لمئات الأسر النازحة التي أجبرتها الحرب على مغادرة منازلها ليستقر بها الحال في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وسط ظروف وأحوال في غاية الصعوبة.

 

يحاول النازحون عبر الخيام المهترئة الاحتماء من الظروف الطبيعية، كالأمطار في الصيف، وموجات البرد القاسية في الشتاء، وما بينهما ينال النازحون ايضا حظا من تبعات تلك الظروف، وقد تكون أقل قسوة.

 

في مخيمات النزوح للموت صورا متعددة، غير تلك التي شاهدها النازحون في الحرب، فالجوع، والأمراض والأوبئة صورة أخرى للموت، وكما أن نقص الاحتياجات الأساسية والضرورية قد تكون واحدة من الطرق التي تؤدي إلى الموت فعلا، وهو ما حذرت منه منظمات محلية ودولية، ومناشدات الأسر النازحة في المخيمات بمحافظة مأرب.

 

هذا الملف المثقل بالمواجع الذي تحتضنه محافظة مأرب شرق اليمن أصبح متشعبا، ملف تتولى إدارته السلطة المحلية والمنظمات الدولية والمحلية، وجميعهم معنيون بذلك، إلا أن الالتزامات الإنسانية لهذه المخيمات هي على النقيض من المأساة والمعاناة التي يتجرع النازحون مرارتها منذ سنوات.

 

نازحون تحت رحمة الطقس

 

في مخيم "السُميَّا" بمديرية الوادي بمحافظة مأرب يقف " سالم عبد الله" حائراً بعد أن جرفت عواصف وسيول الأمطار خيمته المهترئة، وغمرت محتوياتها الأساسية البسيطة، والتي كلفته شهور حتى يحصل عليها، فمرحلة نزوحه بدأت مطلع العام 2016 وتكرر مرة أخرى منتصف العام 2021.

 

منذ مطلع الشهر الفائت شهدت محافظة مأرب الواقعة، شمال شرق اليمن، هطول أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف وموجة ترابية شديدة، فاقمت من سوء الأحوال الجوية في مدينة شديد الحرارة، المطر تحول إلى مآسي ونقمة عند الكثير، فتسبب بتدمير منازل ومخيمات، وقطع كسب العيش على أصحاب "البسطات" المتناثرة في شوارع المدينة المكتظة بنحو مليوني نازح من 14 محافظة يمنية، بالإضافة إلى النازحين من المديريات التي يجتاحها الحوثيين منذ الهجوم العسكري على المحافظة منذ عامين.

 

 "عايدة" نازحة وأم لثلاثة أطفال في مخيم "الجفينة"، أكبر المخيمات في مأرب، تقول لموقع " يمن فريدم":" المطر نعمة وبركة على من يسكن في بيت مسلح (بيت من الخرسانة) لا تدمره سيول المطر، أو يدخله التراب".

 

وتكمل حديثها " كل سنة أسوأ من قبلها ماعد في حرب وقصف نسمع مثل السابق، لكن المطر والبرد والغبار زاد من المعاناة والجحيم". وتتحدث عن ليالي شديدة المطر والبرد، تماسكوا أنفسهم من الغرق والتشريد، وليس هذا وحسب بل مرت 28 ساعة دون تناول أي وجبة طعام. فمنزلهم مبني بطريقة شعبية وسطح من الخشب وقطع قماشية اُتخذت أبواب، قد غمرته المياه وفسدت ما كان فيه من بعض المواد الغذائية اللازمة.

 

تحولت المخيمات إلى مستنقع كبير من المياه، مع انعدام أغطية تمنع دخول مياه الأمطار إلى تلك الخيام المهترئة مع تزايد العواصف، وهو ما يستوجب من المنظمات المعنية بالشأن الإنساني توفير الاحتياجات اللازمة والوقائية قبل ان تتضاعف أضرار ألنازحين في المخيمات، مع غياب التحذيرات للسلطة من تقلبات الطقس في المدينة.

 

لم تقتصر المآسي على المخيمات فحسب، بل أمتدت إلى المجمع السكني والتجاري للمدينة، كان "معتز" مالك بسطة أدوات منزلية قد واجه ظروف قاسية من شدة الأمطار، وتلافى جرف السيول لمصدر دخله وفقدانه مع العشرات من العمال وأصحاب البسطات المفترشة على طوال الشارع العام للمدينة لوسائل كسب العيش.

 

أضرار الفيضانات

 

وفقا للوحدة التنفيذية للاجئين، تأثر (197) موقعا من مواقع النزوح بالفيضانات، مع ورود تقارير عن تعرض آلاف الملاجئ للأضرار، بما في ذلك مخيم الجفينة، الذي يعد أكبر مخيم للنزوح ويستضيف (11,000) أسرة، كما جاء في بيان الأمم المتحدة الأخير عن الأضرار التي سببتها الفيضايات في كافة محافظات اليمن وعلى رأسها محافظة مأرب التجمع الأكبر للنازحين.

 

وأبلغت السلطات المحلية عن تضرر حوالي (13,550) أسرة وتدمير (2,577) مأوى، وتعرض ( 10,972) لأضرار جزئية، وتركزت معظم الأضرار في مدينة مأرب ومناطق الوادي ، والتي شهدت 94 %  من اجمالي الأضرار المبلغ عنها.

 

الأمم المتحدة وعبر بيانها الأخير عن أضرار سيول الأمطار في اليمن، قالت إن فرقها قدمت أكثر من (700) مجموعة من مستلزمات النظافة وما يقرب من (1500) وعاء مياه إلى أكثر من (5000) نازح في المحافظة.

 

 

 

نداء واحتياج

 

يطلق النازحون نداء استغاثة عاجلة عند كل نكسة جديدة تقع عليهم في المخيمات، فترد السلطة المحلية والوحدة التنفيذية بنداء آخر للمنظمات الإنسانية الدولية.

 

يشكو النازحون مراراً من شحة المواد الغذائية والإيوائية وغياب المنظمات من أي أنشطة مكثفة توازي حجم وصعوبة المعيشة، منظمة الهجرة الدولية، أكثر المنظمات المعنية، تتخذ فندقا كبيرا وسط المدينة مقرا لها، وعلى مقربة منها تقع مخيمات النازحين، في معركة التشبث بالحياة من الامطار والرياح وشدة البرد، لاسيما أن الأطفال وكبار السن الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض والاوبئة.

 

وتقول الوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب، إنها أوقفت صرف مساعدات برنامج الأغذية العالمي للنازحين في مخيمات مأرب المترامية، بفعل انتهاء صلاحيتها الناتج عن سوء التخزين، وهو ما قد يلحق بالضرر الكبير بحياة النازحين.

 

مدير الوحدة التنفيذية "سيف مثنى"، قال إن هناك احتياجا شديدا في الجانب الغذائي لما يقارب (48) ألف أسرة، وتم رفع الاحتياج لشركاء العمل الإنساني أبرزها برنامج الأغذية االعالمي، غير انهم تفاجئوا بتقليص الأخير للمساعدات نسبة 75 %.

 

وكشف عن المواد الغذائية التي تم صرفها مطلع أغسطس/ آب الجاري عبر شركائهم "الغذاء الإسلامية"، وهي مساعدات شارفت على الانتهاء، ما دفع مكتب التجارة والصناعة بمأرب لإيقافها وتكليف لجان ميدانية لحصرها، واتخاذ إجراءات لائتلاف أي مواد متبقي لصلاحيتها شهرين، حسب الاتفاق مع برنامج الأغذية العالمي بعدم دخول مواد غذائية لا تقل صلاحيتها عن ثلاثة أشهر.

 

ويوضح "مثنى" أن السلة الغذائية التي كانت تُسلم شهرياً أصبحت تصرف لثلاثة أشهر ولا تكفي سلة زهيدة للأسرة النازحة أكثر من عشرة أيام، مع اتساع فجوة الاحتياجات الطارئة لأكثر من 148 مخيم.

 

انذار مبكر

 

وبسبب تدهور الأوضاع في مأرب نبهت شبكة الإنذار المبكر للمجاعة، التابعة للأمم المتحدة مؤخرا، من أن تظل المحافظة في حالة طوارئ غذائية في المرحلة الرابعة من التصنيف الدولي حتى يناير المقبل، ويعود ذلك إلى ارتفاع نسبة الأسر النازحة التي تعتمد على المساعدات.

 

التقرير أشار إلى أن التحسينات في الوصول إلى الغذاء أدت إلى تحسين النتائج على مستوى ثلاث محافظات يمنية، إلا أن مأرب ما زالت في حالة طوارئ غذائية جراء الاحتياجات المتزايدة للنازحين.

 

وتبقى معاناة النازحين في محافظة مأرب مستمرة مع تدني الخدمات بسبب تقليص الدعم، وتراجع المساعدات المستمرة من قبل المنظمات الدولية المعنية بترفير كل سبل العيش للنازحين.

 

ومع استمرار تدهور أوضاع النازحين في مأرب تتزاحم المخيمات الغارقة في تلك الظروف يوميا بعشرات القصص الإنسانية وتصدرها إلى العالم لتلخص صعوبة الحياة في مخيمات تعيش بين جحيمين، الطبيعة ونقص التمويلات الدولية.

 

 

  

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI