باعتدائها الإرهابي على ميناء الضبة بمحافظة حضرموت، شرقي اليمن، سلكت ميليشيات الحوثي منعطفاً خطِراً في سياسة الابتزاز، التي تتبعها في التعاطي مع تطورات الأزمة في اليمن، خاصة مع انتهاء الهدنة الأممية في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، والجهود الأممية والدولية لتجديدها وتوسيعها، فقابلت بذلك نهج السلام لدى الحكومة اليمنية الشرعية بالتمادي في تهديداتها العبثية.
ولا يعتبر هذا السلوك مستغرباً من ميليشيات الحوثي، باعتبارها جماعة عنف، دأبت عليه منذ أن قاتلت الدولة في اليمن خلال حروبها المتتالية الستة، بين عامي 2004، وحتى 2010، قبل أن تنقلب على السلطات الشرعية، في سبتمبر/ أيلول 2014، وتُدخل البلاد في حرب طويلة مستمرة منذ ثمانية أعوام، وأوقعتها في كارثة إنسانية غير مسبوقة، والأكبر على مستوى العالم.
واقعة هجوم الحوثيين على ميناء «الضبة» النفطي، وهي الأولى من نوعها، منذ بداية الصراع، مؤشر خطِر وتجاوز للخطوط الحمراء، حسب الحكومة اليمنية، ويمكن أن تكون فاتحة لتطورات كارثية، تدخل اليمن والإقليم بتداعيات غير مسبوقة، وتعقّد من إمكانية التوصل الى حل للأزمة اليمنية، «وتدل دلالة قاطعة عل أن الهدنة والسلام مع ميليشيات الحوثي بعيدا المنال»، كما جاء في بيان مجلس النواب اليمني، عقب الهجوم.
ظل خطر ميليشيات الحوثي يتنامى في كل منعطفات الأزمة اليمنية، بل وفي كل جهد يتحقق نحو حلحلتها، ولا أدل على ذلك من مواقفها وخطواتها الميدانية وتصريحات قياداتها، خلال فترة الهدنة، في الستة الأشهر الماضية، دون أن تلتزم من جانبها بتنفيذ أي من بنود الهدنة، رغم التنازلات الواضحة من قبل الحكومة الشرعية والتحالف، بل إنها استفادت من إدخال المشتقات النفطية الى مناطق سيطرتها وجيرت عائداتها المالية لحساب ما تسميه المجهود الحربي، وهو ما تمثل في عروضها العسكرية واستمرار حشودها في جبهات القتال.
اللافت أن الهدنة في اليمن مستمرة عملياً، رغم عدم تجديدها، فسفن الوقود تدخل الى ميناء الحديدة، ورحلات الطيران مستمرة في مطار صنعاء الدولي المفتوح، فيما تضرب الميليشيات بعرض الحائط مطالبات الحكومة اليمنية والدول المعنية والأمم المتحدة، بفتح طرق تعز، وهو المطلب الأبرز إنسانياً في بنود الهدنة، ويكاد يكون المطلب الوحيد للحكومة.
حتى اللحظة لا تبدو واضحة الكيفية التي ستواجه بها الحكومة اليمنية هذا التطور الإرهابي الخطِر، كما أن هذه الواقعة تضع الموقف الأممي والدول المعنية بالأزمة اليمنية في حالة من الارتباك والحرج، وهي التي، وحتى يوم من الهجوم على ميناء الضبة، كانت مستمرة في جهودها لتجديد الهدنة، وضغوطها الواضحة على الحكومة اليمنية للقبول بمقترح بنود التجديد، والتي وافقت عليها الحكومة فعلياً.