5 فبراير 2025
5 ديسمبر 2024
يمن فريدم-اندبندنت عربية-أحمد مصطفى


لم تعدل مؤسسات التصنيف الائتماني كثيراً في توقعاتها وتقديراتها للاقتصاد العالمي العام المقبل، في الأقل حتى نهاية الربع الأول من 2025، وذلك بسبب عدم اليقين المحيط بسياسات الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترامب وتأثيرها ليس في أكبر اقتصاد في العالم وحسب، وإنما على معظم دول العالم ومن ثم الاقتصاد العالمي كله.

وتنتظر تلك المؤسسات وغيرها من شركات الاستشارات والبنوك الاستثمارية ما سيحدث مع تولي الإدارة الجديدة السلطة في الـ20 من يناير/ كانون الثاني 2025، قبل أن تستطيع تقدير توقعات النمو ومن ثم الوضع الائتماني، لذا أصدرت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" تقريرها لنهاية العام حول توقعات الربع الأول من العام المقبل 2025 تحت عنوان "استعدوا" من دون توصل تحليلاتها إلى مؤشرات واضحة على أي تغيير في وضع الاقتصاد العالمي.

على رغم أن نتائج السياسات الأمريكية تظل غير معروفة، لكن خلاصة التقرير هي "زيادة الأخطار السلبية على الاقتصاد العالمي بدرجات غير معروفة بعد".

فالقراءة الأولية للسياسات الأمريكية المعلنة حتى الآن أن تأثيرها في فرص النمو محدود جداً، مع ارتفاع الضغوط التضخمية واحتمالات توقف مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) عن مسار خفض الفائدة أسرع من المتوقع من قبل.

وسيؤدي ذلك إلى عودة تشديد السياسات النقدية والمالية وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي "ومزيد من التعقيد للمؤشرات الكلية للاقتصادات المختلفة حول العالم".

استمرار التقديرات الحالية

وبغض النظر عن تطبيق الإدارة الأمريكية الجديدة تعهداتها للسياسات الاقتصادية المالية والتجارية وفي شأن الهجرة بصورة كاملة أو جزئية وفي أي وقت فإن احتمالات نهاية حقبة الإنفاق الاستهلاكي القوي والطلب الجيد في سوق العمل كبيرة.

ويظل التقدير للاقتصادات الثلاثة الكبرى في العالم على ما هو عليه وفي المقدمة الاقتصاد الأمريكي الذي حقق نمواً ربع سنوي 2.8% في الربع الثالث من العام الحالي.

وإن كان أقل بصورة طفيفة من معدل النمو في الربع الثاني من العام المقبل، فإن الإنفاق في قطاع الخدمات والطلب على العمالة يظل قوياً.

حتى الآن، يظل معدل نمو ثاني أكبر اقتصاد عالمياً في الصين أقل من نسبة النمو المستهدفة رسمياً عند 5%.

ويعكس ذلك المشكلات التي يواجهها الاقتصاد الصيني نتيجة أزمة القطاع العقاري، إلا أن التأثير الكامل لحزم التحفيز الأخيرة التي قدمتها السلطات الصينية يظل لم يظهر بعد.

وبالنسبة إلى اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي فالمتوقع، كما هو من قبل، أن يواصل النمو البطيء متفادياً الركود، وحقق الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي نسبة نمو ربع سنوية عند 1.6% للربع الثالث من هذا العام.

ويواصل معدل التضخم في الاقتصادات الكبرى الاقتراب من النسبة المستهدفة وإن كان تباطأ انخفاضه أو عاد إلى الارتفاع الطفيف أخيراً.

وإن كانت البنوك المركزية ستواصل خفض أسعار الفائدة إلا أنها ستتوقف أقرب مما كان مقدراً من قبل لذا ستظل كلفة الاقتراض عالية.

وكان البنك المركزي الكندي في مقدمة البنوك المركزية في الاقتصاد الكبرى في خفض سعر الفائدة، بمعدل 1.25% خلال العام الحالي 2024، بينما خفض "الفيدرالي" الفائدة 0.75% وخفض بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) نسبة الفائدة بمقدار 0.5% هذا العام، أما البنك المركزي الأسترالي فهو الاستثناء إذ لم يخفض الفائدة هذا العام.

سعر الفائدة والنمو

وبدأت الأسواق بالفعل إعادة النظر في تقديراتها لخفض سعر الفائدة، إذ تتوقع الآن ألا يخفض "الفيدرالي" سعر الفائدة عن 3.9%، بينما كانت التقديرات السابقة بخفض أكبر حتى 2.9%.

وبالتوازي مع ذلك ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية المتوسطة الأجل لمدة 10 أعوام في الأشهر الأخيرة، إذ وصل إلى 4.5 في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من 3.8% لسبتمبر/ أيلول 2024.

ونتيجة تعديل توقعات خفض سعر الفائدة واصل الدولار الأمريكي زيادة قيمته مقابل العملات المهمة الأخرى، وبحسب مؤشر "دي إكس واي" ارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي منذ نهاية سبتمبر الماضي حتى الآن 7% لتصل قيمته إلى مستويات لم يصل إليها منذ عقدين تقريباً.

ونتيجة عدم اليقين وبانتظار سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة ونتائجها، أبقت "ستاندرد أند بورز" على تقديراتها السابقة لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الكبرى والاقتصاد العالمي، في الأقل حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل 2025.

وحسب السيناريو الأساس لتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي تتباين أوضاع الاقتصادات الكبرى والصاعدة، فبالنسبة إلى الولايات المتحدة سينمو الاقتصاد 2% أو أقل قليلاً العام المقبل قبل أن يعاود الارتفاع، ويشهد اقتصاد منطقة اليورو نمواً حثيثاً حتى لو بمعدلات بطيئة، إما الصين فتشهد نمواً أربعة في المئة نتيجة تأثير فرض الرسوم والتعرفة الجمركية الأمريكية.

ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد الياباني العام المقبل نمواً عند 1% ويحقق الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا نمواً 1.5%، تظل الهند في مقدمة الاقتصادات الأسرع نمواً وإن تباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل قليلاً من 7% في الأعوام المقبلة، على أن يصل نمو الاقتصاد في البرازيل والمكسيك إلى 2% وفي جنوب إفريقيا إلى 1.5%.

مخاوف الحمائية

تلك السيناريوهات الأساسية لتوقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لم تتغير، لكنها عرضة للتغيير في الأشهر المقبلة، نتيجة سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة.

ويتوقع التقرير أن تكون الأضرار على الدول الصاعدة والنامية متباينة الحجم والنطاق.

وتظل هناك مخاوف في شأن وضع الاقتصاد العالمي ككل في حال رد الاقتصادات الأخرى على الإجراءات الأمريكية باتخاذ سياسات عقابية مضادة.

وفي تلك الحال ستكون الأضرار أكبر على الاقتصادات الصاعدة والنامية حول العالم، إلا أن معظم التوقعات تشير إلى أن يكون تطبيق الإدارة الأمريكية الجديدة لتهديداتها متواضعاً، باستثناء الرسوم والتعرفة الجمركية على الصادرات الصينية.

مع ذلك تبقى المخاوف من موجة سياسات حمائية متصاعدة لا تضر بالتجارة العالمية، وحسب بل أيضاً بفرص النمو في كثير من الدول، خصوصاً تلك التي تعتمد في دخلها على عائدات الصادرات التي تحتاج إلى استثمارات خارجية مباشرة كبيرة لتحقيق النمو الاقتصادي.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI