لليوم الثالث على التوالي، تواصلت المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" وإسرائيل، التي تجري في الدوحة بوساطة مصرية - قطرية - أمريكية. وبينما يسود تكتم شديد على نتائجها، يعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تفاؤله بشأنها، ويقول إنها "تسير على ما يرام".
وبينما تركزت إفادات المصادر خلال الفترات الماضية على بندين عالقين في المفاوضات؛ يمثلهما الانسحاب الإسرائيلي من عمق القطاع وإنهاء الحرب، تحدثت مصادر عن بنود عالقة أخرى منها آلية توزيع المساعدات حتى في ظل الهدنة المؤقتة، وكذلك السماح بفتح معبر رفح أمام الحركة من الجهتين.
وتقول مصادر من "حماس"، لـ"الشرق الأوسط"، إن "المفاوضات جادة أكثر من كل مرة، لكن التقدم فيها بطيء ولم تحسم أياً من النقاط الخلافية، خصوصاً المتعلقة بالتعديلات التي طلبها الوفد المفاوض من الحركة، نيابةً عن كل فصائل المقاومة التي أجمعت عليها خلال الرد الذي قدم للوسطاء قبل جولة المفاوضات الحالية".
وبينت المصادر أن "حسم أي نقاط سيستغرق وقتاً؛ لأن التعديلات المطلوبة مهمة بالنسبة للفلسطينيين، مبينةً أن الضغط الأميركي وحده يمكن أن يؤدي لتغيير في مواقف إسرائيل بشأن هذه النقاط العالقة الرئيسية".
وحددت المصادر بند "إدخال المساعدات الإنسانية بالآلية القديمة نفسها وضمن البروتوكول الإنساني المتفق عليه في اتفاق يناير/ كانون الثاني الماضي" كأحد المشكلات العالقة.
وأضافت: "هناك أزمة أخرى تتعلق بالعمل على وضع خرائط وتواريخ واضحة المعالم بشأن الانسحاب الكامل والتدريجي من قطاع غزة، وإيجاد آلية واضحة لضمان إطلاق مفاوضات المرحلة النهائية على قاعدة وقف الحرب بشكل كامل".
اختلاق أزمات جديدة
واتهمت المصادر من "حماس" الوفد الإسرائيلي بـ"اختلاق أزمات جديدة تتعلق حتى الآن برفضه لفتح معبر رفح البري للقادمين والخارجين من قطاع غزة"، مؤكدة أن الإسرائيليين "يحاولون فقط التركيز على السماح بخروج الحالات المرضية والإنسانية، ورفض عودة أي من الغزيين".
وزادت المصادر أن "قضية مفاتيح تبادل الأسرى قد تواجه عقبات فيما يتعلق بالأسماء، وليس بأعداد الذين سيطلق سراحهم، مرجحةً أن يتم تطبيق النموذج نفسه في الصفقة الماضية".
وكان الاتفاق السابق الذي دخل حيز التنفيذ في السابع عشر من يناير الماضي، ينص على الإفراج عن 30 أسيراً فلسطينياً جزء منهم من أصحاب المحكوميات المؤبدة والعالية، مقابل كل مختطف إسرائيلي يصنف على أنه مدني.
وفي حالة العسكريين فإنه مقابل كل جندي إسرائيلي لدى "حماس" تفرج إسرائيل عن 50 أسيراً فلسطينياً منهم 30 من المحكومين بالسجن المؤبد، و20 آخرين يقضون أحكاماً تصل إلى ما لا يقل عن 15 عاماً.
وفعلياً تزعم إسرائيل أن كل من أفرج عنهم سابقاً كانوا من "المدنيين"، ولذلك لم يتم تطبيق قاعدة المجندين عليهم، بينما من تبقوا لدى "حماس" والفصائل الفلسطينية ويقدر عددهم بنحو 48 شخصاً تقريباً من الجنود، وقد تكون هذه نقطة خلاف أخرى خلال المفاوضات، وتصر إسرائيل على تطبيق الاتفاق السابق نفسه.
كما تتوقع الفصائل الفلسطينية أن ترفض إسرائيل الإفراج عن أسرى من كبار الرموز، مثل مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وغيرهما.
أزمات ما بعد الهدنة المؤقتة
وستكون هناك أزمات أكثر تعقيداً في مفاوضات المرحلة المقبلة، في حال نُفذت المرحلة الحالية المؤقتة المرموز إليها بـ60 يوماً، وتحديداً ما يتعلق بقضية نزع سلاح "حماس"، ونفي قياداتها خارج القطاع، واليوم التالي لمستقبل القطاع، إلى جانب انسحاب إسرائيل الكامل بما في ذلك من محور فيلادلفيا (بين مصر وغزة)، وهو أمر قد ترفضه إسرائيل بشدة.
وترجح المصادر أن تستمر المفاوضات لأيام أخرى، وقالت: "مع نهاية الأسبوع قد تتضح الصورة أكثر إلى أين يقودنا مسارها، إما إلى نجاح، أو فشل جديد".
وأكدت المصادر أن "إمكانية نجاح المفاوضات مساوية تماماً لنسبة فشلها، خصوصاً في ظل محاولات إسرائيل استعادة مختطفيها قبل الانسحاب الكامل أو وقف الحرب بشكل نهائي، فيما تصر (حماس) على أن يكون هناك ضمانة واضحة تتضمن إنهاء الحرب بشكل كامل قبل الإفراج عن أي من المختطفين".
البحث عن أرضية مشتركة
وبحسب ما تشير المصادر، فإن الوسطاء يحاولون إيجاد "أرضية مشتركة" من خلال صياغة ترضي جميع الأطراف، مع التركيز على البدء بمرحلة وقف إطلاق النار المرحلي الأولى، ليتم البناء عليها لمرحلة أوسع وأشمل تنهي الحرب.
وقال ماجد الأنصاري، الناطق باسم الخارجية القطرية، إن جهود الوسطاء تنصبّ على "الوصول إلى مرحلة لإنهاء الحرب في غزة"، مشيراً إلى أنه من المبكر الحديث عن أي تفاصيل في الوقت الحالي، لكن هناك انطباعات إيجابية، والعملية تحتاج إلى وقت، ولا يمكن تقديم جدول زمني واضح للوصول إلى نتائج.
ولفت إلى أن ما يجري الحديث عنه هو ورقة إطار عامة وأن المحادثات المفصلة لم تبدأ بعد، مشيراً إلى أن الوسطاء يسعون لجسر الهوة للإطار التفاوضي ولإيجاد بيئة مناسبة.