استرد الجيش والقوات المشتركة، أمس السبت، مواقع مهمة كانت قد سيطرت عليها قوات "الدعم السريع" هي سجن شالا ومعسكر شرطة الاحتياط المركزي غرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تزامناً مع إحكام الجيش لقبضته على منطقة (كرتالا) بجنوب كردفان، وفق مصادر عسكرية.
وقالت المصادر، إن الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش، بمشاركة قوات العمل الخاص والفصائل المساندة، استعادت أمس بعد معارك ضارية موقعي الاحتياط المركزي وسجن شالا غرب المدينة، بعد سيطرة الميليشيات عليهما واتخاذهما مراكز لعمليات الإمداد والمراقبة والاحتجاز.
وأوضحت المصادر نفسها، أن مدفعية الجيش استهدفت، أمس السبت، مواقع "الدعم السريع" في الأطراف الغربية للمدينة، وتنفيذ الفرقة السادسة مشاة وحلفاؤها عملية عسكرية أسفرت عن مقتل عدد كبير من عناصر الميليشيات المتسللة بالمحور الجنوبي بالمدينة بينهم قائد ميداني كبير.
وتشهد الفاشر استمراراً للقصف المتبادل بين الجيش خلال الفترة الصباحة وقوات "الدعم السريع" مساء باستخدام الجانبين للمسيرات الاستطلاعية والهجومية التي لا تنقطع عن التحليق في سماء المدينة.
محاولات للاختراق
وتسعى قوات "الدعم السريع" إلى تثبيت وجودها داخل الأحياء الشمالية للفاشر من خلال تقدمها المحدود الذي أحرزته نحو عمق المدينة خلال هجماتها الأخيرة.
وأعلنت القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة عن إحباط محاولات اقتحام متكررة نفذتها قوات "الدعم السريع" وبعض فصائل تحالف التأسيس المسلحة على مدينة الفاشر خلال فترة التصعيد العسكري الأخيرة التي شهدتها الأيام الثلاثة الماضية.
وذكر بيان للقوات المشتركة أن محاولات الهجوم الأخيرة تركزت من المحورين الجنوبي والجنوب الغربي للمدينة، لكنها فوجئت بمقاومة شرسة حالت دون تحقيقها أي اختراق يذكر.
توسع جديد
وأعلنت مصادر ميدانية، أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً بإحكام قبضته على منطقة السلامات (الجبال الستة/ كرتالا) بولاية جنوب كردفان، عقب معارك شرسة مع الميليشيات المتحالفة مع قوات الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية/ شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وفق المصادر، فقد أسفرت العملية عن مقتل عدد من عناصر الميليشيات، إلى جانب الاستيلاء على كميات من الذخائر والأسلحة المتنوعة التي كانت تستهدف بها القرى والمواقع الآمنة بالمنطقة.
وشهدت منطقة كرتالا الرابطة بين الريف الشرقي والغربي بولاية جنوب كردفان خلال الأيام الماضية، تحركات وعمليات نهب للشاحنات التجارية على الطريق التجاري بمنطقة السلامات (الجبال الستة/ كرتالا) بجبال النوبة.
هجوم وشيك
في شمال كردفان حذر ناشطون على منصات لأبناء كردفان، من تحركات واستعدادات حثيثة من قبل الميليشيات وعمليات تحشيد بشرية وسيارات مصفحة ومدفعية ومسيرات، بغرض شن هجوم وشيك متعدد الجبهات على مدينة الأبيض عاصمة الولاية.
ويستدل الناشطون، بتحريك واسع من جانب الميليشيات لقواتها من مدينة النهود وتجميعها في منطقة الخوي مع تعزيز وجودها غرب مدينة بارا، بهدف مهاجمة المدينة من الناحيتين الشمالية والشمالية الغربية، مشيرين كذلك إلى وصول تعزيزات كبيرة لقوات "الدعم السريع" بمنطقة أبوزبد من حلفائها في الحركة الشعبية/ شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، إلى جانب تجمعات أخرى في منطقتي الدبيبات والحمادي وكازقيل.
في هذا الوقت شنت مدفعية الفرقة الخامسة مشاة (الهجانة) بالأبيض، أمس، هجوماً مدفعياً مكثفاً استهدف تجمعات لـ"الدعم السريع" شمال المدينة وإسكات مصادر نيران القصف المدفعي في محيط عاصمة الولاية.
هجمات وتهجير
من جانبها وسعت قوات "الدعم السريع" من هجماتها على قرى شمال كردفان، وتحديداً (أم نبق وشق النوم والمشقة)، شمال محلية بارا وقامت بإحراق بعضها بالكامل.
وتسببت الهجمات والاعتداءات في مقتل العشرات من المدنيين القرويين وزيادة موجات فرار مئات الأسر نحو المناطق والمحليات القريبة الآمنة ونحو عاصمة الولاية، إلى جانب محليات الدويم بولاية النيل الأبيض وأم درمان في الخرطوم، في ظروف تفتقر لأدنى مقومات الإيواء، وفقاً لشهود عيان من نازحي سكان المنطقة الذين وصلوا إلى مدينة الأبيض.
وأفاد الشهود، بأن الميليشيات قامت بعمليات نهب واسعة للممتلكات العامة والخاصة، وسط حال من الهلع وسط السكان المدنيين.
تدفقات النزوح
بدورها أوضحت حكومة الولاية أن عاصمتها (الأبيض)، شهدت تدفقات كبيرة من النازحين من مدن وقرى ولايتي غرب وجنوب كردفان عقب هجمات قوات "الدعم السريع" على تلك المناطق، مبيناً أن الولاية لم تتمكن من حصر عدد النازحين بسبب استمرار تدفقهم نتيجة لعمليات التهجير المستمرة التي تمارسها الميليشيات ضد السكان.
وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية عبدالمطلب عبدالعال، إن الولاية تستضيف أعداداً كبيرة من النازحين من ولايتي غرب وجنوب كردفان، وذلك بعد هجمات قوات "الدعم" على القرى والمدن التي أدت إلى تهجير السكان.
ووثقت منظمة الهجرة الدولية، في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، نزوح أكثر من 3.260 أسرة من عدة قرى في محلية بارا بشمال كردفان، اضطرت إلى النزوح من المدينة وضواحيها، بسبب تصاعد العمليات العسكرية والتدهور الأمني الذي تشهده المنطقة في الفترة الأخيرة.
استنفار واستعداد
في ظل تزايد المخاوف من هجوم محتمل من قبل قوات "الدعم السريع" على شمال السودان عقب سيطرتها على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا ومنطقة كرب التوم داخل حدود الولاية الشمالية، بحث اجتماع مشترك، أمس، بين لجنة أمن الولاية وقادة القطاعات الحربية بالفرقة 19 مشاة بمدينة مروي، بحضور رئيس المقاومة الشعبية بالولاية، ورؤساء اللجان الفرعية، تطورات الأوضاع الأمنية بمنطقة المثلث الحدودي.
درع النخيل
وأكد رئيس لجنة الاستنفار بمحلية مروي الجنيد محمد الحسن، جاهزية القوات المستنفرة وقوات درع النخيل لحماية الولاية من أي تهديدات أمنية محتملة.
أوضح الحسن، خلال الاحتفال بختام تدريب المستنفرين بالكتائب الاستراتيجية بمحلية مروي على الأسلحة الثقيلة، أن أبناء المنطقة في الصفوف الأمامية لمعركة الكرامة وينتظرون التعليمات الحربية للتقدم نحو تحرير دارفور.
وأكد مدير شرطة الولاية، مقرر لجنة الأمن اللواء محمد علي الحسن الكودابي، أن الولاية في حال استنفار واستعداد كاملين للدفاع عن حدودها وستظل عصية على وصول التمرد إليها.
الحكومة المتعثرة
سياسياً لا يزال استكمال تشكيل الحكومة الجديدة يصطدم بالخلافات حول أنصبة وحصص حركات دارفور المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا، وسط ترقب بأن تسفر تدخلات مجلس السيادة الانتقالي والاجتماعات واللقاءات المكثفة التي يجريها رئيس الوزراء كامل إدريس، لتخطي تلك العقبات.
وبحسب مصادر سياسية، يتوقع أن يصدر إدريس قرارات جديدة خلال يومين، باستكمال التعيينات المرتقبة التي تشمل عدداً مـن الحقائب الوزارية الشاغرة، حتى تتمكن الحكومة من ترتيب الشروع في تنفيذ برنامجها الانتقالي المعلن سلفاً.
ضحايا الألغام
إلى ذلك كشف مدير المركز القومي لمكافحة الألغام اللواء خالد حمدان، عن تسجيل 51 حادثة انفجار ألغام ومخلفات الحرب، أودت بـ23 شخصاً في الأقل وإصابة 51 آخرين، منذ اندلاع الصراع وحتى يونيو الماضي.
وأشار حمدان، إلى أن الحوادث سجلت في كل من ولايات الخرطوم والنيل الأزرق وشمال كردفان، مع تلقي المركز أكثر من 831 بلاغاً يتعلق بالألغام والذخائر غير المتفجرة خلال هذا العام، جرى التعامل معها باستثناء البلاغات الواردة من المناطق خارج سيطرة الجيش.
الأخطار والعودة
وتعد الألغام والأجسام غير المتفجرة إحدى أكبر الأخطار على حياة السكان مع تزايد عودتهم إلى الديار، خصوصاً في المناطق التي شهدت معارك واشتباكات عنيفة داخل الخرطوم.
أشار مدير مركز الألغام، إلى نشر 15 فريقاً للمكافحة وإزالة الأجسام الخطرة غير المتفجرة، منها سبع في ولاية الخرطوم ومثلها في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار ومدينتي الأبيض وأم روابة بشمال كردفان، وفريق آخر في كادقلي بجنوب كردفان.
موت جماعي
أممياً كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن ارتفاع كبير في حالات سوء التغذية وسط الأطفال بإقليم دارفور بنسبة بلغت 46 في المئة خلال الخمسة أشهر الأخيرة، في ظل الحاجة إلى 200 مليون دولار بصورة عاجلة لإنقاذ حياة الأطفال في السودان.
وحذرت المنظمة من خطر موت جماعي بين الأطفال مع تقدم البلاد ذروة موسم الجوع حيث تتجاوز معدلات سوء التغذية حدود الطوارئ في تسع مناطق من أصل 13 منطقة بدارفور.
التضور جوعاً
وقالت المنظمة في منشور على موقعها الرئيس على شبكة الإنترنت، أمس، "إن الأطفال في دارفور يتضورون جوعاً بسبب النزاع، ويحرمون من المساعدات التي يمكن أن تنقذ حياتهم"، معتبرة أن هذه الأرقام مرتفعة بصورة خطرة، ومن المرجح أن تزداد سوءاً ما لم يتم اتخاذ إجراءات إنسانية عاجلة، وأن اللحظة الراهنة بأنها الحاسمة بالنسبة إلى حياة الأطفال التي باتت تعتمد على ما إذا كان العالم سيختار التحرك أو غض الطرف".