12 سبتمبر 2025
11 سبتمبر 2025
يمن فريدم-فارس الجلال
عيدروس الزبيدي - عدن، (صالح العبيدي/فرانس برس)


صعّد المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، أمس الأربعاء، بقرارات أحادية قضت بتعيين مسؤولين في عدد من الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية والمحافظات اليمنية، مهدداً بفضّ الشراكة وإعلان حالة الطوارئ إذا اعتُرض على القرارات المتخذة، في ما اعتُبر تصعيداً سياسياً قد يدفع نحو فضّ الشراكة.

"الانتقالي الجنوبي" يُصعّد

وجاء تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي بعد يوم واحد من عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى العاصمة المؤقتة عدن، ومعه عضوا المجلس سلطان العرادة وعبد الله العليمي، بشكل مفاجئ. ويربط البعض ذلك بأن هذه الخطوة التي اتخذها رئيس "الانتقالي" عيدروس الزبيدي انعكاس للخلافات الجوهرية داخل مجلس القيادة الرئاسي.

وفي خطوة مفاجئة، أصدر نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي قرارات أحادية بتعيين نائب لوزير الإعلام، ووكيل لوزارة الصناعة والتجارة، ووكلاء لمحافظات عدن وشبوة والمهرة وأبين ومحافظة الضالع وسقطرى، إضافة إلى تعيين رئيس لمؤسسة الهيئة العامة لمصلحة الأراضي والتخطيط العمراني، ونواب لشركة النفط، وهي قرارات لا تتم إلا بتوافق وتصدر بقرارات جمهورية وفقاً لمسؤولين حكوميين.

يُذكر أن الأسماء والمناصب التي أصدر الزبيدي بشأنها قراراته كانت قد قُدّمت إلى مجلس القيادة والحكومة منذ مدة طويلة وفق ترشيحات المجلس، حسب اتفاق الرياض، لكنها لم تُنفّذ أو تصدر بها قرارات. مصدر سياسي في تكتل القوى والأحزاب السياسية، فضّل عدم ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد" إن عيدروس الزبيدي أصدر قرارات بتعيينات لا تتم إلا بقرارات جمهورية، منها تعيين رئيس لهيئة الأراضي ووكلاء محافظات، وذلك بعد عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وعضوي المجلس، سلطان العرادة وعبد الله العليمي، مؤكداً أنه قانونياً ليس من حق الزبيدي إصدار قرارات تعيين.

"الانتقالي" أصدر بياناً بعد قرارات الزبيدي بدا تصعيداً سياسياً في اللهجة ضد الشراكة السياسية. ونشر البيان المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي أمور التميمي، وقال فيه إن "الانتقالي" يؤكد أن "ما يتعرض له شعب الجنوب من تجاهل لحقوقه المشروعة، ومحاولات مستمرة للانتقاص من الحقوق المترتبة على شراكته السياسية، التي بدت واضحة من خلال عدد من الممارسات المرفوضة، ومنها تمكين قوى أخرى على حسابه، وتعمد عرقلة صرف رواتب موظفيه المدنيين والعسكريين، إضافة إلى عرقلة القرارات الخاصة بتمكين الكوادر الجنوبية، وتعطيل تنفيذ اتفاق الرياض 2019، وتنفيذ الالتزامات الواردة في مشاورات الرياض 2022، تمثّل كلّها استهدافاً مباشراً لجوهر الشراكة التي توافقنا عليها".

وأضاف: "إننا نعلن بوضوح أن الشراكة الحقيقية لا يمكن أن تقوم على التجاهل أو الانتقاص أو الإقصاء، وإنما على العدالة والالتزام الكامل بالحقوق غير القابلة للتجزئة أو التأخير".

وأكد أن المجلس الانتقالي "سيمضي في حماية حقوق شعبه وصيانة منجزاته وتحقيق أهدافه المشروعة"، مضيفاً: "وإننا، وبالسياق نفسه، نشيد بالدور الأخوي للتحالف العربي وجهود الدول الراعية لعملية السلام، وحرصهم على الاستماع للصوت الجنوبي والتعاطي الجاد مع قضيته باعتبارها ركناً أساسياً في معادلة الأمن والاستقرار بالمنطقة".

مجلس القيادة وتراكم الأزمات

رئيس موقع "صوت العاصمة" عادل حمران، اعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قرارات الزبيدي انعكاس لفشل مجلس القيادة الرئاسي في حلّ الأزمات والملفات التي تواجه المواطنين والبلد ككل، خصوصاً أن اتفاق الرياض نصّ على الشراكة الوطنية بين الشرعية والانتقالي، ولكن الشرعية تملّصت من تلك القرارات وتجاهلت الاتفاقات السابقة كافة، وتركت الشعب الجنوبي يعاني ويلات الجوع والفقر وقسوة الحياة".

وأشار حمران إلى أن "من غير المعقول أن يستمر الموظفون بلا رواتب أربعة أشهر متتالية والجميع يتفرّج بصمت، إضافة إلى الفساد المستشري والتدهور الاقتصادي والخلافات الداخلية، كلّ ذلك أجبر الزبيدي على إصدار قرارات أحادية بعدما نفد صبره وفشلت محاولاته كافة لإقناع قيادة الشرعية بعمل إصلاحات حقيقية في مرافق الدولة كافة".

ورأى أنه "بعدما نفد صبر الشريك الجنوبي، باتت كل خيارات التصعيد متاحة أمامه أكثر من أي وقت مضى، ولن يتراجع عنها ما دام هناك من يلعب من داخل مجلس القيادة الرئاسي بملفات كثيرة خلافاً للشراكة المتفق عليها".

وأوضح في هذا الصدد أنه "أصبحت أمام الشركاء في مجلس الرئاسة والحكومة خيارات: إما القبول بقرارات الزبيدي وشرعنتها، وإما رفض هذه القرارات ومواجهتها، وهذا بحد ذاته قد يدفع إلى تأزيم الأوضاع في البلاد ويدفع الانتقالي إلى الاستفادة من الأوراق المتوفرة لديه لتصعيد أكثر وبلهجة أكثر حدّة من التي شاهدناها"، وفق قوله.

وفي السياق، قال رئيس الهيئة السياسية للمجلس الانتقالي الجنوبي أنيس الشرفي، في تعليقه على قرارات الزبيدي عبر قناة "عدن المستقلة" التابعة للمجلس، إنه يحق للزبيدي إعلان حالة الطوارئ إن رُفضت هذه القرارات، معتبراً أن المجلس الانتقالي صاحب القوة اليوم على الأرض، فيما المجلس الرئاسي بحاجة إلى إعادة هيكلة وإصلاح.

في المقابل، اعتبر القيادي في حزب الإصلاح علي عشال، في منشور له على صفحته في فيسبوك، أنه إذا صحّت القرارات الصادرة عن الزبيدي، "فإنها تمثل خرقاً واضحاً وخطيراً، إذ لا يملك بموجب اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة أي صلاحية تخوّله إصدار مثل هذه القرارات"، مشدّداً على أن "ما جرى لا يعدّ مجرد مخالفة إجرائية، بل انتهاك صارخ للدستور والمرجعيات الوطنية الحاكمة، ومضمونه لا يخرج عن كونه إعلاناً صريحاً للانقلاب على الشرعية الدستورية وتجاوزاً لمؤسسات الدولة، بما يمسّ جوهر التوافق الوطني الذي أُسِّس عليه مجلس القيادة الرئاسي".

وبرأي عشال، فإن السكوت عن هذه التجاوزات وعدم صدور موقف واضح يبيّن بطلانها من قِبل رئيس مجلس القيادة وأعضائه، ستكون لهما عواقب وخيمة على الشرعية، ليس فقط بوصفها منظومة سياسية، بل بكونها مؤسسات دستورية معترف بها دولياً، ويمثل ذلك تهديداً مباشراً للشرعية أمام العالم الذي تعامل معها بوصفها الممثل الرسمي للدولة اليمنية.

وأضاف أنّ "هذه القضية لا تنحصر في الداخل فقط، بل تمسّ أيضاً الأشقاء الذين كان لهم الدور الأكبر في هندسة صيغة الشرعية في إطار مجلس قيادي، ورعاية إعلان نقل السلطة، وضمان التزام تنفيذه، وإذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لوقف هذا العبث، فإن الأمر سيتحوّل إلى طعنة قاتلة لجسد الشرعية، وانقلاب صريح على التزامات دولية وإقليمية ارتضاها الجميع"، وفق تحذيره.

(العربي الجديد)

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI