19 نوفمبر 2025
16 نوفمبر 2025
يمن فريدم-أحمد الأغبري


قالت جماعة "نداء السلام" اليمنيّة، إن الأحزاب والمكونات السياسية لم تتفاعل في مناقشة ما أرسلته إليها؛ ممثلة في رؤيتها للتوافق الوطني. ما يمكن قراءته في عدم تفاعل الأحزاب والمكونات السياسية اليمنيّة مع الرؤية التي وضعتها الجماعة للتوافق الوطني المنشود، هو أن الأحزاب، ربما، ما زالت تنظر إلى أن الطريق ما زال طويلًا أمام تحقيق السلام، وقبل ذلك، ما زال طويلًا أمام الوصول إلى توافق وطني؛ وهذا مؤشر يثير الكثير من القلق؛ لأن الأحزاب عندما تفقد الأمل فإن الواقع سيبدو مخيفًا وموحشًا أكثر مما ينظر إليه المواطن؛ لأن الأحزاب منوط بها اجتراح الحلول ورفع راية الأمل باعتبارها تمتلك رصيدًا من التراكم السياسي يؤهلها لرؤية ما لا يراه المواطن في الأفق العام.

ومثل هذا التوصيف ربما يُحيلنا إلى طرح مؤسف، وهو أن الأحزاب في اليمن قد لا ترى ضوءًا في آخر النفق؛ ما يعني أن البلاد مقبلة على مرحلة أخرى من التوحش، وقبل هذا وذاك، وفي حال افترضنا ذلك، فهذه الأحزاب معنية قبل الجميع، في حال كانت تنظر للواقع اليمني بهذه الرؤية المعتمة، أن تفكر مليًا في اجتراح ما يتجاوز بالبلد استئناف الاقتتال إلى الوصول بالسفينة اليمنيّة إلى بر التوافق وتحقيق الأهداف التي ينشدها اليمنيون من دولة الرفاه المستقلة؛ ما يعني أن عدم تفاعل الأحزاب اليمنيّة مع رؤية جماعة نداء السلام، في حال وصلتهم، يحسب عليها؛ لاسيما وأن الرؤية ما زالت مجرد أفكار قابلة للقبول والرفض والتطوير والإضافة والحذف.

ترى جماعة "نداء السلام" أن "ما تضمنته الرؤية من أفكار تستحق النقاش في هذه الظروف الصعبة المعقدة، التي يمر بها اليمن والوطن العربي والعالم، والتي تقتضي المبادرة من الجميع إلى فتح أبواب الحوار الجاد لتحقيق التوافق الوطني، والشروع في بناء الدولة اليمنية الواحدة القائمة على أساس الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية، والتبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات".

وقالت الجماعة: "إنه نظرا لعدم تفاعل الأحزاب بشأنها فقد عمدت الجماعة لمناقشتها مع مجموعة من الشباب الحزبيين، وانتهى النقاش إلى ضرورة توجيهها للأحزاب مرة ثانية".

ودعت الجماعة للانتقال من المناورات السياسية قصيرة النظر محدودة الأفق إلى العمل الوطني البناء، فنتصالح مع أنفسنا، ومع شعبنا، ومع تاريخنا، ونحافظ على وحدة وطننا، واستقلاله، وسلامة أراضيه، ونقيم علاقات تعاون ندي، واحترام متبادل مع دول الإقليم ومع دول العالم، ونتوجه نحو المستقبل.

وترى الجماعة أن برنامج الحد الأدنى المقترح ينطلق من أسس هي بمثابة مسلمات أهمها: "نحن شعب واحد ننتمي إلى وطن واحد يتسع للجميع. ونحن بشر نجتهد ونخطئ ونصيب، ومن الحكمة أن نصحح أخطاءنا عندما نخطئ. نحن مواطنون، نتساوى بهذه الصفة في الحقوق والواجبات. والخارج لا يمكن أن يكون أحرص منا على وطننا وأمننا واستقرارنا وتقدمنا وازدهارنا؛ وهذه حقيقة نبني عليها علاقتنا بعضنا ببعض، على أسس من التعايش والتكاتف والتعاون، ونبني على أساسها علاقتنا بكل الدول في الإقليم والعالم على أسس من الندية والاحترام المتبادل ومراعاة المصالح المشتركة".

وطبقًا لرؤية الجماعة؛ فأن الدولة الأنسب لليمنيين هي الدولة المدنية الحديثة "أي دولة كل اليمنيين، دول المؤسسات الراسخة التي يحكمها الدستور والقانون، دولة العدل والمساواة، والشراكة الوطنية، والتبادل السلمي للسلطة، دولة الخدمات الشاملة"، مؤكدة على الأخذ "بالنظام البرلماني، وهو النظام الذي تكون فيه الحكومة هي السلطة التنفيذية الوحيدة؛ وتكون مسؤولة أمام البرلمان، لا أمام رئيس الدولة".

وتؤكد رؤية "نداء السلام"، "أهمية الفصل بين السلطات، والمحافظة على وحدة المجتمع بمختلف عناصره وحشد طاقاته، والاهتمام الحقيقي بالعلم والعلماء والمبدعين، والاهتمام بالإنسان، والتسليم بدور الدولة كممثل للمجتمع في التخطيط العام للتنمية الشاملة، وتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية، بما يعنيه هذا المبدأ من توفير الضمانات الاجتماعية لجميع المواطنين، والمساوة في الحقوق والواجبات".

كما تؤكد "على احترام قيمة العمل، واعتبارها مصدر القيم، واشراك الشعب في إدارة شأنه العام، من خلال إدارة محلية منتخبة".

وقالت: "وللمضي في هذا الطريق لابد أولًا من التوافق على تشكيل لجنة من شخصيات وطنية مختارة تباشر الإعداد لعقد مؤتمر حوار وتصالح وطني هدفه وضع أسس بناء الدولة اليمنيّة، ويتم فيه التوافق على خريطة طريق ذات بنود محددة وواضحة ومزمنة". وتضمنت الرؤية 12 نقطة لخريطة الطريق المشار إليها.

استطلعنا رأي أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني، عبدالله عوبل، فقال متحدثًا لـ"القدس العربي": "بشأن مبادرة جماعة نداء السلام: أولًا: أعبّر عن تقديري البالغ باسم زملائي قيادات وأعضاء حزب التجمع الوحدوي اليمني لجماعة نداء السلام وجهودها المستمرة منذ بداية الحرب، وتقديمها للمبادرات التي تساعد على إنهاء الحرب والحوار والمصالحة الوطنية. كما أن الشخصيات التي تقود هذا العمل الوطني المهم مشهود لها بالنزاهة والكفاءة ونكران الذات".

وأضاف: "ثانيًا؛ أود الثناء على هذه المبادرة بعد مرور عقد كامل من الحرب المدمرة، التي يعاني المواطنون من آثارها، كالفقر والمجاعة وخراب الدولة ومؤسساتها، وحرمان الناس من الخدمات الضرورية والراتب؛ وهي الكارثة التي لم تحدث في التاريخ الحديث سوى في يمن الايمان والحكمة".

وتابع: "ثالثًا؛ أرى أن هذه المبادرة جيدة في معظم بنودها، وتصلح قاعدة لحوار وطني لا يستثني أحدا. وهي إن وجّهت للأحزاب والكيانات السياسية والاجتماعية فإنها صالحة لنقاش مجتمعي واسع. وهنا أعبّر عن تأييدي لهذه المبادرة بعد أن يُعاد بناء مضامينها وفقا لحوار وطني مسؤول".

واستطرد أمين عام حزب التجمع الوحدوي اليمني: "هنا أود أن أطرح ملاحظاتي الأولية على هذه المبادرة. أولًا: رغم كل الجهد والوضوح في هذه الرؤية، إلا إنها أغفلت مخرجات الحوار الوطني، ولم تتكامل معها، أو تتصدى للتغيرات التي طرأت بسبب الحرب بعد مؤتمر الحوار الوطني. ومخرجات الحوار الوطني صارت واحدة من المرجعيات التي يعترف بها العالم، كما أنها شكلت توافقًا يمنيًا للمرة الأولى في تاريخ اليمن الحديث. ثانيًا: استثنت الرؤية المبادرة الخليجية، رغم كل ملاحظاتنا عليها، لكنها كانت أداة فعالة لإدارة البلاد بعد 2011".

وقال عوبل "إن الرؤية الحالية قد استبعدت مشروع الدستور، وكان يمكن إعادة النظر في بعض مواده، التي لم تُعد مناسبة بسبب نتائج الحرب اللعينة".

وأضاف: "ثالثًا؛ الحديث عن الحكم المحلي ومحافظات يعني إعادة إنتاج الدولة الاندماجية، التي تضيع فيها حقوق الأطراف والقوى والمناطق الضعيفة. ورغم إن توافقًا عامًا قد تأسس حتى قبل الحرب بأن الدولة الاندماجية بالتجربة لم تعد صالحة لليمنيين. رابعًا: هذا يقودنا للحديث عن الفيدرالية. والمبررات التي أوردتها الرؤية غير مقنعة ولا يؤيدها واقع. أليست الهند وأثيوبيا دول متعددة الإثنيات واللغات؟ لماذا لم يحدث فيها انفصال؟ الأصل في الصراعات الداخلية وتحارب الانفصال هو بسبب عدم وجود العدالة الاجتماعية، واستئثار أطراف في الحكم بالثروة والسلطة معا. إن الفيدرالية هي الأداة الناجعة للتوزيع العادل للثروة والسلطة".

(القدس العربي)
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI