16 يوليو 2024
5 ديسمبر 2022
يمن فريدم-خاص-صفاء السداوي

 

يعتبر التأمين الصحي لكل فئات المجتمع مهما للغاية يتجلى بوضوح من خلال السياسات العامة والأنظمة الصحية التي تتبناها الجهات الرسمية، لما له من انعكاس ايجابي على الحالة الصحية للجميع.

 

وتزداد أهمية التأمين الصحي حين يجري الحديث عن فئة معينة من المجتمع، وهم فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين تشدد كل الاتفاقيات المحلية والدولية على ضرورة أن تولي كل جهة معنية الاهتمام بهذه الفئة التي تحتاج لدعم كبير على كافة المستويات، إلا أن ذلك في اليمن يختلف كثيرا، فهذه الفئة تعاني من جملة مشاكل ومعوقات كثيرة تشكل تحديا أمامهم، خاصة أنهم أكثر احتياجا للتأمين الصحي لمواجهة المشاكل الصحية التي يعانون منها، كحق أساسي تلتزم به كل جهة مسؤولة.

 

يعاني ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن الحرمان من التأمين الصحي، ومن حصلوا عليه لم يشمل كل ما يريدونه من احتياجاتهم الصحية، ولم تقدم لهم تسهيلات كافية للتخفيف مما يعانون منه في ظل وضعهم الصحي الاستثنائي.

 

مساعدات ضئيلة

 

الطفلة نور (6 سنوات) واحدة من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، تعاني من عيب خلقي في المثانة ولا تستطيع ممارسة حياتها بشكل طبيعي وتعاني صعوبة في دخول دورة المياه، تحتاج نور للعلاج لتصحيح العيب الخلقي، إلا أنها إذا أرادت مساعدة ينبغي عليها متابعة "صندوق المعاقين" في صنعاء، وذاك يستغرق فترة زمنية طويلة، وحين تحصل على أمر بالصرف، يتم صرف لها مبلغ محدد لا يتجاوز ربع القيمة الاجمالية للعملية والعلاج.

 

لجأت أسرة الطفلة نور، وبسبب المعاملات والتأخير لبيع مجوهراتها لاقتراض المال وإجراء عملية لابنتها حتى لا تتدهور صحتها، وتسرد والدة نور أن تكلفة الرعاية المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة مرتفعة، وإذا وجدت تلك المساعدة تكون بنسبة ضئيلة جدا وعرقلة عند المعاملة لأخذ هذه المساعدة التي لا تتجاوز ربع تكلفة العلاج وعندما لا تطبق الدولة التأمين على ارض الواقع تزيد الحمل على الأهل.

 

وتقول في حديثها لـ " يمن فريدم" إنهم يطالبون بتأمين ذوي الاحتياجات الخاصة لان تكلفة الخدمات التي يوفرونها لأولادهم ويحتاجها الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة باهظة جدا مثل المعاينات والأدوية وغيرها من احتياجاتهم الطبية والطبيعية".

 

مراكز طبية بعيدة عن المرضى

 

والدة مشير (من ذوي الاحتياجات الخاصة) أبدت استيائها من بُعد مراكز العلاج عن منزلها، وتقول إن العلاج الطبيعي يتوفر فقط في المستشفيات ومركز الأطراف التابع لوزارة الصحة ويصعب عليهم الذهاب إلى المستشفى أو المركز وذلك لبعد منزلها، بسبب ارتفاع أجور النقل.

 

تحتاج والدة مشير حضور طبيب العلاج الطبيعي إلى منزلها ليخفف عنها عناء التنقل للمركز البعيد عن منزلها، وتذكر أنها عندما حاولت إحضاره للمنزل لمعالجة ابنها "مشير" كلفها ذلك الكثير من المال، وهو ما أخبرها به الطبيب المعالج الذي يتقاضى على الجلسة الواحدة من 5-7 آلاف ريال يمني.

 

 تمنت والدة مشير أن يكون هناك تأمين صحي كي يساعدها في علاج ابنها والعمل على تسهيل العلاج الطبيعي بإنشاء مراكز مختصة بأكثر من مكان حتى يسهّل لهم الوصول للعلاج ومعاملة الصندوق الروتينية التي تطول حتى تحصل على مبلغ يسد بعض الاحتياجات.

 

التأمين ضرورة لذوي الاحتياجات الخاصة

 

الطفلة بيان (تعاني من متلازمة داون) ترجو والدتها أن يهتم صندوق المعاقين بمساعدة وزارة الصحة بصنعاء على الكشف المبكر عن الإعاقات في مراكز الطفولة والأمومة والمستشفيات وبرامج التشخيص الشامل متعدد التخصصات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير البرامج التي تحول دون تفاقم إعاقتهم وما يصاحبها من أمراض، وتوفير برامج العلاج لهم، وترى أن التأمين الصحي نوع من الأمان الذي يقدم لهم.

 

مديرة "جمعية ومركز تنمية ذوي الاحتياجات الخاصة"، أحلام السروري، رأت أنه من الضروري أن تكون هناك تسهيلات لهذه الفئة، وتقول إن بعض المراكز والمؤسسات الصحية الحكومية لا توجد في إجراءات مسيرة للحد من معاناة الأهالي خلال متابعة صحة أبنائهم.

 

وتضيف السروري: " هذه الفئة يكونوا أقل مناعة وصحة دون المستوى ويجب على الصندوق وضع بصمته تجاه هذه الفئة المهضومة مجتمعيا بتوفير التأمين الصحي لهم، فهذا أقل شيء من الضروري يقدمه الصندوق لذوي الاعاقة كنوع من الأمان".

 

ورش عمل لم تر النور

 

تكثر الورش وتوقع الكثير من الاتفاقيات وكلها  تتحدث عما يأمله ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن ذلك لم يترجم للواقع ويحسن الخدمات المقدمة لهذه الفئة المحرومة من أبسط الحقوق، وتقول لنا في هذه الجزئية، سكرتارية مركز تنمية، ايمان أبو هادي "انها حضرت ورشة تابعة لصندوق المعاقين في نهاية العام الفائت وطالب فيها مع مسؤولي المراكز والجمعيات لذوي الاعاقات بتأمين صحي دون استثناء وإمكانية وصولهم بيسرٍ إلى المستشفيات والمراكز الطبية، وإلزام المستشفيات غير الحكومية، ولكن هذا المطلب لم يرى النور بعد ولم يتم الاتفاق علية نهائيا".

 

مطالبات بسن قانون

 

تطالب أم خالد أن يكون هناك قانون يضمن لذوي الاحتياجات الخاصة الحق في الرعاية الصحية، ويكون هذا القانون ملزما لكل الجهات الرسمية والمؤسسات الصحية خاصة تلك التي تهتم بهذا الفئة من المجتمع.

 

وتشكو أم خالد من تأخر اليمن في سن تشريعات وقوانين تضمن لكل فئات ذوي الاحتياجات كافة الحقوق الأساسية، مؤكدة أن ابنها خالد مصاب بالتوحد وشحنات كهربائية في الدماغ ويحتاج للأدوية وثمنها غالي ولا تستطيع توفير سعرها بسبب الظروف التي تمر بها، فهي تعيش وضع مادي مزري، وتقول: " انا أرملة واعتني بأربعة أطفال ورواتبنا متوقفة بسبب الأزمة والحصار الذي نعانيه بسبب الحرب والوزارة لا توفر لنا الأدوية وصندوق المعاقين عندما نتابعه لأسابيع وشهور لا يصرفون لك الدواء الا إذا تعالجت في ذات المستشفى".

 

وتأمل أم خالد فقط الحصول على " بطاقة التأمين الصحي"، كي تتمكن من معالجة ولدها دون أية معوقات سواء في المستشفيات أو المراكز المتخصصة.

 

محمد الحرثي، مترجم الاشارة لفئة الصم والبكم، كان له رأيا آخر يتعلق بالخدمات التي تقدمها بعض المستشفيات، ويؤكد:" الصندوق متعاقد مع بعض المستشفيات اللي يتم ارسال أي معاق مسجل في الصندوق إلى أي مستشفى متعاقد معه ويقوم الصندوق بالدفع نيابة عن المعاق المرسل من قبل الصندوق للمستشفى".

 

 ويشير الحرثي: " بعض المستشفيات يقدون أعمال خيرية ومنها معالجة المعاقين مجانا لفترة معينة او يعطوهم تامين صحي بنسبه معينة، وفي البداية يجب ان نقنع إدارة المستشفيات على تسجيل ذوي الإعاقة ضمن التامين الصحي ويأخذون العلاج اللازم لهم في المستشفى".

 

 ويشرح الحرثي أنه قام مع فريق بمحاولة تسجيل ذوي الاعاقة في التأمين الصحي في بعض المستشفيات وكانت النتيجة ايجابية وتجاوبت معهم القليل من المستشفيات مقابل اشهار المستشفى والترويج له، ولا يراه تأمين شامل وإنما تعاقد المستشفيات المتعاونة مع الصندوق والمستشفيات الخاصة.

 

تأمين صحي لذوي الاعاقة يحتاج ميزانية طائلة

 

حنان الثور مديرة الرعاية التعليمية لدى صندوق وتأهيل المعاقين في صنعاء، ترى أن "الصندوق يعمل جاهدا في توفير الرعاية الصحية وغيرها من الرعاية المطلوبة لجميع ذوي الاعاقة دون استثناء.

 

وفي محاولة لإيجاد تأمين صحي لذوي الاحتياجات الخاصة قالت حنان الثور إن الصندوق وقّع اتفاقية مع شركتي تأمين صحي في صنعاء إلا أن الشركتين كانت لها طلبات فاقت قدرات الصندوق، مما جعله يخصص مبلغ مالي شهريا للمعاقين مع تحديد سقف محدد كمساعدات طبية تشمل (الفحوصات والعلاج)، وتواصل في حديثها:" وإن احتاج المعاقين عمليات ضمن السقف المحدود لا يتجاوزه أي مبلغ آخر".

 

وتوضح مديرة الرعاية عن إجراءات المساعدات المالية لذوي الاحتياجات لتغطية نفقات العلاج وفقا للسقف المتاح: " عندما يأتي ولي أمر المريض من ذوي الاعاقة بتقرير طبي يتطلب مساعدة علاجية للمريض يقوم الصندوق بعرض الحالة على اللجنة الطبية التابعة للصندوق لتأكيد الحاجة من المريض للعلاج وأخذ المساعدة الطبية المخصصة من الصندوق".

 

وتشر إلى أن فكرة التأمين الصحي لكل حالة يأخذ مبالغ طائلة تفوق ميزانية الصندوق، مؤكدة أن الصندوق يقدم خدمات عديدة لذوي الاحتياجات الخاصة بجميع الفئات دون استثناء ومازال مستمر في تقديم الخدمات والرعاية رغم الحرب.

 

ويظل التأمين الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن حق أساسي يأمل الجميع لتذليل الصعوبات وتخفيف عبء التكاليف التي تثقل كاهل أهاليهم، وذلك يتطلب الكثير من الجهود من تلك المؤسسات الرسمية وغير الرسمية الخاصة برعاية هذه الفئة الأشد احتياجات للخدمات، ويعد هذا المطلب بمثابة أمان لهم لا يريدون أن يفقدوه في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد.

 

ويتزامن هذا مع اليوم العالمي لذوي الإعاقة، الذي تعتبره الأمم المتحدة انطلاقة مهمة لمحاولة ادماج هذه الفئة في المجتمع وتحظي بالرعاية والاهتمام والتنمية وفرصة العالم وحقوق أخرى.

 

لدى الأمم المتحدة استراتيجية تؤكد من خلالها العمل الكامل والتام لحقوق الإنسان لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة، وبما يتوافق مع حقيقة أن ذلك هو جزء لا يتجزأ من جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI